أمير حائل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    استعراض تقرير الميزة التنافسية أمام أمير الشمالية    توصيات شورية لإنشاء المرادم الهندسية لحماية البيئة    خسائر بقيمة 1.6 مليار يورو في إسبانيا بسبب انقطاع الكهرباء    165 عقدا صناعيا واستثماريا بصناعيتي الأحساء    250% تفاوتا في أسعار الإيجارات بجازان    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    أول تعليق من رونالدو بعد ضياع الحلم الآسيوي    برشلونة وإنتر ميلان يتعادلان 3/3 في مباراة مثيرة    سعود بن بندر يطلع على المبادرات الإصلاحية والتأهيلية لنزلاء السجون    أضواء بنت فهد: «جمعية خيرات» رائدة في العمل الخيري    جمعية الزهايمر تستقبل خبيرة أممية لبحث جودة الحياة لكبار السن    فيصل بن مشعل: اللغة العربية مصدر للفخر والاعتزاز    المتحدث الأمني للداخلية: الإعلام الرقمي يعزز الوعي المجتمعي    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    اعتماد برنامج طب الأمراض المعدية للكبار بتجمع القصيم الصحي    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل مبادرة "إمش 30"    الأمير سعود بن نهار يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    محافظ سراة عبيدة يرعى حفل تكريم الطلاب والطالبات المتفوقين    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    خسارة يانصر    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أوكرانيا وأمريكا تقتربان من اتفاقية إستراتيجية للمعادن    حينما يكون حاضرنا هو المستقبل في ضوء إنجازات رؤية 2030    جاهزية خطة إرشاد حافلات حجاج الخارج    الرئيس اللبناني يؤكد سيطرة الجيش على معظم جنوب لبنان و«تنظيفه»    المملكة: نرحب بتوقيع إعلان المبادئ بين حكومتي الكونغو ورواندا    المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد دور الإعلام الرقمي في تعزيز الوعي والتوعية الأمنية    وزير الخارجية يستقبل نظيره الأردني ويستعرضان العلاقات وسبل تنميتها    ميرينو: سنفوز على باريس سان جيرمان في ملعبه    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    أمانة الشرقية تطلق أنشطة وبرامج لدعم مبادرة "السعودية الخضراء"    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد بجامعة الإمام عبد الرحمن    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    حوار في ممرات الجامعة    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منبر الحرمين: العقل المعيشيَّ المصلحيَّ سبب المشكلات الحضارية
نشر في الشرق يوم 27 - 11 - 2015

قال إماما وخطيب المسجدين الحرام والنبوي في خطبتي، الجمعة اليوم، إن العقل الصحيح عُدةٌ المرء في النوائب، وجُنَّتُه في النوازل، وقائده إلى الخيرات ودفع المضرات في العاجل والآجل، وإذا تم العقلُ تم معه كل شيء، وإذا فسد ذهب وصار أمر العبد فرطاً، ولا تجَمُل الحياةُ ولا يُستطاب العيشُ إلا به، فهو يعين العبد على معرفة طرق الصواب والرشد في سَلكُها، ويستبينُ سُبل الخطأ والغواية في تجنبُها، مؤكدين بأن السعادة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة أسعد حياة وأفضل نعيم، لا تكون إلا بسلامة القلب وطيبة الصدر، قال الله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم. وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِين. وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ).
