«الترفيه»: ترخيص 1673 نشاطاً ترفيهياً بالمملكة في الربع الأول من 2024    المركز الوطني لسلامة النقل: لا يوجد ما يؤثر على سلامة أجواء الطيران في المملكة أو سلامة تنقلات الحجاج    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    الجبير يلتقي وزير خارجية جمهورية كوستاريكا    الهلال ينتصر ودربه «سالم» أمام النصر    إطلاق برنامج تدريب وطني شامل لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    وزير داخلية سلوفاكيا: الاشتباه في محاولة "ذئب منفرد" باغتيال فيكو    انضمام المملكة كعضو في الوكالة الدولية لأبحاث السرطان    رئيسا روسيا والصين يوقعان بياناً لتعميق الشراكة الشاملة    الاتحاد يكشف تفاصيل إصابة ثنائي الفريق    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    البدر يضيء قاعة المركز الحضاري ببريدة    وظائف مدنية بالأمن العام في عدة تخصصات    بيان القادة العرب في قمة البحرين حول العدوان على غزة    48 مشروعا في الهندسة الطبية الحيوية والطاقة والنقل والمرور    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 83.63 دولاراً للبرميل    سمو محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة والرعاة لمهرجان الألبان والأغذية 2024    السعودية للكهرباء تعمل على تصنيع قطع الغيار بالهندسة العكسية وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    رئاسة السعودية للقمة العربية 32.. قرارات حاسمة لحل قضايا الأمة ودعم السلام    الشيخ بن حميد في منتدى "كاسيد": الإسلام يدعو للتسامح    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    " تطبيقية الرياض " تنظم المعرض السعودي للاختراع والابتكار التقني    أمريكا تعلن استكمال بناء الميناء البحري المؤقت في غزة    "كواي" ابتكارات عالية التقنية تعيد تعريف التفاعل عبر مقاطع الفيديو القصيرة    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    السعودية: ندين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. نرفض كافة أشكال العنف    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي بالفائزين بجائزة "تاج"    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    بتوجيه الملك.. ولي العهد يغادر لترؤس وفد السعودية في القمة العربية بالبحرين    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    "الخطيب": السياحة عموداً رئيسيّاً في رؤية 2030    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    صفُّ الواهمين    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    حل وسط مع الوزراء !    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    السفير الإيراني يزور «الرياض»    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياحلوة الروح لا تسرفي.. مالك لم تتعبي
شهاب غانم.. الشاعر الذي هاتف أحبته من الصومعة ليهرب من وحدته
نشر في الرياض يوم 12 - 10 - 2013

أيام طويلة ماضية وضعت يدها على قلبه، كيانه، روحه لتجعل منه كائن غربة، كائن سفر، كائن معاناة وشجن.. ذكريات عتيقة تمد رجليها بطول زوايا القلب لستنهضه نحو طفولته تلك، صور حية وأخرى مؤلمة، وتجربة ممتدة جدا نحو الخلف لتوقظ هذا الحاضر بكل تلك التفاصيل الصغيرة، فصوت والده الراحل مازال يأتيه كل يوم ليشعل بداخله الحب الروحي الذي سكنه وليذكره بشاعر حزن اسمه «محمد عبده غانم».. وليسرق منه شيئا من ظله ليتلاشى خلف مرايا السنوات القديمة تلك..
يأتي الدكتور والشاعر «شهاب غانم» ممزوجا بين وطنين: الإمارات التي جعلته يحتضن شعره، واليمن التي خلفت صوت أبيه عند شوارع الغربة. يأتي ليقول شيئا مما عاشه خلف تلك الحكايات الكبيرة وأخرى صغيرة ولكنه مازال يتذكرها. عند شاطئ البحر يحب أن يقول كل الكلام، وأمام أوجاع الحب يحب أن يكون صبورا، يتوق إلى انتصاراته بكل ألوانها. يجلس عند السنة الجميلة التي تهديه كل المواسم وتأتي له بموسم أبيض يحمل كل ما يحبه من فرح وانتصار ونجاح حتى إن جاءت تلك الانتصارات متأخرة عن الوقت. في الغربة كبر على آماله.. هناك من الله - سبحانه - اقترب، وعند الوطن عاش بقرب من يحب فأيد كثيرة مازالت تمتد له لتمنحه الموج.
