أكد المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله المنيع في حديث ل"الرياض"أن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله كشف للعالم في خطابه امس حقيقة من يدعون نشر الاسلام ويصورونه دين وحشية وتسلط وقسوة وعنصرية وحذر العالم من هؤلاء كما دعا رعاه الله لضرورة تصحيح الوضع وبذل الجهود لمكافحة الآراء الشيطانية التي سيطال خطرها الانسانية كافة. ودعا الشيخ المنيع في حديثه العلماء والمفكرين والادباء ووجهاء المجتمع وشباب الامة الى الوقوف صفا واحدا مع قيادتهم والتعاون والتناصح فيما بينهم لنتجاوز الفتن المتتابعة التي تمر بها الامة والتي تهول كل منها ماقبلها، مشددا على ان الباطل له صولة لكنه سيزول مؤكدا ان من يعكرون صفو الحياة لن يكون لهم سلطان على الامة. واوضح المنيع انه من الخطأ الاعتقاد ان الدولة مسؤولة عن كل شيء والبقية يقفون موقف المتفرج،لافتا الى ان انقسام المجتمع على نفسه وقت الازمات هو نتاج ضعف الايمان . ووصف المنيع من يشككون في اجهزة الدولة وفي علمائها ومواقفهم تجاه الاحداث التي تمر بها المنطقة كأحداث غزة وسورية بأنهم مغتّرون ببهارج باطلة، موضحا ان ذلك مبعث من مباعث الارهابيين،داعيا في هذا الصدد اصحاب الفكر والاعتدال الى النهوض بدورهم في تنوير الرأي العام وعدم ترك الميدان مفتوحا امام هؤلاء،مشيرا في معرض حديثه الى ان الفتن باقية وان المجتمعات لن تستقر الا ببصيرة قوية وبالتعاون بين علمائها ومفكريها. وفيما يلي نص الحوار مع معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله المنيع: الأمّة أمام فتن متتابعة كل منها تهول ماقبلها وبالتبصير والتعاون سنتجاوزها (الملك حذر العالم من هؤلاء) "الرياض": دعا خادم الحرمين في كلمته علماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم وأن يقفوا مع الحق في وجه من يحاول "اختطاف الإسلام" وتقديمه للعالم أنه دين تطرف وكراهية، وذكر أن أمتنا اليوم تمر بمرحلة تاريخية حرجة..ماتعليقكم؟ -كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعطي الكثير من التوجيهات والتنبيهات لمايجب على الأمة الإسلامية وعلى ذوي الفكر المعتدل من علماء المسلمين ووجهائهم في أن ينظروا إلى مايحمله رعاة الإرهاب من أفكار هي في الوقع تنبع من فتن الشياطين ومما فيه الاخلال واعطاء السمعة السيئة عن الاسلام وعن حرصه على اسعاد الانسانية، فلقد اعطى خادم الحرمين الامة الاسلامية خاصة والعالم بتحليله الصادق للافكار السيئة التي تسيء للاسلام على اعتبار انها دعوة للاسلام وهي في الواقع ضد الاسلام اعطى توضيحا لوضع هؤلاء وانهم وإن ادعوا بأنهم يريدون انتشار الاسلام فهم يعطون انعكاسا سيئا للاسلام ويؤكد مايعتقده الكثير من ان الاسلام دين وحشية وعنصرية وقسوة ودين لايخدم الانسانية ولا الحضارة الانسانية وانما هو دين تسلط،والأمر كما تفضل به خادم الحرمين حفظه الله وأسبغ عليه الصحة والعافية فقد حذّر الامة العالمية من هؤلاء ومن افكارهم وان وراء اعمالهم تسلطاً على الانسانية جمعاء، وقد اعطى حفظه الله الكثير من التوضيح والاشارة الى ضرورة تصحيح الوضع والى ضرورة بذل الجهود في سبيل مكافحة هذه الآراء الشرسة والشيطانية التي هي في الواقع خطر على الانسانية عامة وعلى الامة الاسلامية خاصة فجزاه الله خيرا وشكر الله لكم في صحيفة "الرياض"على ماتبذلونه في سبيل ابراز هذه الآراء التوجيهية والتحذيرية من حبيبنا وقائدنا المفدى خادم الحرمين الشريفين. «الباطل»له صولة لكنه سيزول ومعكرو صفو الحياة لن يكون لهم سلطان علينا من الخطأ الاعتقاد ان الدولة مسؤولة عن كل شيء والبقية متفرجون..