هل من حق الزوجة أن تعرف كل شيء عن زوجها؟ سؤال تبادر إلى ذهني وأنا أقرأ رسالة من قارئ يشتكي من غيرة زوجته وإصرارها المستمر على الاطلاع على هاتفه وبريده الخاص ورسائل أصدقائه في مواقع التواصل الاجتماعي وهو أمر يرفضه بشدة مما تسبب له في المشكلات ونعته بالخائن لمجرد رغبته في أن يحتفظ ببعض الخصوصية. من الأخطاء القاتلة التي تقع فيها بعض الزوجات الغيورات الرغبة في معرفة كل شيء عن زوجها وعن تحركاته اليومية وحتى عن علاقته بعائلته وأخوته وما يحدث في عمله وما يفعله مع أصدقائه وقد يدفعها رفض الزوج لهذا الحصار ورغبته في الاحتفاظ ببعض المعلومات لنفسه إلى أن تخمن أشياء أو تضع احتمالات لأشياء لم تحدث كأن تكون له عشيقة في العالم الافتراضي أو زوجة أخرى فتحاصره بالأسئلة وتتهمه في النهاية بالخيانة مما يؤدي إلى توتر العلاقة بينهما، وقد تلجأ في حال شعرت بتغيره وميله للانفراد بنفسه أو الدخول باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي لنصائح الصديقات و«فاعلات الخير» في المجالس والمواقع النسائية التي تتلخص في ضرورة مراقبته والبحث في هاتفه أو حاسوبه والعبث في أشيائه الخاصة لعلها تظفر بدليل مادي على خيانته، فتنجرف وراء وساوسها ونصائح الصديقات المدمرة وتتقمص شخصية المحقق كولومبو وتتجسس على زوجها وترصد تحركاته وتعبث بأشيائه الخاصة بحثا عن المعلومات والهفوات دون أن تدرك عظم خطئها وأن ما تقوم به قد يساهم في تدمير حياتها الزوجية وفقدان زوجها بسبب أوهام لا أساس لها! كل إنسان قد يمر بأوقات يريد فيها أن يخلو بنفسه، وأن يحتفظ ببعض المعلومات والأسرار بداخل صدره دون أن يشارك الطرف الآخر، والمرأة الواعية هي من تضع حدا لغيرتها وشكوكها وتحاسب نفسها، فلا تطلق العنان لغيرتها ولا تسمح لها بتدمير نفسيتها أو علاقتها مع زوجها أو ثقتها بنفسها، فحتى لو كانت تحب زوجها بجنون وترغب في قربه، عليها أن تدرك أهمية أن يحتفظ كل طرف ببعض الخصوصية والاستقلالية، فالزواج لايعني انقياد طرف للآخر ومن يفعل ذلك يغامر بابتعاد الثاني عنه ولو بعد حين.