ويستمر الإلهام    بكين تحذّر من «تدهور» العلاقات مع واشنطن    انتشال 392 جثة من ثلاث مقابر جماعية    ميشايل يواصل نثر سحره مع الهلال    المنتخب السعودي يودع كأس آسيا تحت 23 عامًا    النفط ينهي سلسلة خسائر أسبوعية مع النمو الاقتصادي واستمرار مخاوف الإمدادات    الذهب يرتفع مع تباطؤ الاقتصاد الأميركي وانتعاش الطلب    تطوير محمية الملك عبدالعزيز تختتم مشاركتها في "حِمى"    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    أمير الشرقية يرعى حفل خريجي جامعة الملك فيصل    جازان.. سلة الفواكه    القيادة تهنئ رئيسة تنزانيا    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    الاتفاق يختتم تحضيراته ويغادر للقصيم    10 أحياء تنضمّ للسجل العقاري بالرياض    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    ضوابط جديدة و4 تصنيفات لتقييم أضرار المركبة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    هوس «الترند واللايك» !    مقامة مؤجلة    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    نائب امير منطقة مكة المكرمة يهنئ القيادة الرشيدة نظير ماتحقق من انجازات كبيرة وتحولات نوعية على كافة الاصعدة    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    مقال «مقري عليه» !    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوثتم الفضاء بالشتائم والسباب
نشر في الوكاد يوم 16 - 12 - 2019

في خبر أوردته عكاظ أنه تم رصد مئات الملايين من الحسابات المزعجة في تويتر وإغلاق 75 %منها بعد أن زادحال البعض شتما وقبحا وإساءة إلى الآخرين وكأنهم وحدهم من ملك الحقيقة أو كأن الوطن ملكا لهم أو ملكوازمام الدين وناصية القول فلا قول إلا قولهم. وليتهم كانوا رجالا فظهروا بأسمائهم الحقيقية بدلا من الاختباءٌ وراء أسماء وصور وهمية، ينتقدون حقدا وبغضا وكأنهم بالوعات سّدت مسالكها فزكمت رائحتها الأنوف، ألميكفهم أننا في ذيل الأمم قاطبة إسهاما في إفادة الإنسانية بالمخترعات، لتحسين سبل الحياة، وتذليل صعابها؛
ّ والأخزى أنهم استغلوا هذه المخترعات والمنتجات الحديثة في غير ما وظفت له، وصممت من أجله. فهذه وسائلّ ع الاستهلاك، الذي لم نغادره كسلا، ولم نبارحه خمولا،التواصل الاجتماعي، التي جاءتنا ونحن نقبع في مربفحولوها إلى وسائل ل«القطيعة الاجتماعية»، « ّصدروا» السباب الشائن إلى الفضاء، و«عكروا» الأجواء بالشتائمالمقذعات، و«لوثوا» الأفق بقواميس اللعن وازدراء الآخرين ولم تبق فضيلة إلا طمسوا عليها بهذا السلوك «اللاإنساني».
ّإن «طفح» وسائل التواصل الاجتماعي، بعبارات الشتم والسباب وساقط القول، تكشف عن خلل واضح في بنيةالفرد النفسية، ومنظومة القيم المجتمعية، وحسنا فعل مجلس القضاء الأعلى بتوجيهه للمحاكم الجزئية بوجوبّ الن ّ ظر وفض ِّ المنازعات فيما يتصل بقضايا السب والشتم في وسائل التواصل الاجتماعي؛ بما يتيح الفرصة أمامّ المتضررين من هذا المسلك القميء، اللجوء إلى هذه المثابات الحقوقية لردع العابثين، وكف أيدي الوالغين فيّ أعراض الناس، والمتعدين على الحرمات بشائن اللفظ، وساقط القول.
