واقع الإعداد المسبق في صالة الحجاج    الجميع ضحية الجميع    «اليدان المُصَلّيتان».. يا أبي !    اللغة تبكي قتلاها    "الهلال" و"جيسوس" يتفقان على إنهاء العلاقة التعاقدية    اتحاد القدم يوقّع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الآسيوي للتعاون في مجال البرامج التعليمية    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    سجن بفرنسا يطلق عن طريق الخطأ سراح نزيل مدان بسبب تشابه الأسماء    مركز التحكيم الرياضي السعودي يستقبل طلاب القانون بجامعة الأمير سلطان    أميركا توافق على تزويد أوكرانيا بقطع غيار لمقاتلات أف-16 وتدريب طياريها    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية    جمعية خويد تختتم برنامج "محترف" بحفل نوعي يحتفي بالفنون الأدائية ويعزز الانتماء الثقافي    القادسية يقسو على الخلود برباعية في دوري روشن للمحترفين    عقب فوزه على الشباب بثلاثة أهداف ... قوميز يمنح لاعبي الفتح راحة استعدادًا لمواجهة الوحدة    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية.. والواجهة البحرية تستقبل الفائزين غداً    مانشستر سيتي يهزم وولفرهامبتون ويصعد للمركز الثالث مؤقتاً    وزارة الحج: العقوبات المقررة على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج تُطبَّق على كل مخالف بلا استثناء    الصين تعفي ربع سلع أميركا من الرسوم الجمركية    الاتفاق يتغلب على الخليج بثنائية في دوري روشن للمحترفين    حرس الحدود بتبوك يحبط تهريب 29,229 كجم «حشيش»    البرلمان العربي يدين الغارات التي شنها كيان الاحتلال مستهدفًا محيط القصر الرئاسي السوري    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تطلق فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لعلاج العقم    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    ذخيرة الإنسان الأخيرة" يخطف الأضواء في الطائف    بلدية محافظة الأسياح تشارك في أسبوع البيئة    نائب أمير منطقة مكة يشهد حفل التخرج الموحد للتدريب التقني والمهني    أرفى تطلق فعاليات التوعية بالتصلب المتعدد من كورنيش الخبر    وفد وزاري يناقش الخطط التنفيذية مع صحة جازان    إمام المسجد الحرام: البلايا سنة إلهية وعلى المؤمن مواجهتها بالصبر والرضا    إمام المسجد النبوي: الاشتغال بما لا يعني سببٌ للتعاسة ومصدرٌ للخصومات والندامة    أمير القصيم يشيد بجهود جمعية "كبدك" في تنمية مواردها المالية ويثني على أدائها المميز    مغادرة أولى رحلات "طريق مكة" من إندونيسيا عبر مطار جاواندا الدولي إلى المملكة    524 جهة عارضة من 20 دولة في أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    الهلال الأحمر بالشرقية يدشّن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية بجسر الملك فهد    مدير منظمة الصحة العالمية: وضع غزة كارثي ومليونا شخص يعانون من الجوع    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة 46 من طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل تخريج الدفعة السابعة من طلاب وطالبات جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    نظام جديد للتنبؤ بالعواصف    في إلهامات الرؤية الوطنية    ذواتنا ومعضلة ثيسيوس    الترجمة الذاتية.. مناصرة لغات وكشف هويات    المملكة نحو الريادة العالمية في صناعة الأدوية    غزة.. حصار ونزوح    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    انخفاض وفيات حوادث الطرق 57 %    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكارثية ليتهم يقرأون تاريخهم
نشر في الوكاد يوم 17 - 10 - 2023

شكلت معاداة الشيوعية في الخمسينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة فترة من الخوف الشديد والشك في الاتحاد السوفيتي وأيديولوجيته، لقد كانت حكومة الولايات المتحدة وعامة الناس مقتنعين بأن الاتحاد السوفييتي كان يشكل تهديدًا لأسلوب حياتهم وأنه من الضروري اتخاذ إجراءات لحماية أنفسهم، كان يُشار إلى الشيوعيين في كثير من الأحيان باسم «الحمر» بسبب ولائهم للعلم السوفييتي الأحمر، لهذا يشار إلى تلك الفترة بالخوف الأحمر للدلالة على الهستيريا التي صاحبت تلك الحقبة من ملاحقات وتعديات على الحريات، فلقد شعر الأمريكيون بآثار الذعر الأحمر على المستوى الشخصي، وشهد الآلاف من الذين زُعم اتهامهم بالتعاطف مع الشيوعية تعطل حياتهم! لقد تمت مطاردتهم من قبل سلطات إنفاذ القانون، وتم عزلهم عن أصدقائهم وعائلاتهم وتم طردهم من وظائفهم، بينما اتضح لاحقًا بأن معظمهم كانوا ضحايا لادعاءات كاذبة أو لم يفعلوا شيئًا أكثر من ممارسة حقهم الديمقراطي في الانضمام إلى حزب سياسي، أو حتى كانوا مجرد أصدقاء أو معارف لأعضاء من الحزب.
