ظهر في الآونة الأخيرة على أبنائنا سلوكيات لم نعهدها من قبل، بل أنها منافية للدين والعرف والذوق العام، وهذا بلا شك ناتج عن التطور الذي يشهده مجتمعنا في مناح شتى، وما تلك المظاهر التي نشاهدها في أكلنا وشربنا ولبسنا الا نتاج لهذا التطور والخير العميم الذي نعيشه. ولكن لايعني ذلك اننا ننسلخ او نتنكر او نشوه من خلقتنا، ونتبادل الأدوار. فلا يمكن لعاقل ان يتصور رجل في مشية امرأة ولا امرأة بشعر رجل، كل منا خلقه الله لدور يؤديه في هذه الحياة. ما يبعث على الاطمئنان والسرور أن الكثير من هؤلاء الشباب والشابات عندما يتعدون مرحلة المراهقة وهي المرحلة التي تكثر فيها الانحرافات السلوكية يحتقرون أنفسهم عندما تلوح في مخيلتهم تلك الصور والمشاهد، وهذا الأمر حقيقة مصدر اطمئنان للكثير من الآباء والامهات والمربين والغيورين على مصير الامة، ولكن ومع الأسف الشديد يظل البعض يصر على تطوير هذه الشخصية والاستمرار فيها لمراحل متقدمه من عمره وهذا هو مانريد ان نتعرف عليه في هذه العدد. * أسباب الميوعه لدى الطفل والمراهق - الحقيقة أن للميوعه أسباب عديدة لعل من اهمها مايلي: * سيطرت الهرمونات الأنثوية لدى البعض. * البعض من الأطفال يعيش بين مجموعة من الأخوات الإناث وقد يقوم لا إراديا بتقمص شخصياتهن في الكلام والحركة ثم ما يلبث ان يجد صعوبة في التخلص منها. * التأثر بالقدوات العابرة والمؤقتة من مطربين ولاعبين وغيرهم. * تعريضه لأسباب الميوعة كدمجه مع زملاء وعوائل عرف عنهم الميوعة. * عدم مصاحبته لوالده للاحتكاك بالرجال والاستعاضة بذلك بمرافقة والدته في الحفلات والمناسبات النسائية وهو أمر قد يجعله يتعلم لا إراديا رقص النساء وسلوكياتهن. * إهمال المجتمع للأطفال وتهميشهم وعزلهم عن الاحتكاك بالكبار والاستفادة من تجاربهم. * عدم تحميل الأطفال مسؤوليات رجولية تتناسب وأعمارهم كتعليمهم الرماية والسباق والرياضة وركوب الخيل وغيرها. - ماذا يعمل الوالدان للقضاء على الميوعة؟ هناك طرق وأساليب كثيرة لتعليم الأطفال الرجولة والبعد بهم عن الميوعة حبذا لو أعطيت للطفل على شكل جرعات تتناسب وسن الطفل، فمثلا: قبل سن المدرسة اي من سن 2-6: نعلمه بعض السلوكيات الأدبية مثل: * احترام الكبار والسلام عليهم :روى أَبو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: "يُسلِّمُ الصَّغِيرُ على الكبِيرِ ...الخ " [رواه البخاري: 5736]. * تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث، فيمنع من الرقص والتمايل كالنساء، او الإكثار من المشط ووضع المراهم المجملة ويمنع من لبس الحرير والذّهب. تعليمهم والعناية بهم تجنبهم آثار المراهقة * قراءة قصص العظماء وتاريخنا الإسلامي سابقا ولاحقا مليئا بهولاء الإبطال، وهذا الأمر يعظم الشجاعة في نفوسهم. * أخذه للمجالس العامة وإجلاسه مع الكبار، وهذا الأمر يزيد من مدركاته اللغوية ويرفع من قدراته العقلية، ويحمله على محاكاة الكبار، ويبعده عن الاستغراق في اللهو واللعب، وهذا ماكان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، حيث كانوا يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.. الحديث" رواه النسائي وصححه الألباني. * تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين وبالذات الاقران. * عدم احتقار أفكاره وتشجيعه على المشاركة إعطاؤه قدره وإشعاره بأهميته وذلك يكون بأمور مثل: (1) إلقاء السّلام عليه، وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ" [رواه مسلم: 4031]. (2) استشارته وأخذ رأيه خاصة في الامور التي تتعلق به. (3) توليته مسؤوليات تناسب سنّه وقدراته والاعتماد عليه، فعن ابْن عَبَّاسٍ قال: "كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلا إِلَيَّ، قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار، قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ وضربني بكفّه ملاطفة ومداعبة" فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ " [رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم]. (4) استكتامه الأسرار، وفي رواية عن أَنَسٍ قال: "انْتَهَى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا غُلامٌ فِي الْغِلْمَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَرْسَلَنِي بِرِسَالَةٍ وَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَار- أَوْ قَالَ إِلَى جِدَار - حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ" [رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه، باب في السلام على الصبيان]. - بعد سن السابعة الى المراهقة: * تكنيته لتحسيسه بمكانته، كمناداته بأبي فلان أو أمّ فلان لان هذا الأمر ينمّي لديه الإحساس بالمسئولية، ويُشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد، ويحسّ بمشابهته للكبار، وقد كان يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم مع الصّغار؛ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ – قَالَ: أَحسبُهُ فَطِيمًا – وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟!" (طائر صغير كان يلعب به) [رواه البخاري: 5735]. * احترام الكبار للصغار وإعطائهم قيمتهم وقدرهم في المجالس ومما يوضّح ذلك حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيُّ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ" [رواه البخاري: 2180]. * تعليمهم الرياضة بأنواعها المختلفة والرماية والسباحة وركوب الخيل، فقد جاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: "كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ" [رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب]. * تنمية الرجولة لدى الأطفال ب: (1) تدريبهم على الخطابة. (2) إبعادهم عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة، وقد قال عمر: اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم. (3) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ.