يخوض الآن العدو الصهيوني حربه مع إيران فوق الأرض العربية، بعد أن جرّب كل أنواع الأسلحة الذكية أو الرقمية التي تعتمد على الذكاء الصناعي في حربه الظالمة العنصرية ضد غزة التي ما زالت مستمرة حتى الآن. لقد تضرّر الشجر والحجر بعد البشر في حرب تقوم بها آلة تمطر شعباً أعزل في مكان مفتوح صغير يجرّب فيها كل ما يمكنك تخيّله من تدمير وقتل معتمدا فيها على كل أنواع الذكاءات الصناعية المتعدّدة القذرة، التي لا يعرفها الناس مثل المسيرات التي تراقب حركة الناس ليل نهار وتطلق النار على كل شيء يتحرّك. ولعل مقتل سليماني في بغداد قبل سنوات قليلة في مرحلة رئاسة ترامب الأولى خير مثال على تلك النوع من الحرب الجديدة، التي تعتمد على الآلة القاتلة. لكن في حرب غزة على سبيل المثال، ربما يكون العدو الصهيوني قد جرّب أنواعا جديدة يتم استخدامها لأول مرة من دون وازع أو ضمير، وهو الآن بالتأكيد يحاول استخدامها على نطاق واسع في حربه مع إيران، التي استخدمت هي الأخرى الصواريخ والمسيرات عن بعد في قصف تل أبيب. كلاهما يقاتل عن بعد حرباً غير تقليدية لم يعرفها البشر قبل ذلك. هذه الصواريخ والمسيرات تمر فوق العراق والأردن جيئة وذهابًا من الطرفين، دون أن يكون هناك سيطرة كاملة على المجال الجوي لأحدهما ضد الآخر، وخاصة خلال الأيام الثلاثة الأولى من اندلاع الحرب. المهم أن هذه الصواريخ والمسيرات تعبر الحدود لتدمّر أهدافها في الجهتين دون مواجهة مباشرة بينهما، وسيعتمد الحسم على مدى صبر أحدهما وتحمّله للخسائر الكبيرة. لا يبدو أن العدو الصهيوني لديه طاقة كبيرة في تحمّل الخسائر؛ إذ أثبت السابع من أكتوبر الذعر الشديد الذي أصابه. الحرب لا تأتي بخير أبداً على الطرفين، وقد تتطوّر وتنفلت إلى ما لا يحمد عقباه إذا لم تتدخّل الولاياتالمتحدة لعقد صفقة لإيقاف الحرب أو المشاركة فعلياً فيها. الشاهد هنا هو أن العالم أمام حرب غير تقليدية، سيكون بطلها طائرة مسيرة ترى شيئاً متحرّكاً، تقوم بنقله إلى قاعدة بيانات تقرأه باستخدام الذكاء الصناعي وتتعرّف عليه كهدف يمكن قصفه وإطلاق النار عليه، ثم نقل موقع هذا الهدف إلى السلاح المناسب لإطلاق النارعليه، الذي قد يكون صاروخاً أو دبابة أو طائرة مسيرة. هذه العملية تحدث خلال بضع ثوان ويمكنها أن تتكرّر مئات المرات. عندما يرى جندي ما طائرة مسيرة تحوم فوق رأسه؛ فلابد من تغيير موقعه فوراً، وإلا فإنه سيتعرّض لسلاح فتّاك خلال دقيقة أو دقيقتين أو ربما تسقط هذه المسيرة عليه وتنفجر فوق رأسه. هذا السلاح الفتاك يطلق النار بلا رحمة أو عقل؛ لأنه صادر من آلة صمّاء. نحن أمام حرب جديدة تقودها الآلة الصماء، التي يسمونها ظلماً الذكاء الصناعي حيث لا مكان فيه للشجاعة أو الذكاء أو الحكمة أو القيمة الأخلاقية.