نظير توطينها مهنة قائدي الحافلات.. الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة يكرم شركة دله لنقل الحجاج    بمشاركة دولية واسعة وحضور 9 آلاف زائر.. اختتام مؤتمر ومعرض التأمين العالمي بالرياض    الإغاثة في السودان على شفا الانهيار بتصاعد القتال في دارفور    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    آل الشيخ يرأس وفد المملكة المشارك في اجتماع رؤساء المجالس التشريعية الخليجية بالبحرين    ولي عهد دولة الكويت يستقبل الأمير عبدالعزيز بن سعود ووزراء الداخلية بمجلس التعاون لدول الخليج العربية    انطلاق البطولة العربية للجولف للرجال والرواد في نسختها ال 50 في الرياض    الديوان الملكي: خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء في جميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    انطلاق المؤتمر العربي الدولي الثاني عشر بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين بجدة    منصتان تتقدمان المشهد الثقافي الرقمي في جائزة عبدالله بن إدريس    القيادة تعزي الرئيس التركي    أمير الجوف يطلع على أعمال معهد الطاقة المتجددة    رينارد يتحدث للإعلام.. وعودة الثلاثي المصاب    الفتح يستعد لمواجهتي الهلال    الشرع: سورية اصبحت حليف جيوسياسي لواشنطن    فيصل بن خالد: تطوير التعليم يتطلب العمل وفق خطة واضحة    «إغاثي الملك سلمان».. مشروعات إنسانية لتخفيف معاناة الشعوب    ضبط مصري في المدينة المنورة لترويجه (1,4) كجم "حشيش"    «رحلة الموت».. بين الفاشر وتشاد    أوكرانيا تنسحب من قرى في زابوريجيا    معرض "بنان" يستعرض فنون الحرف اليدوية ل40 دولة    تعزيز التعاون الإعلامي بين كدانة وهيئة الصحفيين بمكة    فرحة الإنجاز التي لا تخبو    نائب وزير الصناعة يبحث تعزيز التكامل الصناعي الثنائي مع مصر    وكيل وزارة الحج يدشن مبادرة «تمكين العاملين في خدمة ضيوف الرحمن»    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    ديدييه ديشان يطالب لاعبي فرنسا بإنجاز المهمة والتأهل إلى مونديال 2026    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    وزيرا الثقافة والتعليم يدشنان أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    وزير الخارجية يصل إلى كندا للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمجموعة ال7    جمعية "نماء" بجازان تطلق دورة "تصميم وفن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "مشروع إنطلاقة نماء"    ريمار العقارية تعين الدكتور بسام بودي رئيسا تنفيذيا للشركة    مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    ارتفاع اسعار الذهب    تعليم المدينة يدعو للمشاركة في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج والعمرة    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    نهى عابدين تشارك في فيلم «طه الغريب»    وسط تعثر تنفيذ خطة ترمب.. تحذير أوروبي من تقسيم غزة    رونالدو: السعودية بلدي وسأعيش هنا بعد الاعتزال    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    أشاد بالتميز الصحي وأكد أن الإنسان محور التنمية.. مجلس الوزراء: الدولة تعتني بشؤون الحج والعمرة والزيارة    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    نحو نظرية في التعليم    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحلل الهوية اللبنانية الواحدة!
نشر في الرياض يوم 12 - 12 - 2013

يبدو لبنان كمرآة عاكسة للحرب السورية. كلما تأزمت عند الشقيقة الكبرى كبر الأذى عند الشقيقة الصغرى. ولقد أثبتت جولات العنف المتجددة في طرابلس، العاصمة الثانية للبنان، وفي غيرها من المناطق، أن المسألة الرئيسية في لبنان كانت ولا تزال مسألة الهوية الوطنية الواحدة، فكل نزوع وطني وكل مشروع إصلاحي في أي ناحية من نواحي التطور المدني، بل والاطمئنان على المصير ينبغي أن يمر أولا لكسب المصداقية بالنجاح في إشعار اللبنانيين بأنهم أبناء وطن واحد وإن هم تفرعوا داخله وعلى أرضه طوائف وبيئات جغرافية أو تاريخية وثقافات، وإلا فان لبنان الوطن والهوية لا يكون قد قام.
لا يريد اللبنانيون اليوم زعامات تفريق للطوائف بعضها عن بعض بل هم أحوج ما يكونون إلى من يعزز الفخر بالهوية الواحدة لكل اللبنانيين. فلبنان كلما توحّد اعتزّ وكلما تنافر وغرق في الفئوية اهتز
يشعر اللبناني هذه الأيام، مع انهيار مؤشرات تماسك بلده ومنعته، انّه لا من ركاب القاطرة ولا من ركاب الحافلة في سكة حديد القطار العربي المتوجه أو الذي يريد اللبنانيون والعرب بالمطلق أن يروه متوجهاً إلى أهدافه في التماسك القومي والاستقلال الوطني. ويتساءل اللبنانيون المتنورون اليوم أين ما يجري الآن في لبنان من شجار سياسي عنفي بين جماعة 14 آذار وجماعة 8 آذار من الاقتراب المطلوب للذات اللبنانية الواحدة.
فالقيادات السياسية الرئيسية القائمة حالياً في لبنان بتخطيط منها أو بغير تخطيط تتجه جميعاً إلى ان تكون مدفوعة سلفاً بالطائفية أو المذهبية، والكل من أهل السياسة يقدم نفسه على انه معقل لهذه الطائفة أو لهذا المذهب، وقامت المحميات والمربعات الأمنية، والقادة يصنفون قادة بنسبة ما يجلبون من قوة أو جاه أو وعود لهذه أو تلك من العصبيات اللبنانية.
