رداً على مقال الدكتور طه حسين المنشور في جريدة «الوطن» بتاريخ 10 -12- 1446 ه الموافق 6 يونيو 2025 بعنوان "الحياة في جزيرة العرب". نعم، صدقت حين وصفت جزيرة العرب بتعدديتها وتباينها، وتلك العزلة بين أقاليمها، وكأنها فسيفساء مقطعة الأوصال، لكن الزمان دار، والواقع تغير، والعرب– وبخاصة في الخليج– انتقلوا من الماضي المتشظي إلى حاضر مزدهر يليق بتاريخهم المجيد. المملكة العربية السعودية: من صحراء الأمس إلى معجزة الحاضر! في قلب جزيرة العرب التي وصفتها– يا دكتور طه– بأنها «تكاد تكون كما كانت في الجاهلية»، نهضت المملكة العربية السعودية نهضة عظيمة شاملة، فلا غرابة وهي حاضنة قبلة المسلمين، فقد أصبحت مركزًا عالميًا في السياسة والاقتصاد والأمن والتطور التقني والذكاء الاصطناعي. الملك عبدالعزيز آل سعود هو الموحد الباني، وقائد أعظم ملحمة توحيد في التاريخ الحديث! ولد عام 1876م، واستعاد الرياض عام 1902م، ومنها بدأ رحلته الملحمية لتوحيد شتات الجزيرة العربية تحت راية واحدة، حتى أعلن في عام 1932م توحيد المملكة العربية السعودية. جمع بين الشجاعة السياسية والحكمة، وبين الإيمان بالدين والرؤية المستقبلية، ووضع الأساس لدولة حديثة وقوية... دولة تُحكم بالشريعة وتواكب العالم. الملك عبدالعزيز هو الماضي العريق الذي أهدانا حاضرًا مشرفًا ومستقبلًا واعدًا، وجاء من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله الذين أكملوا ما بدأه والدهم من بناء الدولة والعمل على ازدهار شعبها وأرضها، وصولًا إلى العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. لم تعد المملكة العربية السعودية في «انعزال عن العالم» مثلما وصفها طه حسين! فالسعودية تتصدر الآن عناوين نشرات الأخبار العالمية، هي عضو مجموعة العشرين G20 ورئيسة إحدى الدورات السابقة، ومركزًا مهمًا للحوارات السياسية، وهي أكبر مدافع عن فلسطين وشعبه ضد الاحتلال الصهيوني. تستضيف أكبر المؤتمرات العالمية في الاقتصاد والاستثمار والذكاء الاصطناعي، والبيئة! لم يسعفك الوقت يا دكتور طه، لتبهرك رؤية 2030، الرؤية التي قلبت المعادلة، رؤية طموحة أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2016، بهدف: تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط. تحويل السعودية إلى قوة استثمارية وسياحية عالمية. تمكين الشباب والمرأة. رؤية تحولت إلى واقع يومي نعيشه! مشاريع ضخمة تغير وجه الجزيرة العربية أطلقتها رؤية 2030 «نيوم – مدينة المستقبل مشروع بمساحة بلجيكا! تعتمد على الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة. 'ذا لاين' دون سيارات أو شوارع! القدية مدينة ترفيهية أكبر من ديزني لاند! تركز على الرياضة، الثقافة، والفنون. مشروع البحر الأحمر (وجهة سياحية عالمية) منتجعات فاخرة بيئية تحافظ على الحياة البحرية. مشروع المربع، مشروع مطار الملك سلمان وغيرها كثير مما يصعب حصره في هذه العجالة. تمكين المرأة والشباب، المرأة تدير الشركات، وتشارك في الحياة العامة إلى جانب شقيقها الرجل. الشباب يقود التغيير، في ريادة الأعمال، والابتكار، وحتى في تمثيل السعودية خارجيًا. في التعليم والتقنية جامعات سعودية ضمن الأفضل عالميًا. استثمارات ضخمة في التعليم الرقمي والبحث العلمي. السعودية أصبحت رقماً صعباً في السياسة الدولية وعضواً فعالاً في مجموعة العشرين، ووسيطاً في ملفات السلام والطاقة. علاقات متوازنة مع الشرق والغرب، بحكمة وقوة، لتبقى السعودية قلب العالم الإسلامي، بخدمتها للحرمين الشريفين، والحجاج والمعتمرين. السعودية تقود اليوم اقتصاد المنطقة، صندوق الاستثمارات العامة أضحى من الأكبر عالميًا، تطور في التجارة الإلكترونية، الصناعات العسكرية، الطاقة المتجددة. يا دكتور طه، كنت ترى في بلاد العرب التباين والانقسام، والعزلة... آه لوكنت هنا اليوم، لترى ما وصلت إليه، حيث أصبحت مهوى أفئدة العالم! السعودية اليوم نموذج حي لاندماج الحداثة مع الأصالة، للتنوع مع الثبات، وللبداوة التي تحولت إلى حضارة رقمية. وطن يقود المنطقة... وينافس دول العالم في كل مجال.