ّ إن تدخل مجلس القضاء، يؤكد أن الأمر استفحل بشكل أوجب علاجا ناجعا ب«الكي» عبر مؤسسة العدل والقضاء،بما يحتم كذلك أن تتضافر جهود بحثية أخرى، في محاولة لقراءة هذه الظاهرة قراءة واقعية، تستكنه الأسباب،وتسعى في البحث والاستقصاء عن أسبابها ودوافعها، ومحركاتها ونوازعها، فعلينا جميعا أن نتساءل بكل جرأة،ونجاوب بكل صدق؛ لماذا تتفشى مثل هذه الظاهرة المقيتة في مجتمع قائم على تربية دينية ملتزمة، تكاد فيّ التزامها الصارم أن يتوهم البعض بأنها «متزمتة»، فهل هذا الالتزام «قشرة» ّ تجمل وجه مجتمع يتناقض بشكلسافر بين مظهره ومخبره؛ أليس أي فرد مسلم، ممن يلوثون وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الزخم النتن منّ ّ على كل الآيات الكريمة المتوعدة لمن يقع في أعراض الناس، وينتهكالإساءات والبذاءات الدنيئة قد مرّ خصوصياتهم وتعمد الكذب عليهم ليسمعوا حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام في تحديد المكون الأخلاقي
لمن ينتسب للإيمان، حين قال، « ّ ليس المؤمن بطع ّ ان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء»، وكأنما الباسطون القول سبفي هذه النوافذ التقنية قد قرأوا هذا لحديث دون أن ينظروا إلى «ليس» في بدايته، فطفقوا طعنا ولعناّ وفحشا وبذاءة، محولين هذه التقنية التي بين أيديهم إلى شيء لم تصنع من أجله، وكأنهم بذلك يعيدون إنتاجالأزمة الأزلية التي عبر عنها الشاعر المتنبي في قوله
:كل ّ ما أنبت الزمان قناة ّركب المرء في القناة سنانا
وهكذا أصبحنا، كل ما أنتج لنا الآخرون تقنية، حشوناها بالسواقط التافهات، وسخرناها للعبث الممرور الذي لاّ طائل منه، ووجهناه إلى رج سخائم النفوس، وركام الأحقاد، وأورام الذوات المتقيحة، ولا فرق بين زمان وزمانرت الوسائل، وإنما التسخير هو التسخير.ّفي تفكيرنا، فقط تغيهنا يأتي دور الباحثين الاجتماعيين، ليذهبوا عميقا عبر استبانات واضحة الأهداف، تبحث في كل الظواهر
الاجتماعية السالبة لدينا، وتستجلي مسبباتها الأساسية، ليترافق ذلك مع أفق التأديب القانوني، فالحاجة إليهّ كبيرة أيضا، لكنه لن يكون كافيا وحده، لا بد من معالجات اجتماعية تستل سخائم النفوس، ومطويات الضغينةّ فيها التي تدفعها إلى تمرير خطاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي أقل ّ ما يوصف به أنه خطاب كارثي، بخاصة إذاّ استصحبنا أن هذا السلوك يكاد يغط ّ ي أغلب شرائح المجتمع،، فلا فرق بين علية الناس من الأكاديميين،وأسافلهم، فهم سواء في الشتم، وسيان في السباب.
ّإن ظاهرة انتشار السباب والشتائم في وسائل التواصل الاجتماعي والأصوات الناعقة بالكذب والافتراء مع القسمّ بأغلظ الأيمان أن ما يحدث هو الحقيقة وواقع الحال، تعيدني إلى قضايا مشابهة، تزامنت كلها مع ظهورّ التقنيات الحديثة، فكلنا يعرف كيف كان تعاملنا مع الجوال في بداية ظهوره، وكيف سخرناه بعد أن تطور وزودبالكاميرا، وكيف كان تعاملنا مع المستقبلات الفضائية وانفتاح السماء علينا بالقنوات التي لا كوابح لها، وكيفتعاملنا مع الإنترنت وقناة اليوتيوب وأخواتها.. والأمثلة تترى، والحقيقة الجلية التي نخفيها تحت ركام التظاهرب«الطهرانية» أن تعاملنا مع هذه التقنيات تجاوزنا فيه مقدار «الاعتدال» في التجاوز إلى «الفحش» فيالاستهلاك بما جعل كل وسائل التقنية الحديثة عندنا «أدوات خطيرة» ّ ، حفزت المجتهدين في الفتاوى إلى القولبحرمة التعاطي معها درءا للمفاسد، وهي معالجة استهدفت الآلة ولم تذهب إلى حيث الخلل الأساسي فيمستعملها، والمشهد يتكرر اليوم مع وسائل التواصل الاجتماعي، فلا حاجة بنا إلى فتوى لتحريمها، ولكننا بحاجةّ إلى وعي يغوص عميقا في عقول ملوثيها، ويفهم دوافعهم الأساسية، وعند ذلك يمكننا بكل يسر وضع العلاج الأمثل لها.
نقلا عن صحيفة عكاظ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.