مكن إرجاع أصول معاداة الشيوعية في الخمسينيات إلى نهاية الحرب العالمية الثانية وصعود الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى، هنا كانت حكومة الولايات المتحدة والجمهور قلقين بشأن انتشار الشيوعية وإمكانية تهديدها لأسلوب حياتهم، الديباجة نفسها التي تستخدم اليوم من قبل دعاة «إسلام فوبيا» ودعاة «معاداة السامية»! وقد تفاقم هذا الخوف بسبب تورط الاتحاد السوفييتي في الحرب الكورية وانتشار الشيوعية في أوروبا الشرقية.
اتسمت الحركة المناهضة للشيوعية في الخمسينيات بعدد من التكتيكات المختلفة، بما في ذلك استخدام الدعاية، ووضع القائمة السوداء للشيوعيين المشتبه بهم، وإنشاء لجنة الأنشطة غير الأمريكية بمجلس النواب (HUAC)، وشكلت هذه اللجنة وكالة حكومية مكلفة بالتحقيق في الشيوعيين المشتبه بهم واجتثاثهم في الولايات المتحدة، ووصلت الحركة المناهضة للشيوعية إلى ذروتها في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، مع عصر مكارثي، وسميت بالحركة الماركثية.
كان السيناتور جوزيف مكارثي شخصية بارزة في الحركة المناهضة للشيوعية، واستخدم نفوذه لتوجيه اتهامات بالشيوعية ضد عدد من الأفراد البارزين، بما في ذلك نجوم هوليود والمسؤولين الحكوميين وتسبب بالتالي: أولا، دمر سمعة وحياة الكثير من الناس من خلال اتهامهم دون أدلة موثوقة، ثانياً، استخدم اتهامات بالتعاطف مع الشيوعية للهجوم المضاد على أي شخص ينتقد أساليبه، وثالثًا، عارض حرية التعبير لأن قسمًا كبيرًا من خطابه افترض أن أي مناقشة للأفكار التي تقوم عليها الشيوعية كانت خطيرة وغير أمريكية، ووجد الدعم لأنه من وجهة نظر أنصاره، كان من الضروري في ذلك الوقت تحديد العملاء الأجانب وقمع «المنظمات المتطرفة»، فقد كان المعتقد السائد أن العناصر التخريبية تشكل خطرًا على الأمن القومي للبلاد، ولذلك تم تبرير مثل هذه الإجراءات المتطرفة، حتى لو تضمنت الحرمان من الحريات المدنية!
اكتسب مكارثي وفريقه سمعة سيئة خلال السنوات العشر التي قضاها في مجلس الشيوخ بسبب توجيه اتهامات لا أساس لها كانت موجهة في البداية إلى موظفي الحكومة، لكنها استهدفت لاحقًا أفرادًا من جميع مناحي الحياة.
إن ممارسة مكارثي المتمثلة في توجيه اتهامات علنية بعدم الولاء السياسي أو التخريب دون دليل واستخدام أساليب تحقيق غير عادلة أدى إلى أن يُتهم لاحقًا بإيذاء أولئك الذين مثلوا أمام لجنته وقمع الحقوق والحريات المدنية الأساسية، فلقد كان مجرد اتهام أي مواطن بالتعاطف مع الشيوعية كافيًا لتدميره، وتم إنهاء العديد من الحياة المهنية، لأن هؤلاء المتهمين لم يكن بوسعهم أو حتى مسموح لهم أن يجادلوا ببراءتهم!
