كل مجال إعلامي ينتج سوءاته وأخطاره. سواء كان الإعلام الرياضي الذي يعاني أحياناً من التعصب والعنصرية، أو المجال الفني الذي تصل الخلافات فيه بين الفنانين إلى القتل والضرب أو الإعلام المفلوت الذي يعزز العنصرية ويفرق بين القبائل والشعوب. الضخ الكبير من قبل البعض لإحياء الخطاب القبلي أو العنصري أمر مخيف. يعزز من ذلك كله المهرجانات التي تربط باسم القبائل، ولا ننسى أن بعض الفروع القبلية قد وضعت لها أعلاماً خاصة وهذا يشجع على التفكك الداخلي لأبناء الوطن الواحد. الغريب أننا ندين بدين هو من أكثر الأديان ضرباً للعنصرية، بل كان خلفاء الإسلام يسمّون بلال بن رباح ب"السيد" ويقولون له "يا سيدنا"، ولكن ما أكثر القول وما أقل الفعل. حسناً فعل الدكتور راشد الكثيري رئيس لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية في مجلس الشورى، الذي كشف للإعلام عن سياسة إعلامية ستدرس تحت قبة "الشورى" لدحض ووقف العنصرية والنعرات القبلية في السعودية، التي بدأت تظهر في القنوات الشعبية أمام الملأ في الآونة الأخيرة، والسياسة ستوقف سياسة هذه القنوات التي لا بد من معالجتها بصورة إيجابية وتصب في صالح وحدة المجتمع السعودي. الكثيري يقول: "إن السياسة الإعلامية ستعالج هذه القضية بعد أن أصبحت هاجسا كبيرا وخطيرا على المجتمع السعودي، مما يترتب على تلك الممارسات في القنوات الشعبية سلبيات خطيرة مستقبلا، هذه السياسة ستعمل على وحدة الصف في تلك الوسائل وكذلك وحدة اللحمة الوطنية". أتمنى ألا تكون السياسة إنشائية، سنتفاءل كثيراً، ذلك أن الضغوطات التي يمارسها الإعلام القبلي تجاه المجتمع كثيرة، يكفي أن بعض الأطفال في المدارس يتعاركون مع زملائهم بسبب القبلية والعنصرية، تخيلوا أن يقال لطفل صغير يا "الخال" أو يا "العبد"، هذه العبارات تعكس المأساوية الاجتماعية التي يؤزّمها الطرح الكثيف من قبل القنوات القبائلية والعنصرية. لا يمكن لمجتمع أن يعزز من وطنيته من دون دراسة الكيان الاجتماعي. بآخر السطر، فإن الظاهرة القبلية أو العنصرية إنما تنشط في المجتمعات التي تضعف لديها الهوية. والنقص في الهوية أو في اكتشاف الهوية يولّد البدائل الخاطئة في الانتماء من هنا تولد نزعات العنصرية والقبلية بل والطائفية التي هي قبلية دينية على الأرجح.