شئنا أم أبينا تبقى صورة المدرج روح لعبة كرة القدم، وشئنا أم أبينا تبقى جماهيرنا أحد أسرار تفوّق كرتنا محلياً وخارجياً. يكفي أن أضرب مثلاً بجماهير الأندية الكبيرة التي صنعت لأنديتها خصوصية وميزة لا تتوافر لدى غيرها، ويكفي أن أتحدث عن مُدرج جدة كحالة استثنائية ساهمت في أرقام غير مسبوقة بتاريخ المنافسات المحلية، ويكفي أن أتحدث عن مدرج المجانين كقصة أسطورية عشقاً وولعاً تقرأها عيون ملايين المُعجبين حتى نفاد الكمية. جمهور النادي الأهلي نمط وأسلوب يقل مثيله على مستوى التأثير، وهو نمط أحادي الحب يهتم بتفاصيل معشوقه يومياً، وهو اتفقنا أم اختلفنا من صنع لنفسه شخصية تاريخية مُتفردة. مدرج الأهلي وقف وقت الانكسار وتألق وقت الفرح وعاتب وقت الخلل، ومن حقه أن يُعبر عن وجهة نظره ومن حقه أن نستوعب وجهة نظره تلك. لا اختلاف حول حب المدرج وعنفوانه، ولا مناص من علاقة تحتمل القسوة، ولا جديد في أن يحمل بين ضلوعه مشاعر الخوف تارة والغضب تارة أخرى. لا تملك مع هذا العاشق سوى الوقوف احتراماً رغم وجود الانفعالات ورغم حصول بعض التجاوزات ورغم كثرة الاعتراضات. يجب أن يعلم ياسر المسيليم ومنصور وغيرهما من لاعبي الأهلي أن ملكية الأهلي لمدرجه مسألة محسومة، وأن محاولة الجلوس في ظلها دون وجه حق يستحق المُحاسبة، وأن الكبار فقط من يعيشون الضغوطات، وأنهم مع ذلك أيضاً من ينتج الفرح. في الأهلي والأندية الكبيرة تتم مراعاة المدرج وتقدير وقفته ومراجعة آراء شريحة كبيرة منه وتقديم تنازلات منطقية أحياناً تقديراً لدوره الكبير والمؤثر. افتقد دورينا مدرج جدة جولتين، وسيعود عبرهما إلى تصدير الأرقام واللوحات الفنية الجميلة والأهازيج الجاذبة، كيف لا وهم جماهير المناسبات الكبيرة والخالدة.