منح الجنسية للكفاءات.. استثمار في العقول والمعرفة    «الرياض» و«الشعب الصينية» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الإعلامي    رسميًا.. الهلال يُحافظ على ياسين بونو    القبض على (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (54) كجم "قات"    الأمير عبدالعزيز الفيصل يترأس اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الحلم الآسيوي بالرياض    المملكة توزّع (1.000) سلة غذائية في ولاية نهر النيل في السودان    ترمب: سألتقي ببوتين في بودابست قريباً    ديسمبر: انطلاق معرض التحول الصناعي 2025 في الرياض    مجمع الملك سلمان يكرّم 12 فائزًا من 10 دول في مسابقة حَرْف    آل الشيخ ل"الوطن": المملكة تسعى لنشر الإسلام الوسطي المعتدل في شتى أنحاء العالم    سمو أمير الشرقية يفتتح مركز الصورة التشغيلية بالخبر لمشاريع المدن الذكية والتحول الرقمي    نائب وزير الخارجية يلتقي في روما بمستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية    سعر الذهب يتجاوز 4300 دولار للأوقية لأول مرة في التاريخ    جمعية الكشافة تطلق حملة "اقتداء وعطاء" للتبرع بالدم    تونس تواجه البرازيل وديا الشهر المقبل    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (11696) نقطة    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة في الجمعية العامة ال151 للاتحاد البرلماني الدولي بجنيف"    زينهو مع الرائد.. تجربة جديدة في دوري يلو    الشبيلي رئيسا لمجلس إدارة المركز الدولي للجان المراجعة بواشنطن دي سي    14 عالماً من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم    جمعية الثقافة والفنون بجدة تكرم الفوتوغرافية ريم الفيصل    بلاي سينما تطلق أول سينما اقتصادية سعودية بجودة عالية    إنقاذ حياة مريضة بتركيب صمام رئوي عبر القسطرة بدون جراحة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًا احتفاءً بعام الحرف اليدوية 2025    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرعى لقاء وزير التعليم بأهالي منطقة جازان    مائة معلم سعودي يشرعون في دراستهم بالصين لاستكمال برنامج ماجستير تعليم اللغة الصينية    وزير ا الصحة السعودي و المصري يبحثان تعزيز التعاون الصحي المشترك وتوطين الصناعات الدوائية    نيابةً عن محافظ الطائف.. "البقمي" يفتتح المؤتمر الدولي السابع لجراحة الأطفال    لافروف: بوتين والشرع ناقشا القواعد العسكرية الروسية في موسكو    فريق إرم التطوعي يوقع اتفاقية تعاون مع جمعية براً بوالدتي بمكة    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    مُحافظ الطائف يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة تأهل المنتخب السعودي لكرة القدم إلى كأس العالم    نيابة عن سمو محافظ الطائف وكيل المحافظة يطلق المؤتمر الدولي السابع لجراحة الأطفال    وسط تصاعد المعارك حول الخرطوم.. الجيش السوداني يتصدى لمسيرات استهدفت أم درمان    حرس الحدود بمنطقة مكة ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر    المرور السعودي: 6 اشتراطات لسير الشاحنات على الطرق    الفيلم السعودي «هجرة» يعبر إلى الأوسكار    موسم الرياض يطرح تذاكر «النداء الأخير»    760 مدرسة تحصد مستوى التميز وتعيد صياغة الجودة    وزارة الشؤون الإسلامية تفتتح المسابقة الدولية الثانية لتلاوة القرآن الكريم وحفظه في كازاخستان بمشاركة 21 دولة    السند يرأس الجلسة الخامسة لملتقى "مآثر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح رحمه الله- وجهوده في المسجد النبوي"    الحقيل يبدأ جولة آسيوية.. السعودية تعزز شراكاتها مع الصين وكوريا في المدن الذكية    لضمان تنفيذ وقف النار.. استعدادات لنشر قوة دولية في غزة    الأرصاد: مؤشرات لتكون حالة مدارية في بحر العرب    أنف اسكتلندي.. حبة بطاطا    البرد يرفع مستويات السكرفي الدم    1.5% زيادة بأسعار الحديد على المستوى الشهري    مركز التحكيم الرياضي السعودي يشارك في الندوة الإقليمية للتحكيم الرياضي    جدل متصاعد بين تل أبيب وغزة حول مصداقية تبادل الأسرى والمحتجزين    تحركات أوكرانية في واشنطن ومساع جديدة لتأمين تسليح متقدم    أمير المدينة يرعى ملتقى مآثر عبدالعزيز بن صالح    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    ترأس اجتماع لجنة الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: مضاعفة الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات من القرن الماضي
نشر في الوطن يوم 08 - 06 - 2021

بعد تقاعدي من العمل الحكومي، فكرت أن أبدأ في كتابة مشاهداتي منذ بداية إدراكي حتى دخولي مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ثم ما تلاها من دراسات ودورات داخل المملكة وخارجها، شاملة فترة العمل، وما صاحب ذلك من أحداث.
