المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وفقًا لمؤشر ستانفورد الدولي 2024    «مجمع الشفاء» أفظع مجزرة عرفها التاريخ    هل باتت المنطقة على شفير حرب جديدة؟    شباب السودان بين أحلام محطمة وأمل لا يخبو    الأخضر الأولمبي يقسو على تايلاند بخماسية ويتأهل لربع نهائي كأس آسيا    الرمز اللغوي في رواية أنثى العنكبوت    بطاقة معايدة أدبية    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه في وفاة ابن جريس    السديري يفتتح الجناح السعودي في معرض جنيف الدولي للاختراعات    "الرياض الخضراء" يصل إلى عرقة    حارس الفيحاء: قدمنا مباراة جيدة أمام أفضل فريق في الدوري السعودي    67 ألف جلسة قضائية رقمية خلال الربع الأول    مدير الجوازات يتفقد جوازات مطار البحر الأحمر    الذهب يرتفع فوق 2400 دولار مع مخاوف صراع أوسع بالشرق الأوسط    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع    محافظ حفر الباطن يتفقد المستشفى المركزي والتأهيل الشامل    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    ميتروفيتش يكشف موعد عودته    النصر يخسر ساديو ماني أمام الخليج    النصر يقلص فارق الصدارة بثلاثية في شباك الفيحاء    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    كلوب: ليفربول يحتاج لإظهار أنه يريد الفوز أكثر من فولهام    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على منطقة مكة    الجامعة السعودية الإلكترونية تشارك ب 3 اختراعات في معرض جنيف الدولي    أمير منطقة عسير يتفقد اليوم، عددًا من المراكز والقرى الواقعة شمال مدينة أبها.    جازان تُنتج أكثر من 118 ألف طن من الفواكه الاستوائية.. وتستعد لمهرجانها السنوي    متحدث الأرصاد: رصد بعض الحالات الخاصة في الربيع مثل تساقط البرد بكميات كبيرة.    نجران: إحباط تهريب 58 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدر    استثناء الجهات التعليمية الأهلية من اشتراط الحد الأدنى للحافلات في النقل التعليمي    محترف العين: طعم الانتصار على الهلال لا يُوصف    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    الزبادي ينظم ضغط الدم ويحمي من السكري    «CIA» تحذّر: أوكرانيا مهددة بخسارة الحرب    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسبب المرض    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    "موسيماني": الجميع يتحمل مسؤولية الخسارة من الشباب    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    فوائد بذور البطيخ الصحية    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    «سلمان للإغاثة»: اتفاقية لدعم برنامج علاج سوء التغذية في اليمن    «الشورى» يناقش تقارير الأداء السنوية لعدد من الأجهزة الحكومية    بريطانيا تحظر شراء الهواتف لمن هم دون ال16    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياللي تبي هرجٍ يجيك بمتمّه... ترى المراجل ما تجي بالسهالات
إلى جاك ولد سمه موضي
نشر في الرياض يوم 15 - 03 - 2012

[ المراجل] مصطلح يختزل في مضامينه ومعانيه الكثير من الصفات في الموصوف والمذكور بالأفعال والسلوك والتصرفات ، بغض النظر عن المتصف بتلك الصفات والمنسوبة له الأفعال ، رجلا كان أو امرأة ، قوياً أو ضعيفاً ، غنياً أو فقيراً كبيراً أو صغيراً قائداً أو جندياً ، صاحب جاه أو من عامة الناس ، ولم يكتب المجتمع للمراجل شروطاً محددة ولا بنوداً مقننة ولا طريقة واحدة ، لكنها في العرف معروفة وفي الفهم مفهومة ، ولدى الناس جميعاً في بيئة المصطلح هذا مرسومة موسومة .
وفي التاريخ الكثير من المواقف للنساء والرجال اتصف أصحابها بالمراجل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، وأولها الفزعة ، وبذل المعروف والوطنية والكرم ، والنصرة وإظهار حب الخير للغير والشهامة والحمية ، ورخص النفس في سبيل رفعتها ، والرحمة والشفقة والعطاء والقيادة والتصرف وفق الحكمة والرأي السديد ، ووضع بصمة في صفحة التاريخ تميز الأفعال الطيبة ، مما يستدعي العودة لسيرتهم وأخذ الدروس من مواقفهم .
