مسكينه هَيَا.. تخاف عندما يتكلمون صديقات أمها عن "السكن - الجَنَّ" لا تنام في غالب الأمر ينتابها جمهود في الذاكرة والتفكير، لا يخيل لها إلا هُم. في وقت الضحى يأتي والدها ليرتاح من عمله في محل ب "المقيبرة - وسط الديرة"، "حسّ" بما صاب هَيَا من خوف وريبة، دائماً ما ينّهر زوجته أم هَيَا، قال لها وهو مستلق على بساط مقلم: "نعنبوك عجزّت وانا اقول لا تسولفون عند البزران عن السكن، كنك قربة مشقوقة/ كل ما نحط فيها موية تخر.!" ترّد عليه وهي متربعة أمامه: "الا بنتك مخروشه قبلها تومي مع ذا الدرج ولا تسمي، وترى من الله أنشانا وانا نسمع عنهم ولا ضرنا شيء". جارهم سعد لديه أبن شقي اسمه مساعد، هذا الابن تمرن على حركات الجمباز من مدرس الرياضة «عرفات» يهوى هذه اللعبة، الا انه كان يطبق بعضها بالتنقل بين الجيران عبر جدران "السطوح" و"الكنبسة - الشقلبة" وغيرها. في يوم من الأيام وفي وقت "سفرة - المغرب" صعدت أم هَيَا لسطح البيت تهيء "مراقد - فرش" النوم لزوجها وابنائها، الا انها تفاجأت بزول يجري على جدران بيتها، خيل لها انه"سكني - جنّ"، هربت تجري لزوجها مصفرة كاد يغمى عليها من هول ما رأت:"قم ياصالح .. قم ترى فوق سكني, والله اني شايفته يركض بعيوني اللي بياكلها الدود". يقبل يده ثم يرفعها على خشمه وعلى جبينه ويقول: "الحمد الله.. نعنبوك السكن ما ينشافون مثل الأوادم". أم هَيَا أصبحت تعرف مدى خوف ابنتها من هذه "السواليف" الا أنها لا تكل ولا تمل تريد أن تعرف هل هُم مثلنا؟ كما رأت أم على قول زوجها لا يشبهوننا! الا أنه دائماً ما يخجلها بتلك الجملة المقززة "هذي سواليفكم يالعجزّ"، الثقافة العامة لم تكن جيدة في ذلك الوقت حتى أن الناس لا يعرفون شيئاً غير معيشتهم، ثقافتهم أن تكون كريماً محافظاً على الجيرة والتواصل مع اقاربك. هذا الشقي مساعد ما زال كما هو يمشى على جدران جيرانه ك "الريشة"، في يوم من الأيام أرادت أم هَيَا أن تزور جارتها أم مساعد، لم يكن الباب مفتوحاً، وتعتبر نشازا في ذلك الوقت "الأبواب مشرعة" الا انها تنادي وتضرب الباب بحجر علهم يفتحون، أم مساعد تصرخ على ابنها مساعد أن يفتح الباب لجارتهم أم هَيَا.! يعرف أنها "ذروقة - خوافة" يمشي على يديه ويفتح الباب برجليه!، عندما فتح الباب لم تشاهد أم هَيَا الا أرجل وصوت يقول لها: "اقلطي.!"يغمي عليها فوراً ومساعد يصرخ لوالدته: "يوووووه.. تعالي شوفي ذي اصفرت". يدخلونها في البيت بمساعدة أبو هَيَا العائد من دكانه وتفيق من جديد: "بسم الله، ترى اللي فاتحن لي سكني"، قالت لها أم مساعد: "الا والله صدقتي سكني وقبله مهبلن بنا/ ترى هذا مساعد جعله "السَرسخَّ" فشلنا معك". من تلك الحادثة تعرفت أم هَيَا أن ما كان يجري على جدار السطح ويتشقلب عليها ما هو الا ابنهم مساعد، ومنها اقنعت ابنتها ان كُل ما في الأمر أن الجني مساعد ولا يوجد غيره.