وسوف أخصص كتابا مدعوما بالصور لتلك المشاهدات، التي تشمل شخصيات في منطقتين متجاورتين، فيهما مشيختا «بني شهر»: تنومة والنماص، حيث إن تلك الشخصيات قد انتقلوا إلى رحمة الله، وقد عاشوا في وقت كانت تلك المنطقتين في حاجة إليهم من النواحي الأمنية والاجتماعية.
في هذا السياق، سوف أتناول الحديث عن شخصيتين فقط، ففي «تنومة»، وبالتحديد في أواخر خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي، لم يكن بها أي إدارة حكومية، ماعدا مستوصف به طبيب وممرض، أما بالنواحي الأمنية والاجتماعية، فكانت تدار بواسطة الشيخ محمد الشبيلي، يساعده أخوه الشيخ سعد الشبيلي، وقد استطاعا أن يكونا مجلسا، أشبه ب«مجلس الشورى» في الوقت الحاضر، يجتمع مرة أو مرتين في الشهر، لمناقشة جميع النواحي التي تحتاجها «تنومة» في ذلك الوقت، ودائما يكون الاجتماع يوم السبت، لأنه اليوم الذي يقام فيه «سوق السبت»، الذي هو من أقدم الأسواق في جنوب المملكة. وكان لا يقل أعضاء المجلس عن ثلاثين شخصا، يمثلون قرى وقبائل «تنومة»، والذين كان اختيارهم بناء على توافر الشجاعة والحكمة والرأي السديد، لذا قد يكون أكثر من واحد من قرية واحدة، حيث كان من ضمن هذا المجلس ثلاثة من قرية واحدة، اسمها «آل مجادب»، وهم: عبدالله بن عرفج وعبدالرحمن بن حمود ومحمد بن تركي، رحمهم الله، والأخير والد علي بن محمد بن تركي من قياديي «إذاعة جدة» في الوقت الحالي.
وسوف يتم الشرح بالتفصيل عنهم وعن بقية الشخصيات الذين خدموا منطقتهم في ذلك الوقت، ولكني سوف أتناول بإيجاز، في هذا المقال، إحدى تلك الشخصيات التنومية المشهورة على مستوى «رجال الحجر»، وهو الشيخ سعيد بن عبدالله بن صعبان، الذي عاش في الفترة من 1318 حتى 1397، حيث كان يتمتع بشخصية قوية، مكنته من أن يكون مصلحا اجتماعيا، حيث استطاع أن يحل الخلافات المستعصية على مستوى الأفراد والقبائل، فلديه القبول المميز لدى سكان «تنومة»، وكان كريما يبحث عن الضيوف لإكرامهم، حيث قابل أشخاصا يوم السبت في السوق، وطلب منهم الذهاب معه إلى منزله، فاعتذر الضيوف بحجة بُعد بيته عن السوق، فأخذهم إلى بيت الشيخ محمد الشبيلي، الذي كان غير موجود في ذلك الوقت بالمنزل، وقام بواجب ضيافتهم في بيت الشيخ محمد، الذي بعد أن علم بذلك غمرته السعادة، لأنه يعرف أن الشيخ سعيد يعتبر أن جميع البيوت الملاصقة للسوق هي بيته، لأنهم يكنون له المحبة والتقدير.