وأكدا على أن القلب السليم يقابل القلب المريض بالخصال المذمومة وأعظمها الشح وهو الحرص على الدنيا والطمع والحرص على ما في يدي الغير والاعتداء على الحقوق ومنع الواجبات، قال عليه الصلاة والسلام: ( إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالفجور ففجروا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا)، سيما سلامة القلب عند التسامح والحلم والصبر والتجاوز والعفو والشفقة والرحمة للمسلمين، والمسلم إذا جاهد نفسه على كسب وتحصيل سلامة القلب والصدر ونال هذه المنزلة العالية فقد أفلح وعاش في الدنيا في عافية وضمن الله له في الآخرة الدرجة العالية.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور خالد الغامدي: إن العقل والدين صنوان لا ينفكان، فلا يتمُّ دينُ المرء حتى يتم عقلُه، والعقلُ بلا دين ضلالٌ وانفلات وغواية، والتدين بلا عقل بريدُ الفهم المنكوس والسلوك المشين، وضيق العطن، وكم في ذلك من إساءة إلى النفس والناس وتشويه لصفاء الإسلام ونقائه، وقد كان الحسن البصري – رحمه الله – إذا أُخبر عن صلاح رجل قال : كيف عقلُه؟ فما تم دين عبد قط حتى يتم عقلُه، ومصداق ذلك من كلام الله قوله تعالى ( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ).
وبيّن الشيخ خالد الغامدي أن العقل من أجل مواهب الله للعبد، وكلما عَظُم حظ العبد انتفع بمواعظ القرآن وهداية الوحي أيما انتفاع وأمسك بمفاتيح الحضارة والرقي وتسخير أسباب الأرض وخيراتها للعيش فيها عيشةً كريمةً هانئةً، والعقل الذي مدحته الشريعة ورفعت من شأن صاحبه، وحث القرآن في خطاباته على استدعائه لأعماله والإفادة منه قوله ( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) وقوله (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) (أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) ( أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ) وغير ذلك كثير، ليسهو العقلُ الغريزي فحسب، بل هو زائد على مجرد الآلة والملكة، إنه الفهم عن الله ورسوله، الفاتحُ لأبواب البركات والعطايا، والجاهلُ ما على الأرض من زينةٍ للخيرات والفلاح مطايا، المعين على الطاعات واجتناب السيئات والرزايا، إنه العقل الذي يعقل صاحبه عن المساوئ والدنايا، ويطلقه في اكتساب الفضائل وكريم السجايا، والعقل الذي يحجز صاحبه عن خوارم المروءة وقوادح الشرف وسفاف الأمور، ويحمله على معالي الأخلاق وكرائم الصفات.
والعقل الذي يرفع الأفراد والأمم لتصلح للاستخلاف في الأرض فتعمرها حضارةً وتقدماً ورقياً، هذا هو العقل الممدوح في الشريعة الذي أراد الله من خلقه أن يتصفوا به، ويتحلوا بزينته، ويستثمروه في كل نافع ومفيد، هذا هو العقل الذي رتب الله عليه بلوغ الكمالات وحصول الهدي والفلاح والنجاة من الآفات الحضارية والأمراض القلبية والأخلاقية، فيرضى الله عن صاحبه ويبارك في حياته وينتفع بهذه الموهبة نفعاً عظيماً، ولما سئل عالم مكة وفقيهها عطاء بن أبي رباح رحمه الله عن أفضل عطايا الله لعبده ؟ قال : العقل عن الله، فالعقل عن الله والفهم لخطاباته ومراداته هو الباب الأكبر للحصول على خير الدنيا والآخرة، وهو في الحقيقة تمكينٌ للعقل من تحقيق المقصود من إيجاده وخلقه.
وأضاف فضيلته: إن معرفة حقيقة العقل الممدوح في الشريعة وضرورة حفظه واعماله فيما يرضي الله يصحح عند الناس مفهومات خاطئة في كيفية استعماله، حيث وظف بعضهم ملكة عقولهم وذكاءهم في نشر الأفكار والآراء الضالة وتوليد الشبه والأهواء المضلة لها لإضلال الناس، وتفنَّن في أساليب المكر والدهاء والحيلة والخداع وإلحاق الضرر والأذى بالناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ومكانتهم.