هل يضرب كل هذا وترًا مشابهًا لما يحدث اليوم عندهم بالنسبة لكل من يقف مع الشعب الفلسطيني؟ أبسط مثال على ذلك مؤخرًا قضية طلبة جامعة هارفرد الأمريكية، حيث نشر طلبة عدة جمعيات في الجامعة منشور يظهر تعاطفهم مع الفلسطينيين! أي متابع سوف يجد في التعليقات على الحدث ما يشمئز منه البدن فكيف بالضمائر الحية؟! مطالبات بطردهم، وأخرى بحرمانهم من العمل في أي شركة، بل وفصل ومطاردة أي أستاذ جامعي يتعاطف معهم! هستيريًا أدت إلى خروج الجامعة وإعلان اعتذارها عن الحدث! والمضحك فعلًا أن أحدهم كتب يقول بأنه يخاف على نفسه في حرم الجامعة من هؤلاء الطلبة! يا للوقاحة يتم الهجوم بهستيرية واستبداد وخرق واضح لحرية الرأي الذي يتشدقون به ثم يطالبون بالحماية!
في عام 1957، وضع حكم المحكمة العليا في قضية «ييتس» ضد الولايات المتحدة حدًا للملاحقات القضائية بموجب «قانون سميث» من خلال مطالبة الحكومة بتقديم دليل ملموس على أن المدعى عليه قد اتخذ إجراءات محددة للإطاحة بالحكومة، ولم يعد «قانون سميث»، الذي تم استخدامه لمحاكمة الأفراد الذين دعوا إلى الإطاحة بالحكومة من الناحية النظرية، كافيًا، لقد وضع «قرار ييتس» حدًا فعليًا للمكارثية، التي اعتمدت بشكل كبير على الإضرار بسمعة الناس ومهنهم بدلًا من تقديم أدلة واقعية لدعم هذه الادعاءات، ولكن بالرغم من أن مناخ الخوف والقمع بدأ يتراجع خاصة في نهاية الخمسينيات، فإن الخوف الأحمر استمر في التأثير على النقاش السياسي في العقود التي تلت ذلك، وغالبًا ما يتم الاستشهاد به كمثال على كيف يمكن للمخاوف التي لا أساس لها أن تعرض الحريات المدنية للخطر!
ترتبط اليوم المكارثية بشكل شائع بأي إجراء حكومي يقيد أو يضعف الحقوق والحريات المدنية الأساسية باسم الأمن القومي، مع قمع الآراء السياسية أو الاجتماعية التي لا تحظى بشعبية، وتتضمن هذه الممارسة استخدام القائمة السوداء وأشكال أخرى من المضايقات للضغط على الأفراد للامتثال للمعتقدات السياسية الشعبية، بمعنى أنه أي شخص يوجه اتهامات لا أساس لها أو يجري تحقيقات غير متوازنة بهدف إسكات الآخرين أو تشويه سمعتهم يعتبر ممارسًا للمكارثية، وبهذا ينتهك هذا السلوك التعديلي الأول والرابع عشر للدستور، الذين يضمنان الإجراءات القانونية الواجبة ويحميان الحريات المدنية.
ليتهم فقط يقرأون تاريخهم لعلهم يجرون بعض المقارنات بين ما حدث في الماضي وما يحدث اليوم من تعديات! أي مواطن يتجرأ ويعلن تعاطفه مع القضية الفلسطينية يتم ملاحقته من تشويه سمعة وطرد من الوظيفة أو رسائل الكراهية والتهديد! ولكن هنالك ضوء في نهاية النفق، فكل من كان يدعم الصهيونية المسيحية بات اليوم ضعيفًا مع انخفاض قبضة التنويريين على المشهد الإعلامي، بعدما كان لهم صولة وجولة على التلفاز من قنوات وندوات، دخلت الإنترنت وبدأ الأمريكيون يرون القصص الحقيقية من مصادرها، والذي يدل على ذلك التعليقات ومقاطع التأييد التي بدأت تنتشر لديهم، وانقلب السحر على الساحر، أصوات على استحياء بدأت تعلو ولسوف تشكل في القريب ضغطًا على الرأي العام والدولة عندهم.