وما جعلني أكتب هذا المقال مروري بسوق المسوكف في عنيزة ، ودخولي لقصر البسام التراثي الذي يعد جانباً منه وجناحا من أجنحته ، ومنه جاء انتقال اللحظة عبر صفحات التاريخ طواعية حيث نسمع بالمثل الشعبي ، القائل ( إلى جاك ولد سمه موضي ) فالحديث يجر بعضه بعضا ويتكامل مع غيره بمناسبات أهمها الحضور التاريخي ، وفي الوقت نفسه جذبتني غرابة المثل .
نعم استوقفني المثل الشعبي لغرابته عندي وإن كان ليس بمستغرب عند أهل القصيم ، وخاصة أهالي عنيزة بحكم القرب من المناسبة ومسرح التصديق على المثل . ولنتوقف عند هذا المثل ، فما قيل إلا لأهمية موضي المذكورة ، ولفعل يستحق أن يسمع وقد مضى ومضت صاحبته ومعها وبعدها أفعال تضيء سيرتها ، وتوصف بصفات المراجل وأفعال المواقف . خاصة ما دمنا بصدد المراجل وذكر أفعال من يتصف بها والتي تشرفنا ذكرا وحديثا وتقليدا وتأثرا كما هي مشرفة لأصحابها الذين قاموا بها .
صاحبة هذا الاسم هي : موضي البسام ، والتي تعد من جيل عاش قبل مئة عام ، عاصرت فترة ما قبل توحيد المملكة ، بل بداية الانطلاقة نحو توحيدها وفكرة استعادة هذا الكيان ، في وقت لم تكن الملامح فيه واضحة ، لكن ملامح وطنية الشخص وحب بيئته ومجتمعه وحب المعروف وبذله والكرم لا تختلف من جيل إلى آخر ولا تتبدل بتبدل المواقف ولا تتغير مع الزمن ، لأنها سجايا أصيلة وتبقى على مر العصور كما هي .
أهالي القصيم لديهم الكثير مما يقولونه عن موضي بنت عبد الله بن حمد البسام ، ومن ذلك موقفها في سنة الجوع عام 1328ه تقريبا التي لحق فيها الضرر كثيرا من الناس ، فكان لها مواقف مشرفة من الكرم والإطعام والتخفيف من المصاب بما بذلته من المال في شراء المؤن والتمور وتوزيعها على المحتاجين ، يتعاون معها نساء بالأجرة للتوزيع فترة الجوع .
كذلك موقفها من المصابين في وقعة الصريف عام 1318ه والتي نتج عنها الكثير من الجرحى ما يزيد على 400 جريح ، فآوتهم و( أجارتهم ) وكتمت أمرهم لكن التاريخ يذكر ذلك ، على ألسنة الكثيرين هناك ، وسهلت لهم طريق العودة إلى الكويت مزودين بما يلزمهم ، في وقت يعد العمل بطوليا ، والإقدام عليه مخاطرة كبيرة ، وتكرر الموقف في معركة البكيرية بما يماثل هذا الموقف جرأة ومخاطرة أيضا ، أما موقفها حيث ولد المثل فكان في تسامحها وفزعتها مما جعلها تحوز المراجل ، واستحقت بجدارة أن يقال : إلى جاك ولد سمه موضي.
توفيت عام 1363ه تقريباً
أما صفة المراجل فتنساق أيضا لشخصية أخرى نسائية أبعد تاريخا من موضي البسام بعمق تاريخي يصل إلى 200 سنة تقريباً ، وهي : غالية بنت عبد الرحمن البقمية في تربة . وتتمثل مواقفها وتتركز في الناحية الوطنية والشجاعة ، فالمال والثروة والغنى لديها وجهته ناحية حماية الأرض والذب عنها ومقاومة الجيش التركي الغازي والدفاع عن بلادها ، وليس بالضرورة الانفراد فالاتحاد مع غيرها جزء من المهمة الشجاعة ، وكانت في مقاومتها لهم ذات بسالة وشجاعة بثت في قومها الحماسة والإقدام خاصة وأن زوجها قد توفي في وقت حرج فلم تخبر عنه حتى لا يسبب الخبر انقساما ، مسددة في الرأي حكيمة في تصرفاتها قوية في قراراتها ، مما جعل الترك يبثون حولها أكاذيب نكاية بها فوصفوا غالية بأنها ساحرة لما ألحقت بهم من هزيمة ، لكنها في الحقيقة ماهرة في تدبيرها ، لقنتهم درسا في الشجاعة حملوا معهم بعدها هزيمة منكرة فلم يبق معهم من العقل سوى محاولة التنقيص من المنتصر بكل ما نضح به إناء الترك من المعايب، ورثت مالا كثيرا أنفقته في حاجة المجتمع والفقراء ودعم ذوي الحاجة ، وفي مقدورها أن تبقيه ثروة تخصها تعيش به في بحبوحة من العيش الرغيد ولكنها كما هو هدف الموضوع (المراجل) والخصال المشرفة.