انقسام الناس وقت الأزمات نتاج ضعف الإيمان أصحاب الفكر والاعتدال مطالبون بتنوير الرأي العام وعدم ترك الميدان مفتوحاً أمام هؤلاء التشكيك في أجهزة الدولة وعلمائها ومواقفهم تجاه غزة وسورية «مبعث»من مباعث الإرهاب وأصحابها مغترّون (تنوير الرأي العام) "الرياض":تحدث الملك رعاه الله في خطابه أنه من المعيب والعار مايقوم به الإرهابيون من القتل باسم الدين والتباهي بنشر ذلك حتى يظن من لايعرف الإسلام أن هذه رسالة نبي الرحمة..السؤال هنا ماهو المطلوب من الغيورين على الدين ممن يتلقون مثل هذه المقاطع "المقززة"لمشاهد القتل باسم الدين والتي قد تؤثر سلباً على البعض من الشباب؟ -المطلوب من ذوي الفكر النيّر والاعتدال ألا يدعوا الميدان مفتوحاً لهؤلاء بل عليهم أن يبذلوا جهدهم في سبيل تنوير الرأي العام والتحذير من مناهج هؤلاء الذين يريدون للإسلام هيمنة "مدّعاة" لا أصل من أصول الإسلام في اعتبارها ولا بالاخذ بها فالاسلام مبني على العدل والمسامحة والتيسير ورفع الحرج والرحمة لبني الانسان ومبني على قوله تعالى:( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، ولاشك أن مايتجه إليه هؤلاء هو في الواقع مصادم لماتدل عليه هذه الآية الكريمة التي هي مفتاح وعنوان الرسالة الاسلامية والله سبحانه وتعالى ذكر بأنه أرسل رسوله رحمة للعالمين وليس نقمة ولاشقاء،كيف يكون رحمة للعالمين الا اذا كان هنالك اهداف ومقتضيات ومبادئ، واحكام الدين الاسلامي تحمي حقوق الانسان على وجه العموم فيما يتعلق بحريته وماله وعقله ودمه وعرضه ونسله، ولاشك ان هذه الحقوق هي مبتغى الانسان بغض النظر عن انتسابه واتصافه بأي دين من الاديان، والاسلام في الواقع هو خلاصة الاديان والاخلاق ويدعو لكل مايسعد الانسان وأي دعوة تخالف هذه الدعوة ليست من الاسلام في شيء. (سيعود الانسان الى أصله رحيما عطوفا) "الرياض":معالي الشيخ..ذكر خادم الحرمين في كلمته (ان التاريخ سيكون شاهداً على من كانوا"أداة" استغلها الاعداء لتفريق وتمزيق الامة وتشويه الاسلام)..وكما تعلمون معاليكم ان الحروب الآن لم تعد جيوشا وصواريخ فقط بل ممكن ان تكون باستغلال عناصر داخل المجتمعات والدول كأدوات لتمزيق الامة وتنفيذ اجندات العدو من حيث يعلم هؤلاء او لايعلمون..ما ردكم؟ -ماتفضل به خادم الحرمين من ان وضع هؤلاء سيكون مسجلاًَ تاريخيا وسيكون له اثره فيما يتعلق بمسالك هؤلاء وآثارهم ،ولكن نحن إن شاء الله نأمل بتحقيق قول الله تعالى:(وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، والباطل دائما له صولة لكنه يزول كما قال تعالى:(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الارض..)، لأن الإنسان مهما كان لابد ان يعود الى فطرته التي خلقه الله عليها من حيث ان يكون الاصل فيه لطيفاً رحيماً عطوفاً وان وجد من هؤلاء مايعكر صفو الحياة فهذا ان شاء الله لن يكون له سلطان من حيث ان الامة لها من التفكير والتعاون فيما بينها مايرد أي خطر على الانسانية على وجه العموم، والاسلام هو اهم عنصر من عناصر إسعاد الانسانية. (على الشباب ان يعوا ماحولهم من فتن) "الرياض":معالي الشيخ..