الشاعر شهاب غانم... عبر صفحة على المكشوف يعترف بأنه مر بتجارب ألم كبيرة ولكنه مازال هنا - يعيش - بكامل قوته، يقول «لا أصدق بأن من يحب ويشبع قلبه بالعشق بعد الفراق يخلو قلبه من المعروف لمن يحب! يقول لن أقطع صلتي بمن أحببت فتلك شعرة معاوية، يقول سكر الذكريات لا يكفي، ثم يغادر إلى ذكريات فلسطين ليكشف لنا عن احتراق رصيف وجثة طفل مازالت رائحتها تتعلق بروحه. فتبكيه. ويعتصر القلب حزنا.
هنا يزور «شهاب غانم» مواسمه عبر صفحة على المكشوف ليبوح ويأمل ويعيش كل ذكرياته.. ما لمست قلبه يوما، وما أتعبته حتى عاد بها إلى الخالق سبحانه.. ففي العزلة أصوات الصلاة والعبادة تطهره من كل ماعلق به من وخزات ووجع.
العالم المفتوح
* كل ما بأيدينا.. أن نعرف أكثر.. وكلما عرفنا عن العالم الذي من حولنا كلما ازددنا انشغالا بمآتمه، باختناقاته، بمرارة تغير كل شيء فينا.. كم هي مكلفة تلك المعرفة التي تقوم على أنقاض أمانينا. ماأحببناه وماذهبنا إليه.. ماذا منحتك معرفتك بعد هذه التجربة الطويلة في الحياة؟ كيف هو شكل الضجيج الذي عرفته؟ وكيف هو طعم ماتجهله؟
- يقول الإمام الشافعي: كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي.. وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي
.. هذه الأبيات الحكم في الواقع صحيحة، فالعلم واسع لا حدود له وحسبنا أن نجتهد قدر جهدنا لنكتسب من المعرفة ما يمكننا، ولكن المهم أن يصل كل واحد منا إلى اقتناع بأمور أساسية تتعلق بالهدف من الحياة ومسؤوليات الفرد فيها، فنحن لم نخلق عبثا.. على الأقل هذا ما أومن به. وبعد هذه التجربة الطويلة أزداد اقتناعا كل يوم بقول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
وعلى المرء أن يعمل على تحسين العالم حوله قدر جهده ولو بمقدار شعرة ولو فشلت محاولاته.
شهاب غانم
كلام البحر
* كتب نيكوس كازانتزاكي (كم هو محزن أن تسير بمفردك على ساحل البحر! كل موجة، كل طائر في السماء يدعوك ويذكرك بواجبك، عندما يسير الإنسان بصحبة رفاقه، فإنه يضحك، ويتحادث وهذه الضجة تحول بينه وبين أن يسمع ماتقوله الأمواج والطيور ).. حينما تسير بمفردك عند شاطئ البحر أي نوع من الأحاديث تبوح بها للموج؟ وماذا تقول لك الأمواج؟
- الإنسان بشكل عام مخلوق (أو حيوان) اجتماعي. ولكن كل واحد منا في حاجة إلى أن ينفرد بنفسه أحيانا، وأظن أن الفنانين والمبدعين والمفكرين يحتاجون إلى ذلك بشكل خاص. أنا كنت مرة بمفردي عند شاطئ البحر في لحظة صعبة من حياتي اضطررت فيها لمغادرة الوطن الأول أنا وشريكة حياتي واضطر كل منا أن يذهب في اتجاه لعدة أشهر فقالت لي الأمواج بل قلت:
إنها الموجة تأتي/ إنها الموجة تذهب/ يا حبيبي هكذا الدنيا صروف تتقلب/ إن قسا الدهر علينا/ لا تبالِ/ لا تقابله حزينا/ ابتسم وانس اغتمامك/ ابتسم لي.. آه ما أحلى ابتسامك....
إنها الموجة تلهو/ إنها الموجة تلعب/سوف تأتي ثم تذهب/ثم تأتي ثم تذهب/فإذا الأيام تقسو/ ربما في الغد تأسو/ وإذا الدهر تبسم/ لا يغرنْك.. غدا قد يتجهم/ فلماذا نتألم/ يا حبيبي/ يا أغاريدي وطيبي/ هات أقداح الهوى شهدا مذوب/ أنا ظمآن فناولني لأشرب/ لا تدع كأسي بعد اليوم تنضب..