أترككم مع جملة شهيرة من رواية جورج أورويل «مزرعة الحيوانات»: «جميع الحيوانات متساوية، ولكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها»، حيث ينتقد فيها الشيوعية وستالين، ولكن المفارقة هنا أنني أجد وكأنه يتحدث عن المجتمع الغربي اليوم الذي يتشدق بحرية الرأي والمساواة والحرية! هنالك ضوء في نهاية النفق، فكل من كان يدعم الصهيونية المسيحية باتمكن إرجاع أصول معاداة الشيوعية في الخمسينيات إلى نهاية الحرب العالمية الثانية وصعود الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى، هنا كانت حكومة الولايات المتحدة والجمهور قلقين بشأن انتشار الشيوعية وإمكانية تهديدها لأسلوب حياتهم، الديباجة نفسها التي تستخدم اليوم من قبل دعاة «إسلام فوبيا» ودعاة «معاداة السامية»! وقد تفاقم هذا الخوف بسبب تورط الاتحاد السوفييتي في الحرب الكورية وانتشار الشيوعية في أوروبا الشرقية.
اتسمت الحركة المناهضة للشيوعية في الخمسينيات بعدد من التكتيكات المختلفة، بما في ذلك استخدام الدعاية، ووضع القائمة السوداء للشيوعيين المشتبه بهم، وإنشاء لجنة الأنشطة غير الأمريكية بمجلس النواب (HUAC)، وشكلت هذه اللجنة وكالة حكومية مكلفة بالتحقيق في الشيوعيين المشتبه بهم واجتثاثهم في الولايات المتحدة، ووصلت الحركة المناهضة للشيوعية إلى ذروتها في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، مع عصر مكارثي، وسميت بالحركة الماركثية.
كان السيناتور جوزيف مكارثي شخصية بارزة في الحركة المناهضة للشيوعية، واستخدم نفوذه لتوجيه اتهامات بالشيوعية ضد عدد من الأفراد البارزين، بما في ذلك نجوم هوليود والمسؤولين الحكوميين وتسبب بالتالي: أولا، دمر سمعة وحياة الكثير من الناس من خلال اتهامهم دون أدلة موثوقة، ثانياً، استخدم اتهامات بالتعاطف مع الشيوعية للهجوم المضاد على أي شخص ينتقد أساليبه، وثالثًا، عارض حرية التعبير لأن قسمًا كبيرًا من خطابه افترض أن أي مناقشة للأفكار التي تقوم عليها الشيوعية كانت خطيرة وغير أمريكية، ووجد الدعم لأنه من وجهة نظر أنصاره، كان من الضروري في ذلك الوقت تحديد العملاء الأجانب وقمع «المنظمات المتطرفة»، فقد كان المعتقد السائد أن العناصر التخريبية تشكل خطرًا على الأمن القومي للبلاد، ولذلك تم تبرير مثل هذه الإجراءات المتطرفة، حتى لو تضمنت الحرمان من الحريات المدنية!
اكتسب مكارثي وفريقه سمعة سيئة خلال السنوات العشر التي قضاها في مجلس الشيوخ بسبب توجيه اتهامات لا أساس لها كانت موجهة في البداية إلى موظفي الحكومة، لكنها استهدفت لاحقًا أفرادًا من جميع مناحي الحياة.
إن ممارسة مكارثي المتمثلة في توجيه اتهامات علنية بعدم الولاء السياسي أو التخريب دون دليل واستخدام أساليب تحقيق غير عادلة أدى إلى أن يُتهم لاحقًا بإيذاء أولئك الذين مثلوا أمام لجنته وقمع الحقوق والحريات المدنية الأساسية، فلقد كان مجرد اتهام أي مواطن بالتعاطف مع الشيوعية كافيًا لتدميره، وتم إنهاء العديد من الحياة المهنية، لأن هؤلاء المتهمين لم يكن بوسعهم أو حتى مسموح لهم أن يجادلوا ببراءتهم!