الأمة الآن تعيش زمن فتن تطل علينا بأشكال مختلفة ومتعددة.. ماالواجب على أبناء الأمة عموماً وعلى أبناء هذاالمجتمع تجاه ذلك للتعامل مع مايحيط بنا من أزمات وفتن ونوازل؟ -أولاً على الامة الاسلامية على وجه العموم وعلى شباب الامة الاسلامية ان يعوا ماحولهم من الفتن المتتابعة ولاحول ولاقوة الا بالله، والتي كل فتنة منها تهول دون الفتنة التي تصرفها ولاشك ان ذوي العقول النيّرة سيجدون ان هذا لايمكن ان يصغر عليهم فلابد ان تبذل الجهود في سبيل دحره والوقوف أمامه وقوفاً من شأنه أن تتعاون الجهات البناءة للقضاء عليه وان شاء الله لن يكون لدينا من التشاؤم مايجعلنا أمام حالة "مرهبة"،فالتفاؤل هو إن شاء الله سبيلنا ولايعني هذا اننا نعتد عليه دون ان يكون هنالك تعاون في سبيل التوجيه والتوعيه والتبصير سواءً كان ذلك عن طريق القول او الفعل. (استقرار المجتمعات) "الرياض": وماردكم على من يستغل كل نازلة بالأمة وكل قضية كأحداث غزة وسورية وغيرها من مآسٍ للتشكيك في أجهزة الدولة ومحاولة تشويه صورة قيادة هذه البلاد وعلمائها ومواقفهم تجاه هذه الاحداث؟ -هذا التشكيك هو مبعث من مباعث الارهابيين الذين يحبون ان يصيدوا في الماء العكر ولاشك ان الفتن ومايتعلق بآثارها السيئة ليست حديثة بل وجدت الفتن منذ اول عنصر بشري ووجدت بين ابني آدم هابيل وقابيل ثم وجدت بعد ذلك الفتن والقلاقل بين كثير من الامم السابقة وفي عصور مختلفة من العصور الاسلامية، وطالما ان الشيطان موجود فهو مثيرها ولايمكن ان يستقر أي مجتمع الا ببصيرة قوية في ان هذه الفتن مصدرها شياطين الانس والجن وفي نفس الامر الاتجاه نحو التعاون بين علماء الامة ومع مفكريها في سبيل توضيح الامر وهذا بلاشك سيكون له اثر كبير في تصحيح الاوضاع امام من يغترّ بمثل هذه "البهارج" التي هي وهم وليست حقائق. (التشكيك نتاج ضعف الايمان) "الرياض":ولكن الملاحظ معالي الشيخ ان البعض اصبح من حيث يعلم او لايعلم "أداة" تنفذ مايريده العدو ومبتغاه من هذه الازمات وهو "تشتيت الامة والمجتمع وانقسامه على نفسه" بحيث نجد انه بدلاً من كون هذه الازمات تعيد صفوفنا وتجمعنا على الحق في لحمة واحدة، نجدها تزيد الشقاق والخلافات والتشكيك في الوطنية وفي الانتماء وفي الدين..كيف تنظرون لهؤلاء؟ -أرى أن ذلك نتيجة سيئة من نتائج ضعف الايمان والبعد عن التشريعات الاسلامية وماتهدف اليه من إكساب المجتمعات السيادة وسمو الاخلاق والاتجاه وفي رعاية المصالح ولايمكن ان يكون وراء القضاء على مثل هذا "السمّ" الا بالتعاون والتفاف الصفوف بين شرائح المجتمع من علماء وأدباء ووجهاء والتحامهم حول القيادة والتناصح معها حيث يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم:"الدين النصيحة..لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.."فإذا وجد التناصح سيكون له أثر قيّم وفي نفس الأمر كوننا ننظر ان الدولة هي المسؤولة عن كل شيء ولايكون بيننا تعاون وان البعض يقف موقف المتفرج فهذا خطأ، فالرسول الكريم يوجه خطابه لكل مسلم وليس لكل مسؤول في ان من رأى منكرا فيجب عليه ان يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، والمنكر هنا ليس خاصا لنوعية مخالفات معينة بل كل مخالفة يكون مصيرها العبث بالأمن وبالاستقرار وبالاخلاق وبالتدين وبالمقتضيات الشرعية ولاشك ان مثل هذا سيكون له أثره في القضاء على ذلك او التقليل منه مع التفاف الجهود بين شرائح المجتمع في سبيل التعاون والقضاء على هذه الاتجاهات السيئة.