وعند أمة من الناس غلبت المعرفة بزينة الحياة الدنيا وشهواتها والمنافسة فيها على المعرفة بأمور دينهم وآخرتهم وظن أولئك كلهم، أن ذلك هو العقل كلَّ العقل، إن هذا العقل المعيشيَّ المصلحيَّ الذي يفكر به البعض هو سبب كثير من المشكلات الحضارية والأمراض النفسية والسلوكية والتربوية والاجتماعية، وعلة علل الكثيرين من الراضين بالتخلف مع الخوالف الذين كره الله انبعاثهم فثبطهم وخذلهم فقعدوا مع القاعدين، ولو أنهم أرادوا الخلاص من مشكلاتهم وأمراضهم والانعتاق من التخلف الحضاري لأعدوا لذلك عدته وأعملوا هذه الملكة العظيمة والهبة الربانية فيما يعود عليهم وعلى مجتمعهم وبلادهم بكل خير وصلاح وفلاح ولتخلصوا من الآفات والمفسدات الحسية والمعنوية التي تغتال العقل وتقيده عن الإبداع والإنتاج المفيد، ومن أشدها أثراً الخوضُ فيما استأثر الله بعلمه وحجب العقول عن إدراكه، والأفكار الضالة والأهواء المروية، والخرافات، والتقليد المذموم، والتعصب والتبعية المقيتة.
والمعاصي القلبية وذنوب الجوارح، والخمر والمخدرات والمسكرات وغير ذلك من العلل التي تكبل العقل وتتسلل إليه فتعطله وتحرفه عن المقصود من خلقته وإيجاده، وتؤثر فيه وتسلبه نوره وبركته.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن العقل هو آلة الفهم والوعي والإدراك، وهو يعمل بكل كفاءة واقتداء إذا استنار بنور الوحي وآداب النبوة، واستفاد من تجارب الناس، واعتبر بأحداث الحياة والتاريخ وتقلب الأيام وتبدل الأحوال ومصارع الغابرين، فإن كل ذلك يزيد من عقله الغريزي ويوسعه وينميه ويكسبه عقلاً واعياً سديداً مجرِّباً، ويظهر عقلُ العاقل المهتدي بنور الله المجرب الواعي في مواطن كثيرة، فهو لا يقوم على أمر الله وأمر رسوله شهوةً ولا شبهةً ولا قولاً ولا رأياً وإذا اشتبه عليه أمران اجتنب أقربهما إلى الهوى، وهو دائم التفكير والتذكر والاعتبار بالمآلات والأحوال، والمحاسب للنفس، مما يعينه على حسم الداء قبل أن يقع فيه، وتقديم العافية على البلاء، فإذا اُبتلي رضي وثبر، وهو يعلم أن البلاء موكل بالمنطق فلذلك تراه يحرص على الصدق ويتخير الكلام النافع المفيد، ويحذر من آفات اللسان المردية التي تقدح في عقله ومروءته من الكذب – وهو أشنعها – والغيبة والنميمة والشماتة، وهو لا يأمر الناس بالبر وينسى نفسه، ولا يسأل عن أشياء لا تعنيه، ولا يتعلم فيما لا يحسنه.
فمن حسن عقل المرء وإسلامه تركه ما لا يعنيه ومعرفته مقدار نفسه وهو يعلم حقيقة الدنيا وأنها متاع زائل ولهو ولعب وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد وزينة تخلب الألباب وتغر أهلها وتميل صاحبها فيأخذ عرض هذا الأدنى ويقول على الله غير الحق، قال تعالى ( وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) وقال تعالى (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ).
وقال الشيخ خالد الغامدي إنه ليس هناك أحرص من العاقل على جميع الكلمة والوحدة والألفة والتغافل عن الهفوات والزلات، ونبذ التفرق والنزاع والخصومات والتحريش الشيطاني، وزينة العاقل التواضع للناس كافة وإنزالهم منازلهم ومعاملتهم بظواهرهم وترك سرائرهم إلى ربهم، وهو لجودة عقله لا يحسد أحداً ولا يحتقره ولا يحمل الحقد من تعلو به الرتب، ولا يستخف بأحد، فإن من احتقر العلماء والأتقياء أهلك دينه.
