مايكروسوفت: انقطاعات في كابلات بالبحر الأحمر قد تؤثر في خدمة (أزور)    إقامة صلاة الخسوف في مساجد المملكة تزامنًا مع خسوف القمر الكلي مساء الأحد    الأمير سعود بن نهار يتوّج الملاّك الفائزين بكؤوس فئة "اللقايا" ضمن مهرجان ولي العهد للهجن    اشتعال حرائق غابات جديدة في البرتغال وإسبانيا    أمطار رعدية غزيرة على مناطق بالمملكة والأرصاد تحذر من جريان السيول    300 ألف وفاة سنوياً باللوكيميا.. وحملات سبتمبر ترفع الوعي العالمي    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تدشن نظام "بلاك بورد ألترا"    الأهلي يدعم وسطه بالفرنسي أتانجانا    جولف السعودية يدعم بطولة أرامكو هيوستن في سلسلة PIF العالمية    القيادة تعزي رئيس البرتغال في ضحايا حادث انحراف قطار جبلي عن مساره    معدلات قياسية تجاوزت المستهدف.. السعودية..1.4 تريليون ريال استثمارات محلية وأجنبية    6 حالات لا يحتسب فيها المشروع خبرة ل «المقاول»    مبابي يعادل رقم هنري ويهدد صدارة جيرو    إيقاف سواريز 6 مباريات    17 منتخباً إلى المونديال.. والمغرب ثاني العرب بعد الأردن    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 121 خريجًا من الدورة التأهيلية ال54 للضباط الجامعيين    تصاعد ضحايا المجاعة إلى 382 شخصاً.. الاحتلال يدمر أبراجاً سكنية في غزة    الشهري إلى الرابعة عشرة    1400 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    أفراح وهيب    بعد خطة للجيش لتنفيذ خارطة طريق أمريكية.. حزب الله يرفض نزع سلاحه    «المجهولة».. فيلم سعودي بمهرجان تورونتو الدولي    «الجوهر ولمنور» يحييان ليلة طربية بجدة    تقديراً لجهودها في مهرجان التراث والحرف.. محافظ بني حسن يكرم اللجنة الاستشارية    بناء على مقترح قدمته السعودية.. الأمم المتحدة تقر استئناف مؤتمر حل الدولتين    مراهقة تسافر عبر الزمن ذهنيا    رشقات غير مرئية تمهّد للبرق    مصر تتصدر عالميًا بالولادات القيصرية    3 دقائق تكشف ألزهايمر    السفر للفضاء يسرع شيخوخة الخلايا    السعودية في صدارة صفقات الدمج والاستحواذ    تقلبات حادة بسوق الأسهم    فهد بن سعد يطلع على تقرير أمن المنشآت بالقصيم    اليوم الوطني.. عزّنا بطبعنا    تخريج الدورة التأهيلية للضباط الجامعيين ودورة بكالوريوس العلوم الأمنية بالرياض    كانسيلو: مرتاح مع الهلال.. واللعب في السعودية ليس سهلاً    عبادي يسرد القصة ولمنور تطرب في جدة    مكتبة الملك فهد بجدة.. صرح ثقافي بارز    "الإسلامية" تستعرض تطبيقاتها الرقمية في موسكو    خطيب المسجد الحرام: الحسد داء خطير وشر مُستطير    مشروعات عصرية عملاقة بمكة المكرمة تتجاوز صلابة جبالها    بشراكة مع Veeam: «كلية البترجي الطبية» تُسرّع نموها العالمي بتحقيق استعادة للبيانات أسرع بنسبة 80 %    الانهيار الأرضي المميت غربي السودان.. «الناس فقدوا كل شيء»    28% من الاستثمار الأجنبي بالصناعات التحويلية    ضبط شخص في عسير لترويجه (1,391) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    خسوف القمر بين الرؤية الفلكية والتأصيل والتدبر    الأخضر يواصل استعداده للقاء التشيك بمشاركة سالم والجهني    تهجير قسري جديد تحت غطاء المناطق الإنسانية في غزة    المملكة تشارك في منتدى أمبروزيتي    المزارع الوقفية حلقة نقاش لتعزيز التنمية المستدامة    المعتذرون والمغفرة    تفاعلًا مع مبادرة ولي العهد "كشافة مجمع الشريعة الثانوي" يشاركون في حملة التبرع بالدم    الإعلان عن علاج جديد لارتفاع ضغط الدم خلال مؤتمر طبي بالخبر    إلا إذا.. إلا إذا    إدراج منهج الإسعافات الأولية للمرحلة الثانوية لتعزيز مهارات السلامة    حين تتحول المواساة إلى مأساة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العزلة الرقمية والإنسان الحاضر الغائب
نشر في الوطن يوم 16 - 02 - 2025

يتساءل الكاتب البريطاني أستاذ التاريخ الاجتماعي ديفيد فينست في كتابه «تاريخ العزلة»، لماذا أصبحت العزلة الاختيارية والانفصال عن العالم إحدى سمات العصر؟ في حين في العصور السابقة كان وجود الإنسان منفرداً يعد انحرافاً سلوكياً.
