تعد الخرافات الشعبية سحراً أتى من الطيبة التي عاشها الأجداد، حين استخدموا الخيال للهروب من معاناتهم. وهذا الخيال ولَّد «شرهبان» ذات الضفيرة الطويلة، كما عاشت أسطورة «روبنزل» ديزني، وكانت «فاطمة» سندريلا جازان التي تتزوج بالملك «حسن» الذي يبهر بجمالها، فتموت زوجة والدها بحسرة رفض الملك لابنتها «بدور». نشأ على هذه الحكايات صغار ذاك الزمان، ورسموا تصوراتهم، تقول عبير محمد «كنا نجتمع في الليل عند جدتي لتروي لنا حكايات شرهبان، التي أقسم والدها على ذبحها قبل أن تلد، وحرصت أمها على أن تغير هويتها حين ولدتها حتى لا يعرف والدها بأنها أنثى، وتدور الأيام ويعرف الأب ويصر على ذبحها، حتى تتزوج بالملك في حبكة تصف الأزمة، وتعمق الصورة، لتجعلني أصادق على شروط القصة التي توافرت فيها بدرجة كبيرة من الوعي». وتتذكر سلمى شرواني والدها حين كان ينشد كلمة السر بين شرهبان وأخيها حُمدان «يا شرهبان يا شرهبان.. مدي دلالك وأركبان.. أنا أخوك حمدان.. معقِّر الصّيد السّمان.. في كل وادٍ مذهبان». وتقول الشيماء «لم يعد أطفالنا مع التلفاز والأنترنت ينتظرون الحكايات مثلنا، أو حتى يستمعون إليها، وأصبحت ماضيا اختفى مع بروز مقتنيات العصر». وتضيف «إن التشابه الكبير بين فاطمة وسندريلا، وشرهبان وروبنزل يجعلني أعتقد أنها النسخة الجازانية من ديزني». أما عبدالرحمن طاهر فيقول «حين كنت أستمع لتلك الحكايات كنت أعتقد جازماً أنني سأتزوج شرهبان، أو فاطمة، عندما أكبر، وكنت أقول لأمي أن تخطب لي واحدة منهما، وكانت، حفظها الله، تضحك علي وتقول «إذا كبرت يصير خير». وتشير أستاذة الأدب الحديث فاطمة حسين إلى أن القصص والحكايات التي كان يتداولها الناس للفكاهة والسمر تعبر عن واقع مجتمعها، كما أن شرهبان، وفاطمة الجميلة، وغيرها، تراث له أصالة كبيرة، ضمن الثقافة الجازانية وحضارتها، إضافة إلى استخدامها في تهذيب سلوكيات كانت سائدة، ومستقاة من المحيط البيئي.