على الرغم من أن المؤتمرات العلمية لا تزيد عن بضعة أيام، فإن التحضير لها يستغرق شهوراً، أو ربما سنوات، وقد تكون مكلفة أيضاً. فهل تستحق كل هذا؟ نعم، فإن تنظيم المؤتمرات وحضورها، له من الفوائد ما يصعب حصرها وقياسها، فإذا كانت الحياة الكريمة وازدهار الحضارة لا يكون إلا من خلال مجتمع يضم مختلف الفئات البشرية التي تتبادل المنفعة، وتقوم بالأدوار المختلفة، فكذلك ازدهار العلوم لا يكون إلا من خلال مجتمع علمي يضم مختلف الفئات والتخصصات العلمية. وإذا كانت الأسرة لبنة المجتمع، فإن الجمعيات العلمية هي لبنة المجتمع العلمي، وتكوين الجمعيات والشبكات العلمية يتم من خلال تعاون وتآلف بين الباحثين من ذوي التخصص المشترك، ومن له علاقة به. فأين تجد مناسبة أفضل من حضور مؤتمر علمي لتجد فيها من يشترك معك في الفكر والقضية، وقد يكون لديه حل لمشكلة تواجهك. لقد ثبت أنَّ أكثر من 70% من حلول المشكلات العلمية والصناعية تنبثق عبر التفاعل المباشر أثناء المؤتمرات واللقاءات العلمية. وهي ليست فقط من خلال المحاضرات أو الأوراق التي تلقى، ولكن أيضاً من لقاءات غير مخطط لها، في المحادثات والنقاشات الجانبية في ردهات المؤتمر. لقد ثبت أيضاً ما هو معلوم بالطبيعة: أن لا شيء يعادل المقابلة وجهاً لوجه في بناء العلاقات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، فمن الكتب والمجلات العلمية يأخذ الباحث، ويتعرف على غيره من العلماء، ولكنه لا يستطيع أن يقيم معهم تعاوناً علمياً، ويبني معهم علاقات علمية واجتماعية إلا حين يقابلهم شخصياً في هذه المؤتمرات. خلال المؤتمرات تتولد علاقات علمية وعملية، اقتصادية واجتماعية، وتتكون شبكات علمية ومجموعات بحثية وتبادل للخبرة والمعلومات. غالباً، عندما يتخرج الطالب ويدخل سوق العمل، يكون بعيداً عن البحث العلمي وآخر تطوراته، وخلال المؤتمر يتعرف على ما جدّ من بحوث في مختبرات الجامعات، ويطور أداءه في عمله، ويتعرف العالم والباحث في الجامعة على المشكلات العملية، وما يُحتاج إليه في أرض الواقع، وتبدأ حركة إيجابية بين الطرفين. ينكب العلماء على بحوثهم، ويعملون بصمت، يجعل المجتمع الخارجي لا يعرف عنهم وعن أنشطتهم العلمية الشيء الكثير. وخلال المؤتمرات يحاولون ترتيب وإعداد عروض تبين تلك الأنشطة، فيراها الحضور وتظهرها وسائل الإعلام للجمهور، ويتعرف المجتمع على جامعاته وعلمائه، وينتشر العلم وثقافته ونوره في المجتمع. إن الإعداد الجيد للمؤتمرات، تنظيماً وحضوراً، وما يتضمن من اهتمام وتركيز على الاستفادة القصوى من المقابلات الشخصية، والتعاون العلمي بين المشاركين، ينبغي أن يكون نصب عين المشارك في أي مؤتمر. منظمة المجتمع العلمي العربي هدفها الأساسي دعم وتحفيز المجتمع العلمي العربي لتكوين لبناته، ونقصد بها الجمعيات العلمية. ومن أهم الوسائل لذلك هي تنظيم المؤتمرات العلمية. وقد حرصت المنظمة على المساعدة وتشجيع تنظيم مؤتمرات علمية متخصصة، ولاقت بفضل الله نجاحاً كبيراً، ونتج عنها كثير من الخير. كما تقوم بالإعلان عن المؤتمرات العلمية التي تنظم في الوطن العربي، سعياً منها لتحقيق هذا الهدف السامي، حيث يضم الموقع الإلكتروني للمنظمة قائمة من أكبر قوائم المؤتمرات العلمية العربية، يرتاده يومياً عدد كبير من المتخصصين والمهتمين من شتى أنحاء العالم. كما تقوم المنظمة بتسليط الضوء على بعض المؤتمرات، وبعض الأوراق التي تلقى فيها لأهميتها، واهتمام منظميها بنشر النتائج والتوصيات في الصفحة الرئيسة من موقع المنظمة.