نصف الكلام
* أخفي كلاما طويلا.. أصواتا مازلت أسمع ثرثرتها تطرق زوايا قلبي فأغمض عيني وأسد أذني عنها.. أخفي كل ما مر بذلك العمر الماضي المسكين.. بقايا حقيقة، وظل جسد مازال يقف تحت الشمس وهو يحن إلى الظل. أخفي أيامي الشاقة، حبي، بكائي.. وماذا عنك؟ ما الذي تخفيه وتخشى أن يلمحه أحد في عينيك؟ ولماذا دائما نجيد قول أنصاف الكلام؟ ونبقي الجزء الأهم مستورا في القلب؟
- أجمل التعبير (والحوار) وأرقاه هو من ذلك النوع الذي تكفي إشارته وما يقال يعبر عن ما لا يقال. أقول في قصيدة البحث:
فيا حلوة الروح/ يا عالَماً في فؤادي رقيق الحواشي/ ويا وردة في بهاء وعطر/ ويا سر أروع ما قال شعري/ وما لم يقله../ وما لا يقال/ ويا منبعا لمعاني الجمال/ ويا قدحا بابلي الرحيق/ ويانجمة فذة في البريق/ وراء غيوم الدجى تختفي/ حنانيك بالله لا تسرفي/ متى ينتهي البحث؟.. إني سئمت الطريق/ تعبت.. فما لك لم تتعبي؟/ وما لك.. ما لك لم تكتفي؟....
الحد الفاصل
* نختار الالتزام بالانفصال والتخلي عن من كان يشكل نصف الروح، لأن ثمة حدودا يصبح فيها الإخلاص»إهانة».. أتخليت عن نصف روحك - يوما - لتتفادى إهانته إليك؟ وكيف تختار شكل ذلك الانفصال والتخلي؟
- مثل ذلك يحدث أحيانا وكل منا يتعامل مع الوضع حسب طبيعة شخصيته. معاوية تحدث عن شعرته الشهيرة. آخرون يقطعون الشعرة. أنا بطبيعتي صبور وألجأ إلى الحلول الجزئية والمؤقتة. ثم إن هناك اعتبارات كثيرة أخرى يأخذها المرء في الحسبان وأهمها الحب.
في رحلة سفر
الانتصار المتأخر
* نقضي العمر بأكمله ونحن في حالة انتظار.. ننتظر.. وننتظر.. وبعد أن نتناسى... تأتي إلينا الأشياء متأخرة عن الوقت.. كيف تؤثث نفسك لما يأتي متأخرا إليك؟ أتفرح بتحقق آمال متأخرة؟ أم أنك تفقد نشوة الانتصار بها؟
- كل شيء كما يبدو لي من خلال التجربة، وكما قال صديقي الشاعر الراحل عبد المنعم عواد يوسف «يأتي في مواسمه». ونحن المفروض أن نحمد الله على كل خير ولو جاء متأخرا. المثل الإنجليزي يقول ما معناه:
«من الأفضل أن يأتي الشيء متأخرا على ألا يأتي أبدا».
وأتفق عموما مع هذا المثل. أنا ولله الحمد حصلت على كثير من النجاحات دون انتظار طويل كما حصلت على نجاحات أخرى بعد طول انتظار. لكن هناك كثيرون ممن يستحقون الانتصارات ربما أكثر مني رحلوا عن هذه الفانية قبل أن تصلهم.
الندم
* كتبت (لو أني أحيا عمري ثانية من أول، لفعلت أمورا لاتحصى، كان علي بأن أفعل، وتجنبت أمورا لا تحصى كان علي بألا أفعل).. أي القرارات التي فعلتها وترغب أن يعود العمر إلى الوراء لكي لاتفعلها؟ أيتعبك ذلك الندم؟ أم أنك تواسيه بعهود العمر المقبل؟
- قرأت في حياتي حوارات كثيرة مع شخصيات بارزة في مختلف المجالات ومن مختلف الجنسيات والشيء المشترك في كل تلك الحوارات تقريبا هو تبجح تلك الشخصيات بأنها لو عاد بها العمر لعاشت بنفس الشكل الذي عاشته وذلك ما أوحى لي بقصيدتي «أبواب». وأقول «تبجح» لأنه في نظري من المستحيل ألا يرتكب المرء أخطاء في حياته، بعضها من النوع الذي يصعب تداركه وتصحيحه. فالمرء قد يخطئ في اختيار مجال دراسته أو شريكة حياته..إلخ. أظن أن الاستغفار يستطيع أن ينقذ الإنسان إلى حد كبير من عضات الندم.
