تدرك الجالية المصرية المقيمة في السعودية أن السلطات تحترم دورها في المجتمع وتتعامل معها وفقا لقوانين تكفل حقوقهم كاملة، في الوقت نفسه تدرك المملكة أن الوعي الجمعي للشعب المصري يحمل تجاهها مشاعر ودٍ واعتزاز وأنها الأقرب له لاعتباراتٍ اجتماعية وتاريخية. وفي هذا الإطار، ينبغي تفهم قرار حكومة المملكة استدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين من القاهرة وغلق ممثلياتها الدبلوماسية في ثلاث محافظات مصرية. إن الرياض لم تقدم على هذه الخطوة إلا بعدما تحقق من تعرض سفارتها في القاهرة وقنصلياتها في الإسكندرية والسويس لانتهاكات ومحاولات اقتحام تنافي الاتفاقيات الدولية وتهدد سلامة وأمن الدبلوماسيين السعوديين، وهو تجاوزٌ نعلم أنه لا يعبر عن مصر الرسمية أو الشعبية وإنما عن قلة في الشعب المصري احترفت هذا النوع من التعامل غير اللائق مع القضايا الداخلية والخارجية بدعمٍ من وسائل إعلام تتناقل الشائعات وكأنها حقائق موثقة بغرض افتعال المشكلات، وما أزمة «مصر- الجزائر» في 2009 عنا ببعيد، حينما تدهورت العلاقة بين البلدين الشقيقين بسبب أخطاءٍ صدرت عن إعلاميين ينقصهم الوعي وتغيب عنهم المهنية. هؤلاء نعرف أنهم لا يمثلون مصر وإن بدوا الأعلى صوتاً، فحقيقة المشاعر المصرية تجاه المملكة عبر عنها مئات المصريين الذين تجمعوا أمام سفارتها أمس رافعين شعار «مصر والمملكة.. يد واحدة»، كما عبرت عنها المؤسستان العسكرية والبرلمانية بإدانتهما الأحداث ورفضهما توجيه أي إساءةٍ للمملكة قيادة و شعباً وتقديرها لدورها في خدمة العرب والمسلمين. إن الأصوات المصرية المعتدلة، التي خرجت تنادي بقطع الطريق على من يحاولون تشويه صورة المملكة في وسائل الإعلام، تثبت أن ما بين البلدين أكبر من أن يتضرر بتصرفٍ فردي حاول البعض تضخيمه وإخراجه عن مساره الطبيعي كحادث جنائي يخضع للقانون. لهؤلاء نقول، ستبقى العلاقة بين المملكة ومصر عميقة شعبياً ورسمياً، لا يؤثر على متانتها حادثٌ مصطنع، فهي كما وصفها الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، ركنٌ أساسي لإنجاح العمل العربي المشترك.