ليس من السهل أن تكتب عن " ريانة برناوي" ، دون أن يجذبك بريق إنجازاتها، سواء في الأرض أو على الفضاء، كأنها تغزل نجوم السماء بين أصابعها. تلك الأرقام التي تتقن الحديث عن كم قُطِعت من المسافات، وكم طافت حول الأرض، لكن الأهم - كما علّمنا الكبار في الصحافة - ليس الأرقام وإنما الإنسان، والإنسان في حالة ريانة برناوي قصة حكاية، وأبعد ما تكون عن الأرقام. ريانة ليست فقط تلك الفتاة التي كتبت اسمها في دفتر الفضاء وأغلقت الكتاب إنها تلك التي أعادت تعريف الطموح لنساء العالم العربي كله، هي ابنة الحلم، والآن صارت أملًا لعالمٍ يحاول جاهدًا أن يُنصت لصوت النساء. في حديثها وضحكتها وإصرارها لم تكن تقول: «أنا رائدة فضاء» وإنما تقول: «أنا امرأة تؤمن بأن لا حدود للحلم» نعم، هذا هو سرّها، فهي لم تعبر إلى الفضاء لتثبت أن السعودية قادرة على إرسال رائدة فضاء، وإنما لتقول: «نحن - النساء - لسنا ضيفات على هذا الكوكب، نحن من صانعاته، ومكتشفاته». كثيرون منّا رأوا صورتها وهي تطفو في المركبة يلوّح شعرها مع انعدام الجاذبية، وتبتسم وكأنها تشكر الكون على أن أعطاها فرصة لترى الأرض من زاوية أخرى، هذه الصورة ليست مجرد لقطة، وإنما تصريح من امرأة شابة تقول لكل من ينظر: «كونوا كما أنتم، دون أن تتوقفوا عن الطموح». قد لا تعرف ريانة أو ربما تعرف أنها الآن ليست فقط رمزًا للفضاء وإنما رمز لفكرة أن المرأة لا تحتاج إلى أن تعتذر عن شغفها، عن علمها، عن طموحها، هي الآن تمثّل آلاف الفتيات العربيات اللواتي يحلمن بأحلام صعبة، ويجدن في كل صباح من يقول لهن: «مكانك المطبخ»، لكنها تطل من محطة الفضاء الدولية لتقول: «مكانكن الفضاء». وأظن - في سريرة نفسي - أن ريانة لم تنطلق من الأرض إلى السماء فقط، وإنما انطلقت من فكرة إلى فكرة، من خوف إلى أمل، ومن سؤال إلى جواب، ختامًا أنت يا ريانة لست مجرد «أول» رائدة فضاء سعودية وإنما درسٌ في الإيمان بالنفس، في الصعود، وفي الإصرار على أن السماء ليست حدًا وإنما بداية.