المسؤولون في وزارة المالية وفي وزارة الخدمة المدنية مؤكد أنهم لم يدركوا بعد أهمية ومكانة الإدارات القانونية في الأجهزة الحكومية وأهمية الدور الذي يسند إلى الموظفين القانونيين الذين يمثلون الجهات الحكومية في المحاكم الإدارية من خلال مهام الترافع عن الجهات الحكومية في كثير من القضايا.. في الماضي كان دور الإدارات القانونية في الوزارات وفي الأجهزة الحكومية دورا محصورا وضعيفا جداً وليس بذات المكانة الحالية .. حيث اعتيد في السابق على أن مهام الإدارات هو فقط تمثيل الجهات والوزارات الحكومية في اللجان المختلفة أو في المحاكم الشرعية .. وما إلى ذلك .. أما في الزمن الحاضر فقد اختلف دور ومهام هذه الإدارات إلى ما هو أكبر من ذلك فأصبحت الإدارات القانونية بمثابة خط الدفاع الأول عن الوزارة وعن الجهة الحكومية وعن كافة مسؤوليها ومنسوبيها وحماية مصالح هذه الجهة العامة خاصة في القضايا التي تقام ضد هذه الجهات لدى كافة المحاكم الشرعية والمحاكم الإدارية ولدى كافة جهات التحقيق في عموم مناطق المملكة !! في ظل هذا النمو الذي شهدته بلادنا ولله الحمد خلال السنوات الماضية في المجال التجاري والتطور الإداري والنمو السكاني وتطور الأجهزة الإدارية وتطور القطاع الخاص بكافة مجالاته كان من المفترض ان يسايره تطور الإدارات القانونية في الأجهزة الحكومية عدداً وكفاءة وخبرة وقدرة لضمان حقوق هذه الجهات الحكومية امام جهات التقاضي !! فمع وعي المجتمع وتطوره أصبح المواطن والمقيم وكذلك كافة الجهات التجارية يقصدون المحاكم الشرعية والمحاكم الادارية لإقامة الدعوى على هذه الجهات الحكومية لأي أمر إداري أو أي مشكلة أو قضية وبالطبع فإن المشتكي سواء أكان مواطنا أم مقيما أو حتى شركات أو مؤسسات منهم من يستعينون في شكاواهم بمحامين أكفاء وعلى قدر من الخبرة والممارسة والجراءة ما يمكنهم كسب الدعوى ضد هذه الجهات الحكومية خاصة في ظل ضعف (بعض) محامي هذه الجهات وقلة خبرتهم أو حتى تدني حماسهم الدفاعي عن جهاتهم الحكومية ... أو لا قدر الله خضوعهم للإغراءات والضغوط المالية أو الاجتماعية أو الأسرية من الأطراف الأخرى !! وقلة خبرة ممثلي الجهات الحكومية أو مندوبيها أو محاميها الذين يكونون غالباً هم موظفي الإدارات القانونية أو قلة حماسهم أو تدني خبرتهم مؤكد أن ذلك مؤشر على خسارة الجهة الحكومية لكثير من القضايا التي من المفترض أن يكون الحكم فيها لصالح الجهة لو وفقت بعض هذه الجهات في توفير جميع الإمكانات والحوافز لموظفيها وتأهيلهم إدارياً ومعنوياً وعلمياً ومادياً للترافع بجدارة عن حقوقها إمام جهات التقاضي وحمايتهم وتحصينهم من إغراءات خارجية خلال جلسات الترافع!! القصد هنا أن ضعف الإدارات القانونية وتدني مستوى وإمكانات وقدرات ممثليها خاصة أمام المحاكم الإدارية إنما هو مؤشر على إهدار وضياع وتفريط في حق عام سواء مالي أو عقاري أو اعتباري او معنوي .. وهذا الاهدار للحق العام والتفريط فيه يعود سببه إلى ضعف الترافع عن الحق العام في المحاكم الإدارية !! لذلك على وزارة المالية وعلى وزارة الخدمة المدنية أن تتداركا فوراً هذا القصور وتباشرا سريعاً إلى تطوير الإدارات القانونية في الأجهزة الحكومية من خلال إحداث الوظائف ووضع الحوافز المالية لكافة منسوبي الإدارات القانونية .. والأهم من ذلك كله منح مكافآت مالية مغرية لهم وذلك يتم مثلاً من خلال استقطاع نسب معينة من القيمة المالية للقضية تمنح هذه النسبة لموظف الإدارة القانونية الذي يمثلها في الترافع وينجح في كسب القضية لصالح الجهة أو الوزارة للحق العام !! وان يكون هناك نظام حوافز مالية يتيح تقديم مكافأة مالية عن كل قضية .. فالدولة تخسر وتهدر وتصرف مبالغ مالية باهظة جداً تذهب للشركات والمؤسسات او للأشخاص من خلال صدور أحكام قضائية وإدارية ضد هذه الجهات أو الوزارات الحكومية وذلك بسبب قصور أو أخطاء في مهام الترافع سواء أكانت هذه الأخطاء او هذا القصور قد يكون عن غير قصد أو قد يكون عن قصور أو تهاون لا قدر الله !! وهذه تتحمل مسؤوليتها وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية بمشاركة مديري الإدارات القانونية في الأجهزة والوزارات الحكومية الذين منهم من فشل في إيجاد وتكليف واختيار موظفين يقومون بمهام المحاماة والدفاع عن الجهاز الحكومي ويكونون على قدر كبير من الخبرة والأمانة والكفاءة وقوة الحجة، وأن تؤمن لهم كافة أوجه الحصانة المالية والمعنوية من المغريات التي قد تؤثر فيهم او تجبرهم على الانتقال من الإدارات القانونية إلى مواقع أخرى بسبب ضعف الحوافز مقارنة بحجم القضايا وصعوبة وأهمية المهام المؤكلة إليهم..