تزامنت مع قيام الدولة السعودية الأولى .
ويضيف تركي الدخيل أنها قدمت على الدرعية ومعها 28 جملا محملة بالغذاء والمؤن والمال .
غالية إذاً اسم على مسمى، ورقة من أوراق التاريخ مذهبة ، ليست بعيدة عن متناول أيدينا ، نقرأها بكل فخر ، ولن تبقى مقولة الباشا ( أمست دار غالية خالية ) كما هي بل ستكون الديار كلها معمورة بالمراجل .
وعندما أذكر اثنتين فإن في التاريخ فوق الخمسين ، مما يلينا وقريب من تاريخنا وأما عمق التاريخ فالكل يعلم به ولا يخفى على أحد وأن العشرات بل المئات من الرجال والنساء سطروا بمداد من ذهب صفحات مشرقة في المراجل ، وهناك بلا شك القدوة ، وامتداد تاريخنا يبقى مضاء ونحن بالاطلاع عليه نتواجد في دائرة النور لنرى ونختار . ونعود لمصطلح المراجل لنبقى في ميدانه ، مرورا بما قاله الشعراء ،
يقول الشاعر : فهيد البقعاوي ، في قصيدته :
عمر المراجل ما تحدد بالاشكال
عمر العفن ماذاع بالطيب صيته
يبقى على ما قيل جماع للمال
ردي نفس ولو بحالك فديته
وإلا الرجل تعرف مباديه بالحال
تعرف بعد وشلون لا من نخيته
يعجبك في حاله وقوله والأفعال
يعجبك لا من جيت عاني نصيته
ذكرى بقى تاريخ عايش للاجيال
بعلومهم هي ساس مجده وبيته
هذا نعم هذا كفو طيب الفال
هذا الذي من شان طيبه هويته
أما الشاعر : راكان السبيعي فيقول :
ياللي تبي هرجٍ يجيك بمتمّه
ترى المراجل ما تجي بالسهالات
لاتتبع اللي في دروبه مذمّه
أعرف ترى طبع الردي فيه شارات
جمع الدراهم والملايين همّه
ولا حط له في مرقب الطيب رايات
وأن كان ما فوّر من الطيب دمّه
وش ينبغابه عند وقع المهمات
لا تمدحه هذا بوصّيك ذمّه
ما يمدح اللي ما ارتكى للثقيلات
الى قوله
ما يعرف الرجال غير بمهمّه
وإلا الرخا كل العرب فيه باشات
أحدٍ يساويله من الطيب أمّه
وأحدٍ عدد فالناس يملا فراغات
وأحدٍ رقا بالطيب في راس قمّه
وأحدٍ بنفسه ما رقا للصعيبات
وأحدٍ لاجا طاريه كلٍ يذمّه
وأحدٍ فخرنا لا ذكرناه بأبيات
وتبقى المراجل نبعا متدفقا ينهل منه الموفقون فيدركونها ، ليست حكرا على أحد بعينه ولا جنس دون جنس ، هي هبة ، وهي نعمة ، وهي أيضا ثروة وغنى في النفس ، يفوز بها بلاشك من جعلها في مقدم اهتمامه ، رخيصة عنده دنياه في سبيل شهامته ، وحميته مراعيا حق مجتمعه عليه .
هي سهلة وهي صعبة وهي طريق ذوي النفوس العالية ، هي عالية لا تطالها الأيدي بسهولة ، هي في متناول كل الأيدي ولكن بعض الأيدي لا تريد المراجل فالبخل من جهة والذل من جهة والنوازع كثيرة ، والتواني والقصور وتمر الأيام ويسجل التاريخ نماذج تبقى حية بالمراجل ، ولو بعد موتها ، وتبقى مسؤولية الشخص نفسه تجاه نفسه يعزها أو يبقيها في ركود عصره


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.