عذاب الغربة
* كتب هيلين رولاند (هناك نوعان من الرجال.. الميت.. والمميت ) أيهما تتجنبه في حياتك الإنسان الميت أو المميت؟ ومتى آخر مرة شعرت فيها بأنك انصهرت في الغياب وكأنك ميت؟
- أتجنب في المقام الأول المميت طبعا وكثيرا ما اضطررت إلى فعل ذلك. ولكن في المقام الثاني أتجنب الإنسان الميت لأنه في الواقع ليس إنسانا. عندما أنصهر في الغياب وكأنني ميت ألجأ إلى الصلاة وأيضا الجأ إلى الشعر. عندما كنت وحيدا في الغربة بعيدا عن الأسرة في فترة من فترات الدراسة العليا شعرت بأنني كنت كالميت وأنني أخاطب الأحبة بالتلفون من داخل قبر، ولكن دفعني ذلك الشعور للقول في قصيدة «إشراقة في ليل الغربة»:
لقد كنت وحدي/ وما كنت وحدي!/ معي الله قد كان في كل لحظة بعد/ لقد كان في كل بؤس يجود علي بسعد/ ويسعف في كل جزر بمد/ وقد كان قرآنه العذب يمسح دمعة خدي/ ويملؤني بالتحدي.
شهاب غانم يتسلم جائزة طاغور
تجارب مؤلمة
* كتب محمد عبده غانم (للطير في الليل أوكار تعود لها.. فأين ياليل في دنياك أوكاري).. ماذا بقي بداخلك من أبيك الشاعر محمد عبده غانم ؟ حينما تتذكر تلك الغربة والوحدة والهجران.. أتصمت؟ أم أنك تبوح للأمكنة بقصة أوجاعها؟
- أشعر أنني مجرد غصن في دوحة والدي الدكتور محمد عبده غانم رحمه الله. وأظن أشقائي يشعرون مثلي، فقد كان أثره علينا ضخما. أنا كتبت كتابا عنه وهناك فصل أو أكثر عنه في نحو عشرة من كتبي كما نشرت مع أشقائي كل المخطوطات التي لم ينشرها في شكل كتاب في حياته.
أيضا أنا مررت بتجارب شبيهة بتجارب الوالد في تغربه للدراسة وتغربه بسبب أوضاع السياسة والعبث الذي حل بعدن، وقد كتبت قصائد عن الغربتين كما كتب والدي عن الغربتين.
وعي العزلة
* يرهقني الوعي الحاد، أن أفهم ما خلف الأشياء، أن يكون لدي القدرة على التحليل والربط وقراءة ماخلف الابتسامة وما تخفيه العيون.. شاهق جدا أن تكون واعيا والأسوأ أن تشقى بوعيك واختلافاتك.. أيدفعك الوعي إلى مناطق تبصرها بخلاف مايراها الآخرون؟ أيمكن للوعي أن يدخلنا مناطق خطرة في الحياة؟ أم أننا كلما فهمنا كلما تغافلنا أكثر وانعزلنا؟
- في هذا العمر المتقدم لم يعد ذلك مما يرهقني فلدي ما يكفي من التسامح والتغافل ولكن في مطلع شبابي كنت أردد مع المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
فراق في الحب
* غنى أبو بكر سالم (لاتعذبني وإلا سرت وتركت المكلا لك.. إذا مافيك معروف، كل واحد مننا ماسك من السكة طرف، لاهدف لي فيك يظهر لي ولا لك شيء هدف.. انتهى المشوار كله ماتلامسنا الكتوف) أسلكت - يوما - طريقا أبعدك عن «حب» سكن في قلبك؟ أيمكن لمن سكن في القلب وأودعناه كل العشق أن يخلو قلبه معنا من المعروف بعد الفراق؟
- يمكن أن يبعدك الطريق عن حبك، ولكن لا أظن أن من الممكن أن يخلو القلب من كل ذلك الحب والمعروف. «ولا تنسوا الفضل بينكم».
