تطالعنا وسائل الإعلام بين وقت وآخر بأنباء عن وقوع زلازل في مكان ما على سطح الأرض. وتتراوح هذه الزلازل بين هزات صغيرة لا تكاد تثير الاهتمام أو الحذر، وبين كوارث عاتية تودي بحياة الآلاف من البشر وتؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة. وتحدث الزلازل في اليابسة أو في البحار والمحيطات. ويمكن تلخيص الأسباب الرئيسة لحدوث الزلازل إلى: -الحرارة العالية في باطن الأرض. -تمدد المعادن والصهير الناري تحت تأثير التفاعلات الكيميائية والحرارة والضغط. -الموجات الكهربائية المحيطة بالأرض. -تقلصات وانكسار مواد القشرة الأرضية تبعاً لانكماش وتمدد الصهير الناري. -وجود وتأثير الغازات المحبوسة داخل الأرض. وبالطبع تتفاوت درجات أو مقادير الزلازل وتختلف تأثيراتها. ومع وجود بعض المؤشرات على قرب حدوث الزلازل، إلا أن توقع حدوثها بدقة لا زال حلماً يراود العلماء والباحثين. ومن هذه الأحلام التي يمكن أن تصبح واقعاً ما يقوم العلماء والباحثون بدراسته باستخدام الحيوانات التي تتمتع بالقدرة على الشعور بالهزات الأرضية. ومن هذه الحيوانات النمل الذي يوجد في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، والتي يوجد منها نوع يسمى (نمل الخشب الأحمر). ويبني هذا النوع من النمل أعشاشه على شكل تلال واضحة. وقد وجد عالم الجيولوجيا الدكتور اولريش شرايبر في جامعة ديسبورج – إسن ، أن هذا النوع من النمل يفضل السكن في مناطق التصدعات الأرضية. وفي العادة تكون تلك المناطق مليئة بالشقوق التي تسمح بمرور الغازات المتصاعدة من داخل القشرة الأرضية والتي تعمل على تدفئة مساكن النمل الأحمر. كما أن هذه الشقوق الأرضية توفر نسبة من الرطوبة بالقرب من سطح الأرض، والتي يمكن للنمل استخدامها. وقد لاحظ الباحثون أن النمل يتصرف بطريقة غريبة عندما تقع أي هزة أرضية في الطبقة الجوفية للأرض في المناطق القريبة من الشقوق الأرضية. وتقول الباحثة جابرييل بيربيريش إن سلوك النمل تغير بشكل واضح، قبل وقوع زلازل في المنطقة لم تزد قوتها عن درجتين على مقياس ريختر، ولم يعد النمل إلى سابق نشاطه إلا بعد مرور يوم على الزلزال. ويقول الدكتور شرايبر إن الإشارات الكهرومغناطيسية للزلازل ربما يكون لها دور فيما حدث. وقد سافر الباحث وزملاؤه إلى منطقة (ابروزو) في وسط إيطاليا بعد الزلزال المدمر الذي وقع في (لا أكويلا) في عام 2009م، وذكر أن مساكن النمل تقع داخل التصدعات الجيولوجية. وقد أجرى فريق البحث دراسة على حوالي 15 ألف وكر أو مسكن للنمل في داخل تشققات الأرض لمدة ثلاث سنوات ( 2009 – 2012 ) واكتشف أن النمل يمارس أنشطته المعتادة طوال النهار قبل أن يعود إلى مستعمراته ليلاً. ويلاحظ أن النمل يظل مستيقظاً قبل حدوث الزلزال، ويبقى خارج المستعمرة طوال الليل. ويبدو أن النمل (نمل الخشب الأحمر) قادر على توقع الزلازل قبل حدوثها عن طريق التقاط رائحة الغازات المنبعثة من داخل الأرض، أو عن طريق لاستشعار بوجود تغيرات في المجال المغناطيسي للأرض. ويدل هذا كما يقول فريق البحث إلى وجود مستقبلات كيميائية للتعرف على الغازات، وخاصة ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى مستقبلات مغناطيسية لاستشعار المجالات المغناطيسية. فهل نرى في المستقبل القريب من يعتمد على هذه الكائنات الصغيرة في توقع الزلازل وإنقاذ أرواح البشر وممتلكاتهم... علم ذلك عند الله.