ترى المؤرخة البريطانية فاي باوند آلبرتي أن ذلك يعود إلى نمط الحياة الحديثة والثورة الرقمية حيث يستطيع الإنسان وهو في منزله أداء كل التزاماته، إنها عزلة تفاعلية جسدية وليست عزلة فكرية بمعنى أن تكون غائبا وحاضراً في الوقت نفسه.
وإن كان ذلك يعود في تصوري إلى استخدام التقنية الحديثة لتلبية الاحتياجات، والتحرر نسبياً من الروابط الاجتماعية، بعد أن أخذت التكنولوجيا مكان التواصل الإنساني.
فبرغم تزايد المخاوف في المجتمعات الحديثة، من تصاعد العزلة بسبب التقنيات الرقمية، فإن العزلة الرقمية لا تفضي إلى الشعور بالوحدة، وتكوين الصداقات والروابط الاجتماعية.
في أواخر القرن العشرين حدث تحول كبير نحو العزلة الفكرية والجسدية والانكماش والارتجاع الانتقائي في العلاقات الشخصية، عن طريق الانسحاب الممنهج في العلاقات الاجتماعية والانفتاح على مجتمعات العزلة. فبعض الراغبين في تمثل «ثقافة العزلة» يكتفون بدرجة محدودة، بالانخراط في العلاقات الاجتماعية، بسبب رغبتهم الخاصة في الإبقاء على بعض العلاقات التي تخدم مصالحهم، وفي هذه الحالة يكون الفرد الانطوائي غير راغب في الانفصال عن جزء من علاقاته المفضية إلى مصالحه، وفي الوقت نفسه غير قادر على الاندماج في المجتمع. فالارتجاع في العلاقات الشخصية يعود إلى الضغوط النفسية الناتجة عن توسع وتنوع وتداخل وتشعب العلاقات الشخصية، التي تقع خارج إطار العلاقات المنسجمة، ومعالجتها من خلال ما يعرف بآلية تخفيف الضغوط في العلاقات الشخصية، عن طريق برمجة العلاقات بالتحاشي المقصود. وإن كنت أعتقد أن العزلة بمفهومها الاختياري لم تعد عملية في زمن العولمة والقنوات الفضائية وتقنيات التواصل الاجتماعي والابتكارات التقنية المتتالية.
فمجتمع ما بعد الحداثة الذي يتفرع منه العالم الافتراضي، أحال التواصل الاجتماعي إلى تيار اجتماعي عالمي، وعزز الشعور بالذاتية، ما يفضي إلى وجود علاقة ما بين العالم الرقمي والعزلة، فكلما زادت الحاجة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي زادت الحاجة إلى العزلة الجسدية، ولذلك تعد العزلة الرقمية أكبر مظاهر هذا العصر في ما يعرف عند العلماء النفسانيين بالزمن الانطوائي.
وعلى أثر ذلك تراجعت العلاقات الاجتماعية التقليدية، مقابل تصاعد العلاقات الافتراضية، التي أفضت إلى عولمة العلاقات، والتي انتقلت فيها العلاقات من النطاق التقليدي المجتمعي إلى المجتمع الافتراضي المتعدد الثقافات والأجناس واللغات والصداقات.
وتشير التوقعات إلى أن سكان العالم سيصلون عام 2026 إلى أكثر من ثمانية مليارات نسمة، ولذلك فمن المتوقع أن يكون من بين هؤلاء نحو ثلاثة مليارات يستخدمون شبكة الإنترنت حيث تتصاعد معه الهويات الافتراضية، التي سيترتب عليها تزايد الاغتراب الاجتماعي، التي تعني عمليا أحد مظاهر العزلة.
وإن كنا نحتاج إلى العزلة في بعض الأحيان لنقترب من أنفسنا أكثر، فعندما ننظر إلى العزلة فلسفيا نجد أنها المأوى الحقيقي لحالات الاستغراق في التأمل واكتشاف الذات.
فالمفكر الروسي نيقولاي ألكسندر روفتش الذي تقوم فلسفته على نزعة صوفية، ينظر إلى العزلة نظرة مثالية، ويرى أنها إحدى القيم المساندة للسلوك الإنساني، والأداة في تكوين الوعي العلمي والمعرفي وبناء الذات والتصالح مع النفس. الكاتب الأمريكي أرنست هيمنجواي يَعُد العزلة وطن الأرواح المتعبة، ولذلك تظل أوقات العزلة ملهمة عندما نتصالح مع الذات. فالعزلة تدفع إلى استكشاف أعماق النفس والاعتماد على الذات كمرجعية، فإذا كان الإنسان يعيش حياته من خلال علاقات إنسانية متعددة ومتنوعة قد لا تمنحه المسار الإيجابي فقد يعيشها مع نفسه. ففكرة الإنسان عن نفسه، كما يقول الشيخ صالح الحصين، أهم بكثير من فكرة الناس عنه، فكرته ورؤيته لنفسه والتصالح معها والقدرة على استقطاب تناقضاتها تمنحه قدرة على أن يكون كما هو. فالعزلة حين يعيشها الإنسان متصالحًا مع نفسه تبدو له ممتعة، ولكن يظل الإنسان، على أي حال، كائناً اجتماعياً، حيث تنظر مدرسة الفكر الاجتماعي إلى أن الطبيعة الإنسانية اجتماعية في المقام الأول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.