هل يضرب كل هذا وترًا مشابهًا لما يحدث اليوم عندهم بالنسبة لكل من يقف مع الشعب الفلسطيني؟ أبسط مثال على ذلك مؤخرًا قضية طلبة جامعة هارفرد الأمريكية، حيث نشر طلبة عدة جمعيات في الجامعة منشور يظهر تعاطفهم مع الفلسطينيين! أي متابع سوف يجد في التعليقات على الحدث ما يشمئز منه البدن فكيف بالضمائر الحية؟! مطالبات بطردهم، وأخرى بحرمانهم من العمل في أي شركة، بل وفصل ومطاردة أي أستاذ جامعي يتعاطف معهم! هستيريًا أدت إلى خروج الجامعة وإعلان اعتذارها عن الحدث! والمضحك فعلًا أن أحدهم كتب يقول بأنه يخاف على نفسه في حرم الجامعة من هؤلاء الطلبة! يا للوقاحة يتم الهجوم بهستيرية واستبداد وخرق واضح لحرية الرأي الذي يتشدقون به ثم يطالبون بالحماية!
في عام 1957، وضع حكم المحكمة العليا في قضية «ييتس» ضد الولايات المتحدة حدًا للملاحقات القضائية بموجب «قانون سميث» من خلال مطالبة الحكومة بتقديم دليل ملموس على أن المدعى عليه قد اتخذ إجراءات محددة للإطاحة بالحكومة، ولم يعد «قانون سميث»، الذي تم استخدامه لمحاكمة الأفراد الذين دعوا إلى الإطاحة بالحكومة من الناحية النظرية، كافيًا، لقد وضع «قرار ييتس» حدًا فعليًا للمكارثية، التي اعتمدت بشكل كبير على الإضرار بسمعة الناس ومهنهم بدلًا من تقديم أدلة واقعية لدعم هذه الادعاءات، ولكن بالرغم من أن مناخ الخوف والقمع بدأ يتراجع خاصة في نهاية الخمسينيات، فإن الخوف الأحمر استمر في التأثير على النقاش السياسي في العقود التي تلت ذلك، وغالبًا ما يتم الاستشهاد به كمثال على كيف يمكن للمخاوف التي لا أساس لها أن تعرض الحريات المدنية للخطر!
ترتبط اليوم المكارثية بشكل شائع بأي إجراء حكومي يقيد أو يضعف الحقوق والحريات المدنية الأساسية باسم الأمن القومي، مع قمع الآراء السياسية أو الاجتماعية التي لا تحظى بشعبية، وتتضمن هذه الممارسة استخدام القائمة السوداء وأشكال أخرى من المضايقات للضغط على الأفراد للامتثال للمعتقدات السياسية الشعبية، بمعنى أنه أي شخص يوجه اتهامات لا أساس لها أو يجري تحقيقات غير متوازنة بهدف إسكات الآخرين أو تشويه سمعتهم يعتبر ممارسًا للمكارثية، وبهذا ينتهك هذا السلوك التعديلي الأول والرابع عشر للدستور، الذين يضمنان الإجراءات القانونية الواجبة ويحميان الحريات المدنية.
ليتهم فقط يقرأون تاريخهم لعلهم يجرون بعض المقارنات بين ما حدث في الماضي وما يحدث اليوم من تعديات! أي مواطن يتجرأ ويعلن تعاطفه مع القضية الفلسطينية يتم ملاحقته من تشويه سمعة وطرد من الوظيفة أو رسائل الكراهية والتهديد! ولكن هنالك ضوء في نهاية النفق، فكل من كان يدعم الصهيونية المسيحية بات اليوم ضعيفًا مع انخفاض قبضة التنويريين على المشهد الإعلامي، بعدما كان لهم صولة وجولة على التلفاز من قنوات وندوات، دخلت الإنترنت وبدأ الأمريكيون يرون القصص الحقيقية من مصادرها، والذي يدل على ذلك التعليقات ومقاطع التأييد التي بدأت تنتشر لديهم، وانقلب السحر على الساحر، أصوات على استحياء بدأت تعلو ولسوف تشكل في القريب ضغطًا على الرأي العام والدولة عندهم.
