للثورة السورية قوى تعبِّر عنها في الداخل، وأخرى في الخارج، وإذا كانت قوى الخارج هي التي تحظى بالاعتراف الدولي وتشارك في المؤتمرات والاجتماعات مع الديبلوماسيين الأوروبيين والمسؤولين الأمريكيين، فإن معارضة الداخل، الممثلة بالأساس في الفصائل العسكرية، أصدق تعبيراً عن مطالب الثورة على الرغم من تعدد تشكيلاتها وشعاراتها. وقوى الداخل ترفض مؤتمر جنيف2 جملةً وتفصيلاً وترى أن المشاركة فيه خيانة لدماء الشهداء (أكثر من 100 ألف حتى الآن) والتفاف على أجندة الثورة ومطلبها الرئيس المتمثل في إسقاط النظام بكل رموزه، وهذه القوى لا تقبل أن يتحدث أحد باسمها في مؤتمر جنيف لأنها تعتقد أنه لن يكون إلا محاولة لإعادة إنتاج النظام بموافقة أمريكية- روسية. وتنظر هذه القوى إلى موقف المجتمع الدولي تجاه ما يجري في سوريا بكثيرٍ من الريبة، إذ تعتقد أن العواصم الفاعلة في المسألة السورية ليست جادة أصلاً في إنجاح جنيف2 بدليل أنها لم تضغط على نظام بشار الأسد لوقف إطلاق النار قبيل الذهاب إلى المفاوضات، وهذا أقل ما تتطلبه عملية الانتقال من الحرب إلى السلم، فلا يُتصوَّر أن تجلس المعارضة مع النظام في جنيف في وقتٍ تستمر فيه العمليات العسكرية ويتواصل حصار المناطق المحررة وتجويع ساكنيها. وإذا كانت واشنطن وموسكو تسعيان إلى إيجاد حل سياسي ينهي الصراع فعليها بدايةً تهيئة الظروف المناسبة له، وهذا ما لا يبدو أنه سيحدث، هكذا تقول المؤشرات وبناءً عليه يمكن القول إن جنيف2 لن يكون خيار ثورة سوريا، خصوصاً قوى الداخل التي سيترتب إتمام أي اتفاق سياسي على رضاها، لأنها التي تملك السلاح والتنظيم، ولأنها ستكون أداة التنفيذ، وبدون استيعابها وفقاً لأجندتها الثورية فلن يتم تمرير أي حل.