ويتساءل عدد كبير من اللبنانيين: كم هو عدد القادة على المسرح السياسي اللبناني الذين يستطيعون أن يطلوا على شاشات التلفزيون قائلين نحن لبنانيون نعمل لرفعة شأن الهوية اللبنانية الواحدة لا لمجدنا الشخصي ولا لمجد طائفة دون أخرى، نحن لبنانيون لا مسيحيون سياسياً ولا مسلمون، لا موارنة ولا ارتوذكس ولا سنة ولا شيعة.
أين نحن اليوم من ذلك، دلّونا أيها السياسيون على واحد منكم يفخر بأنّه يعطي قلبه وعقله وعمله للبنان الواحد لا للموارنة ولا للارثوذكس ولا للسنة ولا للشيعة ولا للدروز.
لم يسبق أن كان لبنان ولا سيما زعماؤه على مثل هذا الهجر لهويته الوطنية الواحدة، فالكل يعلن بالعمل لا بالقول فقط بأنه ينشط لمجد هذه الجماعة الطائفية أو تلك، غير واع ولا خجول بانه من حيث يدري أو لا يدري يمزق هوية وطنه الواحد الذي ما استقل ولا شعر بالسيادة والدور في محيطه العربي والعالم إلا بفضل تقديم رجال الاستقلال عام 1943 موضوع الهوية الواحدة على كل الهويات الضيقة.
لا يريد اللبنانيون اليوم زعامات تفريق للطوائف بعضها عن بعض بل هم أحوج ما يكونون إلى من يعزز الفخر بالهوية الواحدة لكل اللبنانيين. فلبنان كلما توحّد اعتزّ وكلما تنافر وغرق في الفئوية اهتز. الزعماء والمعتمدون لزعامة لبنان من القوى الخارجية حتى عندما يبنون لطوائفهم الدور والقصور يبقون أقل قدرة على الزهو بالذات اللبنانية الواحدة.
إن وجع الهوية اللبنانية الواحدة والمعطوبة لا أحد نجده بين السياسيين اللبنانيين محتلي المقاعد الامامية اليوم، منصرفاً إلى مداواته رغم تأثيراته السلبية داخل لبنان وخارجه العربي والدولي.
أين وجع الهوية هذا الذي يفتك بأعصاب اللبنانيين العقلاء اليوم من الزهو الذي نراه في وجوه زعماء الطوائف بأنهم يشيدون الصروح والعروش لطوائفهم. فالواقع أن لبنان منذ احتدام الأزمة السورية وتصاعد الاصطفاف السياسي بين جماعة 14 اذار وجماعة 8 اذار، ووحدته تتراجع وإن فرحت هذه الطائفة أو تلك بما حققه زعماؤها بغالبيتهم من نجاحات في أمور فرعية لا تسمن ولا تغني من جوع. فلا نجاح دائم وجدي في لبنان إلا بتقدم هويته الوطنية المعطوبة والتي لا يداويها أحد من أطباء مرتجلين غير حائزين على شهادات شرعية.
لن يصلح الأمر في آخره على صعيد استرجاع لبنان لذاته إلا بما صلح به أوله أي عودته إلى الروح الميثاقية والعقل الميثاقي اللذين رافقا ولادته الاستقلالية عام 1943 حيث استطاع بشاره الخوري أن يقنع المسيحيين بانهم يأخذون لأنفسهم بقدر ما يعطون لعروبة وطنهم، وحيث استطاع رياض الصلح أن يقنع المسلمين اللبنانيين بأنهم يأخذون لأنفسهم بقدر ما يعطون لسيادة لبنان واستقلاليته. وهكذا انطلق لبنان المستقل العربي.
إن التحدي أمام لبنان هو أن يكون كما يريده أبناؤه الأحرار ويريده اخوانه العرب أول الشرق وليس كما يريده الأغيار والجاهلون لحقيقته اخر الغرب.
منذ زمن، تبدو بعض الكلمات التي تنم عن روح جماعية وتصالحية بين اللبنانيين أو إرادة عامة مسحوبة كلياً من التداول، فكلمة الرأي العام التي كانت دائماً تتردد في الصحف والإذاعات والتلفزيون كضمانة لكرامة الوطن ومطالبه، اختفت تماماً. فالمهم الرائج ما يريده أهل التفرقة والحزازات والحصص. حتى كلمة أكثرية أو أقلية فهي لم تعد ترد بمعنى عددي ملزم بل ترد بمعنى شجاري بحت لا يفيد أي حق عام أو أي قاعدة ملزمة. إنه نوع من الإباحية السياسية التي لا تحمل أي استعداد للالتزام ولا يفهمها الناس العقلاء إلا على أنها أطماع شخصية بالحصص، أما ما حل محل كلمة الرأي العام التوحيدية بين اللبنانية والتصالحية المسحوبة الآن من التداول وغيرها من المرادف لها فهي كلمات فئوية نراها تسيطر على الأقلام والألسنة والنفوس ككلمات مسلم ومسيحي وسني وشيعي ودرزي لا بمعانيها السوسيولوجية الطبيعية البريئة بل بمعانيها التناحرية والتمزيقية للهوية اللبنانية الجامعة، وكل ذلك مصنوع ومفصل لمصالح فردية تريد أن تبني لنفسها الأمجاد والزعامات على حساب الهوية اللبنانية الواحدة والجامعة.
انه تمزيق للوطن وهويته على ما يقال، لتقاسم المنافع والمواقع تمارسه قلة من الناس باسم الدفاع عن الطوائف لا العدالة بينها وبثمن غال جداً هو تعطيل مفاعيل الهوية اللبنانية الجامعة والمعرضة منذ فترة غير قصيرة للمزيد المتراكم من المعوقات بسبب جهل الجاهلين وطمع الطامعين ولا مبالاة اللامبالين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.