أمير الرياض يوجه باستمرار العمل في إمارة المنطقة خلال إجازة ‫عيد الأضحى‬    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة «تعاونية الثروة الحيوانية»    عرض عسكري يعزز أمن الحج    جاهزية أسواق النفع ومسالخ جدة لموسم الحج وعيد الأضحى    ارتفاع نسب التوطين بوظائف الأنشطة السياحية بالعاصمة المقدسة 40 %    123 ألف شتلة أشجار وزهور    رئيس الشورى يستقبل سفير كازاخستان المعين    السعودية تدرس الانضمام لبريكس    القيادة تهنئ رئيس البرتغال بذكرى اليوم الوطني    «الكشافة».. عقود في خدمة ضيوف الرحمن    الماجستير لفاطمة الغامدي    جدة: تكريم 290 متميزاً ومتميزة في لقاء العطاء والطموح    نائب أمير حائل يشهد الحفل الختامي لمسارات    أمير الرياض يستقبل سفير النرويج وأمين عام «موهبة»    المملكة تؤكد دعمها لقطاع الإبليات    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي الشهداء والمصابين من أهالي غزة    مركز الأمير سلطان للقلب بالقصيم يحقق شهادة الاعتماد من "سباهي"    فقدان طائرة عسكرية تقلّ نائب رئيس مالاوي    هزيمة قوية تدفع ماكرون للانتخابات    أوكرانيا تستخدم قواعد ناتو لطائراتها وروسيا تسميها أهدافا مشروعة    رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: مشاوراتنا في السعودية ستثمر قريباً    ما هي نقاط الخلاف بين إسرائيل وحماس حول مقترحات بايدن؟    القبض على مخالفين لنظام الحدود لتهريبهما 24 كيلوغرامًا من الحشيش في نجران    رحيمي حلم النصر لتعويض ماني    كاسترو يحسم موقف لابورت    السجن والغرامة والتشهير والترحيل ل 10 مخالفين لنقلهم 71 مخالفا ليس لديهم تصريح بالحج    أمير الباحة يكرّم عدداً من القيادات الأمنية نظير إسهاماتهم وجهودهم المميزة    الأمن العام: جاهزون لردع من يمس أمن الحج    قصف نازحين في مواصي رفح.. إسرائيل ترتكب 5 مجازر جديدة    ضبط 1.2 طن خضروات تالفة في سوق الدمام المركزي    مانشيني: سنخوض "كأس الخليج" بالتشكيلة الأساسية    السفارة بمصر للمواطنين: سجلوا بياناتكم لاستخراج إقامة    "هيئة النقل" لحملات الحج: بطاقة السائق ضرورية    المنتخب السعودي يحصد 5 جوائز بأولمبياد الفيزياء    جامعة نورة تدفع بخريجات الدفعة الأولى للغة الصينية    500 من ذوي الشهداء والمصابين يتأهبون للحج    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11853 نقطة    حاجة نيجيرية تضع أول مولود بالحج    «الموارد البشرية»: بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتباراً من 15 يونيو    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    النفط يتراجع مع صعود الدولارالنفط يتراجع مع صعود الدولار    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    تدشين خدمة الربوت الذكي بجوار المسجد النبوي.. مشاهد إيمانية تسبق مغادرة الحجيج المدينة المنورة    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    محافظ القريات يرأس المجلس المحلي للمحافظة    رئيس الأهلي!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لويحان في القاهرة وابن الجهم في بغداد: الانبهار!
مقاربات بين الشعبي والفصيح
نشر في الرياض يوم 11 - 08 - 2014

وكلاهما ذهب الى مدينة كبيرة من حواضر الدنيا العامرة بالتقدم والازدهار والأضواء الباهرة والغيد الحسان.
كلاهما أيضا قدم من بيئة مختلفة تماماً، بيئة كانت جديبة محدودة قليلة السكان والعمران خاملة النشاط خامدة الأضواء شديدة الرتابة بطيئة الحركة ومعزولة تقريباً عن العالم المتحضر آنذاك.
علي بن الجهم (188-249ه) قدم من البادية بما فيها من وحشة وقساوة ورتابة ووحدة وندرة مظاهر الجمال إلى عاصمة الدنيا كلها آنذاك (بغداد) التي كانت أجمل وأشهر مدينة في العالم، فيها سحر ألف ليلة وحلم كل الشعراء والفنانين قد بلغت فيها الحضارة المنتهى، وبزغ فيها نور العلم، وتفنن أهلها في جمال الملابس وفخامة المنازل وفراهة المناظر وفنون الطرب والغناء حتى بلغوا حدود الترف مع تدفق الأموال واختلاط الأجناس وكثرة السكان ووفرة الحدائق وتنوع المآكل والمشارب وشموخ القصور والطرق وجمال النساء التي تزدان بهن شوارع بغداد من كل جنسية من عربية وفارسية ورومية ومن كل أنحاء الدنيا في حفلة عالمية يراها (بدوي) أول مرة وهو الذي لم ير في حياته غير بيوت الشعر وقطعان الأنعام ونبات البادية الشاحب وبناتها البعيدات عن كل ميوعة أو تزين أو مجاهرة بالجمال.
