لا يحتاج الوضع الذي نعيشه في الشرق الأوسط إلى تنبؤات ذكية.. نحلل فيها أوضاع المنطقة ونستقرئ مجريات الأحداث فيها! ولسنا في حاجة للبراعة لكي نقرأ الرؤى المستقبلية لما ستؤول إليه الحال بعد حرب قادمة، وضربة أمريكية متوقعة تشبه إلى حد بعيد تلك الضربات التي استخدمت فيها أحدث أنواع الأسلحة النووية الذكية وغير الذكية لاحتلال العراق عام 2003م. وما أشبه الليلة بالبارحة، حوارات ساخنة في مجلس الأمن.. ولقاءات رسمية وثنائية بين دول الاتحاد الأوروبي.. بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها، لحشد إجماع دولي للخروج عن شرعية الأممالمتحدة بالتدخل العسكري لا لبسط السلام، بل لشن الحرب، والسبب أو الدافع هو استخدام الأسلحة الكيماوية.. اُتهم بها نظام صدام حسين ومن بعده معمر القذافي، ثم أخيراً نظام بشار الأسد في سوريا. في بداية العام الحالي أعلن وزير الخارجية الأمريكية السابق، أن الولاياتالمتحدة وفق مخططها لمستقبل الشرق الأوسط الجديد، ستقوم بعمل عسكري في المنطقة، وستكون سوريا مسرح حربها القادمة، ومن لا يسمع قرع طبول الحرب فهو أصم، قال كيسنجر الوزير العجوز المشهور بصهيونيته قولته هذه، قبل إثبات استخدام النظام السوري للأسلحة المحظورة دولياً في غوطة دمشق، وكأنه كان يقرأ سيناريو أحداث المنطقة قبل البدء في تنفيذ فيلمها المرعب الجديد الذي سنراه قريباً. نحن جميعا ندرك خطورة الوضع في سوريا، وهو وضع معقد، فالقوى المتصارعة في الداخل سواء المعارضين أو المجاهدين الذين جاءوا من كل أنحاء العالم، تحت رايات منظمات جهادية، منها ما هو مصنف إرهابياً، وجماعات المقاومات الشعبية المسلحة، إضافة إلى فصائل الجيش الحر التي تشكلت من سوريين وغير سوريين، والجيش السوري الوطني، ولا أحد ينكر ما اُرتكب من أخطاء من جميع الأطراف، والضحية هو الشعب السوري نساءً وأطفالاً وشيوخاً، تم تدمير غالبية المدن الشمالية على الحدود التركية والجنوبية على الحدود اللبنانية والأردنية خلال عامين. الخلافات الحادة التي شهدتها جلسات قمة العشرين التي عقدت في بطرسبورج، وجدت روسيا فرصتها وهي تحتضن هذا الاجتماع، دعم موقفها المعارض بشدة للسياسة الأمريكية ليس بشأن الوضع السوري، بل في المنطقة كلها، حيث اتخذت موقفاً داعماً للثورة المصرية الجديدة التي أنهت حكم جماعة الإخوان المدعومة من أمريكا. ومن مصدر قوة أعلن فلاديمير بوتين، أن موقف روسيا ليس لدعم نظام بشار، وإنما لحماية الشعب السوري، وإذا ثبت لدى لجنة الأممالمتحدة بما لديها من أدلة تدين النظام بالتورط في استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه، فإن روسيا ستؤيد قرار الضربة الجوية الرادعة لنظام بشار، لذلك لم تتخذ قمة العشرين قراراً حاسماً، مع التأكيد على ضرورة الحد من تجاوزات النظام السوري فرض عقوبات ضده، وإعطاء فرصة أطول لحل ديبلوماسي متزن. والرئيس الأمريكي أوباما يواجه معارضة قوية من قبل بعض دول الاتحاد الأوروبي، والجبهة الداخلية من غالبية الشعب الأمريكي التي ترفض الدخول في حروب جديدة، والمغامرة بعمل عسكري جديد تتورط فيه القوات الأمريكية التي ما زالت حتى اليوم تلملم خسائرها في العراق. لذا يجمع كثير من المحللين السياسيين، أن دمشق معادلة صعبة، وإن كانت المؤشرات تنبئ بتهور الولاياتالمتحدة بالدخول في مغامرة عسكرية جديدة في المنطقة.