قد يظن البعض أن البقاء مع الأبناء والعناية بهم تقليل من صفات الرجولة لدى الزوج بل إن البعض يرونها إهانة لهم وتهميشاً لدور الزوجة في تربية الأبناء، والزوج من واجباته الصرف على الزوجة والأبناء بتوفير احتياجاتهم الضرورية اليومية من مقاضي البيت ودفع فواتير المياه والكهرباء والهاتف. تلك النظرة خاطئة وقع فيها الكثير من شباب مجتمعنا وتوارثت العادة منذ عهد بعيد والاعتماد الكلي على الزوجة في تربية الأبناء والاهتمام اليومي بهم، بالإضافة إلى الإشراف على شؤون المنزل من تنظيف وغسيل وطبخ. للأسف لدى الكثير من أفراد مجتمعنا فكره متوارثة ونظرة خاطئة بأنه عيب وعار على الزوج أن يقوم على سبيل المثال بتغيير غيارات أبنائه أو إطعامهم أو حتى اللعب معهم في مراحل الطفولة المبكرة، وتلك النظرة السلبية سائدة بمجتمعنا اليوم ولاتزال حتى هذا اليوم ولكن تتغير تلك الفكرة مع الوقت والإحساس بالفرق بعد ممارسة التجربة ومشاركة الزوجة مسؤوليتها ينتج عنه الإحساس بالمودة والألفة الأسرية مع الأبناء. لقد كنت بالولايات المتحدةالأمريكية قبل عدة أشهر، لدراسة اللغة الانجليزية لمدة عام كامل، كانت الحياة صعبة إلى حد ما بسبب الغربة والمسؤولية الكاملة تجاه ترتيب وتنظيف السكن بالإضافة إلى رعاية الأبناء على أكمل وجه دون الاعتماد على احد سوى زوجتي فقط، كل ذلك في ظل عدم وجود سائق أو خادمة التي طالما اعتمدنا عليها في أمور حياتنا اليومية اعتماداً كلياً، كانت بداية الأيام صعبة وقاسية للغاية لعدم اعتيادنا على تلك الأمور، فقد كنت أشارك في جميع واجبات الزوجة التي كانت تقوم بها سابقا في أرض الوطن، كالاهتمام بالأبناء وتنظيف الشقة وترتيبها وغسل الملابس والمساعدة في الطبخ، صحيح انها كانت في البداية أياما عصيبة يصعب التأقلم معها، ولكن مع مرور الوقت أصبحت شيئاً ممتعاً لا يوصف، بل إنني شعرت فعلاً بلذة التقارب الأسري والإحساس الحقيقي بمتعة المسؤولية التي أصبحت قويةً أكثر من أي وقت مضى، ومن تلك الأمور التي كنت أقوم بها تغيير غيارات أطفالي فلذات أكبادي، وإطعامهم عند الحاجة جعلني أحس بإحساس الأبوة الحقيقية والتقارب الحميمي، وشعرت بحنان الأب خاصة وأن احتضن طفلي بين يدي وأقوم بعنايته وتغذيته والاهتمام به، والجلوس معه، والتركيز على اهتماماته ومشاركته، يزيد ذلك الشعور والإحساس بالعطف والحنان والتقارب الأسري الذي نفتقده سابقاً، عندما ترى بعينك ردة فعل الطفل وهو يبتسم أمامك، متعلق بك، يناديك بحب، وفي نظرات عينيه براءة الطفولة، تشعر حينها أن ذلك التعب انعكس سريعاً وايجابياً على نظرة الطفل تجاهك والتي كانت محصورةً بحنان الأمومة، لانشغال الأب في العمل والاتكال على الخادمة والزوجة في أمور الأبناء بنسبة كبيرة. ومن هذا المنطلق أتمنى من كل أب أو زوج مقبل على الزواج أن يقوم بتجربة تلك الأمور التي ذكرتها وسيتأكد بنفسه حينها كم هي ممتعة تجربة إحساس الأبوة والحنان بينه وبين الأبناء، وليس هذا فحسب بل حتى الزوجة ستشعر بقيمة أكبر لزوجها في تقاربه وحنانه وعطفه على أبنائه ومشاركتها في الحياة الزوجية، وتلك هي فعلاً الحياة الزوجية المثالية.