أترككم مع جملة شهيرة من رواية جورج أورويل «مزرعة الحيوانات»: «جميع الحيوانات متساوية، ولكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها»، حيث ينتقد فيها الشيوعية وستالين، ولكن المفارقة هنا أنني أجد وكأنه يتحدث عن المجتمع الغربي اليوم الذي يتشدق بحرية الرأي والمساواة والحرية! هنالك ضوء في نهاية النفق، فكل من كان يدعم الصهيونية المسيحية باتمكن إرجاع أصول معاداة الشيوعية في الخمسينيات إلى نهاية الحرب العالمية الثانية وصعود الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى، هنا كانت حكومة الولايات المتحدة والجمهور قلقين بشأن انتشار الشيوعية وإمكانية تهديدها لأسلوب حياتهم، الديباجة نفسها التي تستخدم اليوم من قبل دعاة «إسلام فوبيا» ودعاة «معاداة السامية»! وقد تفاقم هذا الخوف بسبب تورط الاتحاد السوفييتي في الحرب الكورية وانتشار الشيوعية في أوروبا الشرقية.
اتسمت الحركة المناهضة للشيوعية في الخمسينيات بعدد من التكتيكات المختلفة، بما في ذلك استخدام الدعاية، ووضع القائمة السوداء للشيوعيين المشتبه بهم، وإنشاء لجنة الأنشطة غير الأمريكية بمجلس النواب (HUAC)، وشكلت هذه اللجنة وكالة حكومية مكلفة بالتحقيق في الشيوعيين المشتبه بهم واجتثاثهم في الولايات المتحدة، ووصلت الحركة المناهضة للشيوعية إلى ذروتها في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، مع عصر مكارثي، وسميت بالحركة الماركثية.
كان السيناتور جوزيف مكارثي شخصية بارزة في الحركة المناهضة للشيوعية، واستخدم نفوذه لتوجيه اتهامات بالشيوعية ضد عدد من الأفراد البارزين، بما في ذلك نجوم هوليود والمسؤولين الحكوميين وتسبب بالتالي: أولا، دمر سمعة وحياة الكثير من الناس من خلال اتهامهم دون أدلة موثوقة، ثانياً، استخدم اتهامات بالتعاطف مع الشيوعية للهجوم المضاد على أي شخص ينتقد أساليبه، وثالثًا، عارض حرية التعبير لأن قسمًا كبيرًا من خطابه افترض أن أي مناقشة للأفكار التي تقوم عليها الشيوعية كانت خطيرة وغير أمريكية، ووجد الدعم لأنه من وجهة نظر أنصاره، كان من الضروري في ذلك الوقت تحديد العملاء الأجانب وقمع «المنظمات المتطرفة»، فقد كان المعتقد السائد أن العناصر التخريبية تشكل خطرًا على الأمن القومي للبلاد، ولذلك تم تبرير مثل هذه الإجراءات المتطرفة، حتى لو تضمنت الحرمان من الحريات المدنية!
اكتسب مكارثي وفريقه سمعة سيئة خلال السنوات العشر التي قضاها في مجلس الشيوخ بسبب توجيه اتهامات لا أساس لها كانت موجهة في البداية إلى موظفي الحكومة، لكنها استهدفت لاحقًا أفرادًا من جميع مناحي الحياة.
إن ممارسة مكارثي المتمثلة في توجيه اتهامات علنية بعدم الولاء السياسي أو التخريب دون دليل واستخدام أساليب تحقيق غير عادلة أدى إلى أن يُتهم لاحقًا بإيذاء أولئك الذين مثلوا أمام لجنته وقمع الحقوق والحريات المدنية الأساسية، فلقد كان مجرد اتهام أي مواطن بالتعاطف مع الشيوعية كافيًا لتدميره، وتم إنهاء العديد من الحياة المهنية، لأن هؤلاء المتهمين لم يكن بوسعهم أو حتى مسموح لهم أن يجادلوا ببراءتهم!
هل يضرب كل هذا وترًا مشابهًا لما يحدث اليوم عندهم بالنسبة لكل من يقف مع الشعب الفلسطيني؟ أبسط مثال على ذلك مؤخرًا قضية طلبة جامعة هارفرد الأمريكية، حيث نشر طلبة عدة جمعيات في الجامعة منشور يظهر تعاطفهم مع الفلسطينيين! أي متابع سوف يجد في التعليقات على الحدث ما يشمئز منه البدن فكيف بالضمائر الحية؟! مطالبات بطردهم، وأخرى بحرمانهم من العمل في أي شركة، بل وفصل ومطاردة أي أستاذ جامعي يتعاطف معهم! هستيريًا أدت إلى خروج الجامعة وإعلان اعتذارها عن الحدث! والمضحك فعلًا أن أحدهم كتب يقول بأنه يخاف على نفسه في حرم الجامعة من هؤلاء الطلبة! يا للوقاحة يتم الهجوم بهستيرية واستبداد وخرق واضح لحرية الرأي الذي يتشدقون به ثم يطالبون بالحماية!
