يُعد التاريخ قصير العمر نسبياً، مقارنة بوجود الإنسان على وجه الأرض، حسبما كشفت عنه البحوث الأنثروبولوجية، فإذا كان عمر الأرض حسب تقنية الأرغون البوتاسيوم قدر ب(4.6) مليار سنة، فإن رحلة الخلايا الأولى بدأت بعد ذلك ب(800) مليون سنة، أما بدايات الحياة للكائنات عديدة الخلايا حسبما وصل إليه علم (البالينتولوجيا)(PALEONTOLOGY) الحديث بكشوفاته الأخيرة في الصين، فقد جرى تحديدها فيما يشبه (الانفجار العظيم) ليس من النوع الكوني بل الحيوي (BIOLOGICAL BIG-BANG THEORY) على شكل (انفجار عظيم بيولوجي) حيث ظهرت في وقت متقارب معظم الكائنات الحية المنتسبة للحياة الحالية قبل (530) ( مليون سنة)، في حين أن بدايات الإنسان التي وصل إليها العالم الإنثروبولوجي (تيم وايت) في الأرض الجافة في الحبشة، قفز فيها الرقم حالياً الى 4.6 مليون سنة، حينما كشف عن هيكل (ارديبيثيكوس راميدوس) (RAMIDUS ARDIPETHICUS) ويتوقع أن يمسك قريباً بالجذور الأولى لبدايات الإنسان، ويتوقع أن تكون في حدود خمسة إلى سبعة ملايين من السنين، أما الثورة الزراعية فهي قريبة العهد نسبياً، فلم تدشن سوى قبل تسعة آلاف سنة، في حين أن انتشار الإنسان الحالي من شرق إفريقيا ليعمر الأرض، قد بدأت قبل حوالي مائتي ألف سنة؛ فاستقر في الشرق الأوسط قبل 65 ألف سنة، وانتشر في أوروبا قبل 30 ألف سنة، وعبر مضيق بهرنك بين آسيا وألاسكا ليستقر في الأمريكيتين قبل 12 ألف سنة، قبل أن تصل إليهم يد الأسبان بالإبادة الجماعية. أما بدايات بزوغ الحضارات فكأنها البارحة، حيث أشرقت شمسها من انطلاقة الإنسان من العصر الحجري قبل 6000 سنة، ليدشن عصر الحضارة، التي تميزت بأربعة فتوحات عجلت بتسريع نظم الحضارة، بتملك أدوات تطويرها: باختراع الكتابة، وتدشين التجارة، وتأسيس البيوت والسكن، واكتشاف المعادن وصقل الأدوات، بتفاعل اليد مع الدماغ المتطور؛ فالحضارة تصور وعقلانية في الدماغ، وإبداع تقني من اليدين، أو هي تفاعل الإنسان مع التراب والوقت حسب مصطلحات المفكر بن نبي. أو هي على مصطلحات علم الاجتماع توفير الضمانات للأفراد الذين يعيشون في محيطها ويكدحون. أو هي مضغوطة في ثلاث كلمات: إبداع لا يقف. وصيانة لا تتعب أو تستقيل، وتطوير لا يعرف الهدوء والراحة.