روى لي طبيب من بصرى الحرير أن الثوار في سوريا حاصروا في حوران مجموعة من الشبيحة، فلما رأوا ريب المنون آثروا الاستسلام بعد أن أعطاهم الثوار الأمان. تابع يقول، لقد صعقت حين علمت أن أحد الثوار انقض عليهم وهم رافعون الراية البيضاء والأيادي لأعلى فأحصاهم عدداً وأهلكهم بدداً. قال الطبيب من بصرى الحرير، هذا لا يجوز ويجب محاكمة القاتل!. أجاب الثوار: سوف نحاسبه ولكن ليس الآن. كذلك رأينا كيف انفلقت جمجمة رئيس اللواء 38 في حوران وغنم الثوار أسلحة كثيرة. هذه المناظر من الثورة السورية الدموية هي ما يميز الحروب الأهلية عموماً: قسوة ودماء وفظاعات تحرك إلى الذاكرة مذابح أتيلا وتيمورلنك وجنكيزخان وكاليجولا الروماني. قال الطبيب الحوراني: لا نعلم عن ملابسات الحادث شيئاً، قد يكون الرجل قُتِل من أحبته كثيرون؛ من أب وأخ وعم وخال، فالكارثة عامة والمذابح جارية. هذه الثورة لن تترك حجراً على حجر، ولن تبقي عائلة دون شهيد. والملعون العجي ابن الملعون قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه من فصيلة السنوريات، وأنه ماضٍ في خطه الانتحاري حتى الهاوية، وأنه قاتل أو مقتول، وأنه لن يترك البلد إلا أنقاضاً؛ فيسجل اسمه في التاريخ بجنب أتيلا ونيرون وهولاكو وستالين وهتلر وبول بوت؛ فكلٌّ يترك بصماته بطريقته الخاصة، كما أنه ينتهي بنفس الطريقة، وإن كانت ليست أكيدة؛ فقد يهلك ردماً بدورة المياه كما في هيلاسي لاسي الحبشي، أو شنقاً مثل صدام، أو قتلاً يلعب به الصبيان مثل القذافي، أو لا، قد ينتهي في المنفى في قم أو جزيرة كمشتاكا أو سخالين. لكنه سجل اسمه في التاريخ من الملعونين. ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.