ومن استخف بالسلطان واستهزأ به أفني دنياه وأهان نفسه، ومن تتبع عورات إخوانه خرم مروءته وأزرى بنفسه وحسن السمت وطول الصمت والرزانة من دلائل عقل العاقل الذي لا تستفزه الأحداث ولا يستخفه الذين لا يوقنون، ولا تستجره الأهواء ولا تطيش به النزوات، وهو الذي قد غلب حلمه غضبه، وعدله ظلمه، وتواضعه تكبره، والنساء شقائق الرجال ولهن في كل ما ذُكر نصيب داخر، وكم من نساء المسلمين من كان لها في الماضي والحاضر مواقف العقلاء ومروءة النبلاء، ونقصان عقل المرأة إنما هو في أن شهادة رجل تعدل شهادة امرأتين ليس إلا كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي المدينة المنورة
دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي، المسلمين إلى تقوى الله سبحانه حق التقوى، وقال : إن كل ابن آدم يعمل ويسعى لسعادة أبدية وحياة مرضية، فمنهم من يوفق لذلك فيعطيه الله عز وجل السعادة الأبدية والحياة الدنيا المرضية، ومنهم من تكون غايته وهمه الدنيا وينسى الآخرة فيعطى من الدنيا ما كتب الله له وليس له في الآخرة من نصيب، وما نال من الدنيا لا يصفو له من غير كدر ومنغصات وشرور ومهلكات قال تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا).
وإن العمل الصالح لا يكون إلا من قلب سليم صادق خالي من النفاق وشعبه، قلب قريباً من كل خير بعيداً عن كل شر وتجتمع فيه الأخلاق الفاضلة، قلب ينفي الأخلاق السيئة عنه ليرفع صاحبه إلى الدرجات العلى من الجنات وينجيه من النار والمهلكات قال تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ. الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).
وأشار فضيلته إلى أن القلب السليم له صفات وأحوال فأفضل أحواله وأحسن صفاته سلامته من الشرك الأكبر والأصغر وسلامته من النفاق وشعبه وصحته ومعافاته من كبائر الذنوب والآثام وتطهر من الصفات السيئة كالبخل والشح والحسد والغل والكبر والغش والخيانة والمكر والكذب.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أن أحسن أحوال القلوب السليم وأفضلها وأعلى درجات سلامتها قد أتصف بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مستشهداً فضيلته بالحديث الشريف عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يُبَلِّغُنِي أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإنِّي أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سَلِيم الصَّدر).
وقال فضيلته: إن من اجتهد بالاقتداء بالأنبياء عليهم السلام، نال من صفات القلب السليم بقدر اجتهاده، ومن أتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتمسك بسنته الغراء فقد وفق لأحسن الهدي وخير العمل والاعتقاد ورزقه الله عز وجل سلامة الصدر.
وأكد الشيخ علي الحذيفي أن سلامة الصدر والقلب ثوابها الجنة وعافية للبدن في الدنيا، مستشهداً بالحديث الشريف، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَطْلع الآنَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " , فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ مَاءِ وُضُوئِهِ، قَدْ عَلَّقَ نَعَلَيْهِ بِيَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الأُولَى فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الأَوَّلِ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ:
إِنِّي لاحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنِّي لا أَدْخُلُ عَلَيْهِ ثَلاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنْ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ الثَّلاثَ اللَّيَالِيَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ تَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَبَّرَ حَتَّى صَلاةِ الْفَجْرِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلاثُ اللَّيَالِي وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلا هِجْرَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لَكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلاثَ الْمَرَّاتِ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ فَأَنْظُرَ مَا عَمِلْتَ فَأَقْتَدِيَ بَكَ، فَلَمْ أَرَ عَمِلْتَ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : مَا هُوَ إِلا مَا رَأَيْتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لا أَجِدُ فِي نَفْسِي لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلا أَحْسُدُهُ عَلَى شَيْءٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: هَذَا الَّذِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لا نُطِيقُ ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.