في عام 1957، وضع حكم المحكمة العليا في قضية «ييتس» ضد الولايات المتحدة حدًا للملاحقات القضائية بموجب «قانون سميث» من خلال مطالبة الحكومة بتقديم دليل ملموس على أن المدعى عليه قد اتخذ إجراءات محددة للإطاحة بالحكومة، ولم يعد «قانون سميث»، الذي تم استخدامه لمحاكمة الأفراد الذين دعوا إلى الإطاحة بالحكومة من الناحية النظرية، كافيًا، لقد وضع «قرار ييتس» حدًا فعليًا للمكارثية، التي اعتمدت بشكل كبير على الإضرار بسمعة الناس ومهنهم بدلًا من تقديم أدلة واقعية لدعم هذه الادعاءات، ولكن بالرغم من أن مناخ الخوف والقمع بدأ يتراجع خاصة في نهاية الخمسينيات، فإن الخوف الأحمر استمر في التأثير على النقاش السياسي في العقود التي تلت ذلك، وغالبًا ما يتم الاستشهاد به كمثال على كيف يمكن للمخاوف التي لا أساس لها أن تعرض الحريات المدنية للخطر!
ترتبط اليوم المكارثية بشكل شائع بأي إجراء حكومي يقيد أو يضعف الحقوق والحريات المدنية الأساسية باسم الأمن القومي، مع قمع الآراء السياسية أو الاجتماعية التي لا تحظى بشعبية، وتتضمن هذه الممارسة استخدام القائمة السوداء وأشكال أخرى من المضايقات للضغط على الأفراد للامتثال للمعتقدات السياسية الشعبية، بمعنى أنه أي شخص يوجه اتهامات لا أساس لها أو يجري تحقيقات غير متوازنة بهدف إسكات الآخرين أو تشويه سمعتهم يعتبر ممارسًا للمكارثية، وبهذا ينتهك هذا السلوك التعديلي الأول والرابع عشر للدستور، الذين يضمنان الإجراءات القانونية الواجبة ويحميان الحريات المدنية.
ليتهم فقط يقرأون تاريخهم لعلهم يجرون بعض المقارنات بين ما حدث في الماضي وما يحدث اليوم من تعديات! أي مواطن يتجرأ ويعلن تعاطفه مع القضية الفلسطينية يتم ملاحقته من تشويه سمعة وطرد من الوظيفة أو رسائل الكراهية والتهديد! ولكن هنالك ضوء في نهاية النفق، فكل من كان يدعم الصهيونية المسيحية بات اليوم ضعيفًا مع انخفاض قبضة التنويريين على المشهد الإعلامي، بعدما كان لهم صولة وجولة على التلفاز من قنوات وندوات، دخلت الإنترنت وبدأ الأمريكيون يرون القصص الحقيقية من مصادرها، والذي يدل على ذلك التعليقات ومقاطع التأييد التي بدأت تنتشر لديهم، وانقلب السحر على الساحر، أصوات على استحياء بدأت تعلو ولسوف تشكل في القريب ضغطًا على الرأي العام والدولة عندهم.
أترككم مع جملة شهيرة من رواية جورج أورويل «مزرعة الحيوانات»: «جميع الحيوانات متساوية، ولكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها»، حيث ينتقد فيها الشيوعية وستالين، ولكن المفارقة هنا أنني أجد وكأنه يتحدث عن المجتمع الغربي اليوم الذي يتشدق بحرية الرأي والمساواة والحرية! هنالك ضوء في نهاية النفق، فكل من كان يدعم الصهيونية المسيحية بات اليوم ضعيفاخفاض قبضة التنويريين على المشهد الإعلامي.
نقلا عن الوطن السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.