ملح الهجران
* كتبت (أعرف أن قليلا من هجر وخصام، قد يشبه ملح طعام.. لكن هل يقدر إنسان كل الأيام، أن يحيا في الليل وفي الصبح لايطعم شيئا غير الملح).. من الذي بهجره لك جعلك لاتستطعم إلا الملح؟ ألا تكفي تلك الذكريات لنستطعم السكر في قلوبنا وأرواحنا؟
- الذكريات مهمة جداً وهي بالفعل قد تكون مثل السكر ولكنها وحدها لا تكفي، على الأقل في نظري.
بكاء الروح
* ما الذي يبكي «شهاب غانم» ويدفعه إلى حزن بطعم الوجع؟ وما الذي يسرقه من الحزن إلى فرح يضج بالحياة؟
- مآسي الأمة تؤلمني كثيرا وهي متعددة وأولها مأساة فلسطين التي عايشتها منذ وقوع النكبة أثناء طفولتي. أذكر أنني رأيت سيارة ليهودي تحرق على بعد نحو خمسة أمتار من نافذة منزلنا بعدن عام 1948. ورأيت جثة صبي خرج من منزله أثناء منع التجول فأصيب برصاصة جندي بريطاني فشاهدت ذلك المشهد المؤلم من خلال نافذة المنزل الذي كنت أقيم فيه.
أما الذي يمنحني الفرح فهو الحب بكل أنواعه وقد كتبت عن تلك الأنواع في قصيدتي «هو الحب»، واللعب مع الأطفال خصوصا الأحفاد وطبعا الشعر، قراءة وكتابة وترجمة، وأيضا الأدب والفن والطبيعة الجميلة، والجمال بشكل عام.
القلب الجائع
* حينما أشاهد الفقراء شيء بداخلي يتهدم، لا أعلم كيف هي الحياة والرغيف صعب المنال، والعيش مؤلم، والمواقف تزيد من أوجاع من لايستطيع أن ينام مرتاحا.. صعب هو الفقر والأصعب منه الأسى الذي يأتي به.. أعشت يوما تجربة حياتية تلمست فيها أن يكون المرء ضعيفا لذلك الحد؟ من هو الفقير الحقيقي الذي تعطف عليه؟ وأين يكمن الفقر الحقيقي.. في الجسد أو في القلب؟
- نعم يوجد الكثير من الفقراء في هذا العالم ولكن بعضهم لحسن الحظ من السعداء. أنا ولله الحمد لم أعان من الجوع والفقر.
طبعا الغنى الأهم هو غنى النفس ولكن لابد من توفير اللقمة للفقراء.
مرآة الروح
* كتبت ليلى الجهني (إنني أكبر، وأنت معي، أقول لك بنزق «أشعر بالفراغ «فتقول بهدوء «اكتبي» فأحس أن ليس هناك ما هو أكثر أمانا أن تعرفني إلى هذا الحد، وأن تكون معي).. أتملك نعمة وجود قلب به قدرة هائلة على فهمك ومعرفة ماتود أن تقوله قبل أن تقوله؟ أمازلت تمسك بيده؟ أم أن مسالك الحياة قد فرقت بينكما؟
- أرجو من الله ذلك، وعندما تتشكل حولك أسرة من أولاد وأحفاد تشعر بأكثر من يد ولله الحمد.
الوجود الإلهي
* بماذا تدندن حينما تكون وحيدا؟ كيف هو شكل الكلام في عزلتك؟ ومن الذي تحس به يرافقك في تلك العزلة حتى إن كان غائبا عنك؟
- أكثر ما يخطر ببالي هو الله سبحانه وتعالى، ويخطر ببالي أيضا بعض الأشخاص وغالبا من الأحبة
أسرار صغيرة
* ما هو السر الذي لم تقله يوما لأحد ؟
- كل واحد منا لديه أسرار، وقد تكون مجرد أسرار صغيرة، ولكنه لا يقولها لأحد، حتى أقرب المقربين.
مع والده د. محمد عبده غانم
مع حفيدته الهنوف
مع مجموعة من الشعراء المعروفين في الهند
في حفل تكريم ذكرى والده في مؤسسة العفيف مع شقيقته وأشقائه
مع سلطان العويس وأدونيس
مع أشقائه الدكتور قيس وعصام ونزار
مع أحفاده


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.