وأنا أذكر أنه كان يأتي إلينا في البيت، فيحظى بالتقدير والاحترام من قِبل والدي، رحمه الله، ووالدتي، أطال الله في عمرها. كان شجاعا وحكيما، ويتميز بالفراسة، وكان إذا وجد أحدا يمر بضائقة مالية، يأخذ من بعض أصدقائه التجار ويعطيه، ولم أر أحدا يرفض له طلبا. وأذكر أنه في أحد الأيام، وبالتحديد بعد صلاة المغرب، جاء عندنا في البيت، برفقة أحد أبناء «تنومة»، وطلب من الوالد مبلغا من المال، لإعطائه لذلك الرجل، فلبى الوالد طلبه، لأنه كانت تربطه بالوالد محبة وصداقة. رحم الله الشيخ سعيد، وأسكنه فسيح جناته.
و«تنومة» كانت وما زالت ولادة بالشخصيات المميزة في جميع المجالات. وبعد أن أنهينا المرحلة الابتدائية في «تنومة»، انتقلت وعدد من أبناء «تنومة» إلى «النماص»، التي تبعد عن «تنومة» مسافة تقدر بنحو ثلاثين ميلا، وكان ذلك في ستينيات القرن الماضي، حيث انتظمنا بالدراسة في مدرسة النماص المتوسطة، وكان لزاما علينا السكن في «النماص»، فسكنت في وسط البلد، وكنت محظوظا أن أسكن بين ظهراني قبيلة «الكلاثمة»، التي تعد من أشهر قبائل «بني شهر»، لأنها تضم نخبة من الرجال الأفذاذ، وتجاورها قبيلة «بني بكر»، التي تتشابه معها في جميع العادات والتقاليد.
وسوف أتحدث عنهما في مقالات لاحقة، حيث إن حديثي في هذا المقال عن مشاهداتي في المكان الذي كنت أسكن فيه. وقد حظيت باهتمام مميز من الشيخ عبدالله بن محمد بن عثمان - أطال الله في عمره - فهو أحد أعلام «رجال الحجر» في الوقت الحاضر، وهو امتداد لأولئك الأفذاذ من تلك القبيلة أمثال محمد بن مبارك، الملقب ب«صليم»، وعبدالرحمن بن صخيف، وعبدالرحمن بن فهد، وعلى بن سعد - والد الكابتن سعد بن علي الشهري، مدير عام السلامة في الخطوط السعودية سابقا - وهؤلاء يعتبرون من الشخصيات التي لها مكانة اجتماعية في «النماص»، خاصة القبيلتين اللتين أشرت إليهما آنفا، والقبائل المجاورة لهما في «النماص» كثيرة.
من أهم الأحداث، في ذلك الوقت، أن سكان «النماص» استيقظوا في صباح أحد أيام الشتاء شديد البرودة على خبر القبض على رجل يسرق أحد المحلات التجارية، والذي ألقى القبض عليه هو صاحب المحل البطل رافع بن عبدالرحمن بن رقعان الكلثمي الشهري، حيث كان محله التجاري جزءا من منزله المطل على السوق، إذ استيقظ في ساعة متأخرة من الليل نتيجة سماعه صوتا قريبا من المنزل، واستطاع اللحاق باللص والقبض عليه قبل أن يتمكن من الهرب، حيث طارده واستطاع الإمساك به، دون أن يلحق به أي أذى، وقد تم تقديمه للمحاكمة، وصدر بحقه حكم شرعي.
بطلنا يتمتع بالبذل والعطاء والحكمة والفراسة، وهو مقدام، يقدم الغالي والنفيس لمساعدة الآخرين، وذكراه باقية حتى اليوم، وإن شاء الله يكمل أبناؤه مسيرته العطرة، وفي مقدمتهم العقيد عبدالرحمن بن رافع الشهري.
رحم الله الشيخ رافع، وأسكنه فسيح جناته.
وأخيرا، أوضح أنني اخترت أن أتحدث عن هاتين الشخصيتين من «تنومة» و«النماص»، لأنهما نموذجان للآلاف من الشخصيات في ذلك الوقت.
أسأل الله لهما الرحمة، والتوفيق والنجاح للأجيال القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.