أما شاعرنا الشعبي الكبير عبدالله التميمي (المعروف بلويحان 1309-1402ه) لأن جده كان كريماً كثير التلويح للضيوف، فقد مرّ بتجربة قريبة من تجربة شاعرنا الفصيح علي بن الجهم، إذ قدم (لويحان) إلى القاهرة قبل أكثر من سبعين عاماً (في عهد الملك فاروق) حين كانت المملكة في أول خطواتها نحو النهوض، وكانت عاصمتها الرياض تشبه قرية صغيرة بالنسبة للقاهرة آنذاك، فالبيوت من الطين والطرق ترابية ضيقة، ووسائل النقل أكثرها من الخيل والجمال والبغال، فوصل إلى القاهرة فجأة وهي في عز حضارتها وتوهجها تموج بسكانها وتزدان بحسانها وتزدهر بعلومها وجامعاتها وتزهو بحدائقها وزهورها وتصدح بشعرائها وفنونها ومطربيها وموسيقاها.
كلاهما ايضا قدم من بيئة صحراوية شحيحة الماء والخضرة الى مدينة رائعة فيها أنهار جارية وحدائق يانعة وخضرة ترد الروح، بغداد يجري حولها دجلة والفرات، والقاهرة يتلألأ في أرضها أطول وأجمل أنهار العالم (النيل العظيم) فاجتمع للشاعرين رؤية (الماء والخضرة والوجه الحسن) في كل ما رأوا وما طافوا وما ساحوا حتى انبهر الشاعران أشد الانبهار، والشاعر أكثر انبهاراً وهياما بمناظر الحسن ومواطن الجمال، فانعكس ذلك على الشعر الذي أبدعاه، واضاف الى الموهبة الأصيلة التي يتمتع بها كلٌ منهما، بيئةً جميلة تتفق معها المواهب تفتق الورود مع قطرات المطر، وتنشرح لها النفس انشراح الكون لانبلاج الصباح ويتكاثر الالهام والملهمات، ويتكثف الشعور في الوجدان، وتنبت للخيال أجنحة قوية تحلق في الفضاء.. لهذا اختلف شعر كل منهما قبل الرحلة وبعدها.. بعدها صار أرقَّ وأصفى، أجمل وأحلى.. وسوف نورد مثالاً من ذلك لكل منهما:
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن
سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما
تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ
وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما تُضيءُ
لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري
فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ
وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري
أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ
وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ
ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَأنَني
بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ
فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً
عَهِدنَهُ فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ
وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما تُصادُ
المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ
بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما
أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ
وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ
وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري
وَما أَنسَ مِ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
لِجارَتِها ما أَولَعَ الحُبَّ بِالحُرِّ
فَقالَت لَها الأُخرى فَما لِصَديقِنا
مُعَنّىً وَهَل في قَتلِهِ لَكِ مِن عُذرِ
عِديهِ لَعَلَّ الوَصلَ يُحييهِ وَاِعلَمي
بِأَنَّ أَسيرَ الحُبِّ في أَعظَمِ الأَمرِ
فَقالَت أَداري الناسَ عَنهُ وَقَلَّما
يَطيبُ الهَوى إِلّا لِمُنهَتِكِ السِترِ
وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا مَنِ
الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري
فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى
وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ
فَقالَت كَأَنّي بِالقَوافي سَوائِراً
يَرِدنَ بِنا مِصراً وَيَصدُرنَ عَن مِصرِ
فَقُلتُ أَسَأتِ الظَنَّ بي لَستُ شاعِراً
وَإِن كانَ أَحياناً يَجيشُ بِهِ صَدري
صِلي وَاِسأَلي مَن شِئتِ يُخبِركِ أَنَّني
عَلى كُلِّ حالٍ نِعمَ مُستَودَعُ السِرِّ
وَما أَنا مِمَّن سارَ بِالشِعرِ ذِكرُهُ
وَلكِنَّ أَشعاري يُسَيِّرُها ذِكري
خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ
وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ)
(علي بن الجهم)
* * *
إن مت في شارع فؤاد ادفنوني
ياطا على قبري بنات مزايين
ما عاد أكذب عقب شافت عيوني
بنات من نسل البوش والسلاطين
شفت الزهو بناعمات الغصون
ما دونها حارس على العسر واللين
أحد يدور للبضاعة زبون
واحد تفسح قاضبين القوانين
يا عاذل راعي الهوى ما تمون
تنقد وعنك الناس ما هم بدارين
الناس في سجات ما يسمعون
الوقت عدل ومثله الناس عدلين
ياأهل العقول الطيبة سامحوني
كل برايه يحسب العشر عشرين
(لويحان)
ومن شعر لويحان - رحمه الله - في مصر حين قيل له استأجر شقة صغيرة فأبى وقال:
ماني على ماتكره النفس محدود
خل السوالف ياعذولي قصيره
أنا بمصر اللي به الخير ماجود
إلى تصعّب شي دوّرت غيره
انا بخير وعز من فضل ابا الجود
يوم ان بعض الناس يرجف ضميره
القاهرة قديماً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.