لا يخفى على الجميع ما وصل اليه برنامج المدن الاقتصادية من تأخير خاصة فى رابغ وقبل ان يحدث ما سبق وأن حذرت منه وهو الاخفاق لا قدر الله أود ان اقدم طرحي لاعادة هيكلة برنامج المدن الاقتصادية. إن المدن الاقتصادية مشروع استراتيجي متعدد الاهداف والاستثمارات يقدم سلة حلول اقتصادية واستثمارية واجتماعية وصناعية طويلة الاجل وليس مشروع تطوير عقاري تقليدي. وفيه استغلالا للقدرات المهدرة فى مجال النقل البري والبحري والامداد والتموين والصناعات المتقدمة باستخدام احدث تقنيات الهندسه البيئيه والتكنولوجيا الحيويه وتقنيات النانو والصناعات غير المعتمدة على النفط او الغاز كلقيم او مادة خام.وصناعات الطاقة البديلة والمتجددة وصناعة انظمة النقل والصناعات الثقيلة على ان لا تنافس او تزدوج مع مشاريع الهيئة الملكية فى الجبيل وينبع فى مجال المشتقات النفطية والبتروكيماويات. وكان الامل منها ايجاد مراكز حضرية جديدة واعادة توزيع الطاقة البشرية واستيعاب الاجيال القادمة على اسس اقتصادية واجتماعية علمية واحياء مساحات جديدة من المملكة وتنمية صناعة مالية متقدمة عبر المراكز المالية الجديدة والتوجه بالاقتصادات نحو آفاق جديدة فى صناعة الخدمات واقتصاد المعرفة نحو تنافسية بمستويات عالمية. ولكن الذي حدث أنه لم تطبق الادارة الشاملة وهى سبب نجاح الهيئة الملكية بالجبيل وينبع فى تحقيق اهدافها الاستراتيجية. هي قرار بتنفيذ مهمة من رئيس السلطة العليا للرئيس التنفيذي وجهازه يشمل منح قائد الفريق وجهازه صلاحيات تنفيذية مطلقة سواء مالية او فنية او ادارية بغية انجاز المشروع وتحقيق اهدافه المحددة والمقدرة فى المكان المحدد والزمن المحدد بدون العودة مطلقا الى ريئس السلطة الا لافتتاح المشروع او مراحله. وكان اول أمر ملكي بهذا الحجم صدر من الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله بتعيين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله رئيسا للهيئة الملكية بالجبيل وينبع ومنحه صلاحيات مطلقة لا تلزمه العودة لمجلس الوزراء لطلب تفويض او ترخيص. لقد حملت الهيئة العامة للاستثمار نفسها ما لا يحتمل فهي جهاز قليل العدد والعدة لم يحصل على امر تفويض بالادارة الشاملة وكل من يعرف السياسة الادارية بالمملكة والادارة الحكومية وتاريخها وانجازاتها يعلم ان امر بمثل هذا التفويض لا يعطى إلا بعد ان يأخذ المشروع نصيبه من البحث والنقاش والدراسات الاستشارية المحلية والدولية ثم يعرض على مجلس الوزراء ثم يمنح هذا الامر لهيئة معتمدة بنظامها الى الرئيس ومجلس ادارة الهيئة الذي عادة ما يكون فى مستوى حجم المهمة والمشروع. إن المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد أي مشروع هي بيئة العمل الحكومية والخاصة المحيطة بالمشروع اما من الجهة الحكومية فلم تنجح الهيئة العامة للاستثمار فى حساب ذلك او حسن التعامل معه ابتداء من التخطيط للبرنامج ثم انطلاقه ثم ادارته وخلقت الكثير من الجفاء والاحجام عن التعاون بل وعرقلة المشروع لتضاربه مع المصالح المحلية والدولية لكثير من المؤسسات والهيئات والمشاريع الحكومية والتي كان بالامكان التنسيق معها والتفاوض للوصول الى ترتيبات ترضي الجميع مثل ارامكو والهيئة الملكية والمؤسسة العامة للموانئ وشركة الكهرباء السعودية وغيرها خاصة ان الجميع اخذ على حين غرة وكانوا جميعا آخر من يعلم بانطلاقه. كما تشمل البيئة الحكومية اعضاء جهاز الهيئة وكفاءتهم وقدراتهم للتعامل مع الاهداف والتحديات..أما البيئة الخارجية الخاصة فهم اصحاب المصالح المالية والاقتصادية والصناعية والعقارية فى المدن الكبرى المجاورة لكل مشروع او حتى المتواجدين بنفس مدن المشاريع والذين بدون ادنى شك لعبوا دورا مؤثراً. كان من الخطأ الحملة الاعلامية الضخمة والتي لم يوازها نفس الضخامة من التخطيط لادارة المشروع حيث واجه التعثر من بدايته. وكان الخطأ الاهم ان إعمار ليست المطور المناسب قطعا للمشروع فهو ليس منتجعا او مشروع اسكان, انه اكبر مدينة اقتصادية صناعية متعددة الاستثمارات والصناعات والمرافق مساحة فى غرب آسيا. والاجدى ان يكون المطور مطورا صناعيا دوليا ذا باع طويل فى المدن الصناعية الاقتصادية. مما لا شك فيه ان برنامج المدن الاقتصادية رغبة ملكية واجبة التحقيق وتعثره امر يجب تفاديه وهنا اود ان اعرض برنامجاً لاعادة هيكلة المشروع على النحو التالي: اولاً: تحويل برنامج المدن الاقتصادية الى هئية ملكية باسم الهيئة الملكيه للمدن الاقتصادية بنظام اساسي اكثر شمولا وتطورا من نظام الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وذلك بالاستفادة من الخبرات المتراكمة فى هذا المجال. ثانياً: يشمل النظام الاساسي للهئية امر تفويض ملكي بالادارة الشاملة لمجلس الهئية. ومن تاريخ سياسة الادارة الحكومية بالمملكة لم يمنح هذا التفويض إلا لذوي العزم باستثناء ارامكو ومشاريعها وريئس مجلس ادارتها. ثالثاً: سحب امتياز التطوير المتعثر من المطور الحالي وفى كل مدينة خاصة مدينة رابغ الاقتصادية لاهميتها الاستراتيجية واعادة ترتيبات التطوير على اساس لا ضرر ولا ضرار. رابعا: يكون معالى وزير التجارة والصناعة ورئيس هيئة المدن الصناعية ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار ومعالي وزير المالية ومعالي وزير العدل ومعالي وزير البترول والثروة المعدنية ومعالي وزير العمل ومعالي وزير التعليم العالي ومحافظ مؤسسة النقد ومحافظ هيئة سوق المال ومعالي وزير الاسكان ومن يراه ولي الامر مهما لذلك اعضاء بمجلس الإدارة. خامسا: لا تقوم الهيئة الملكية للمدن الاقتصادية باقامة صناعات نفطية او بتروكيماوية اساسية منافسة لسابك او ارامكو ويمكنها ان تحتضن صناعات ثانوية اوبعد ثانوية او نهائية معتمدة على منتجات سابك او ارامكو. على ان تلتزم سابك وارامكو بدعم المدن الاقتصادية.ويتم التركيز على المشاريع التقنية المتقدمة المعتمدة على تقنيات الناتو والهندسة البيئية والحيوية والالكترونيات المتخصصة جدا. سادساً: يتم دعم الهيئة العامة للاستثمار واعادة تقيم تجربتها وتعزيز مواردها بما يحقق اهدافها والتأكيد على دعمها من كافة قطاعات الدولة على ان يفك الاشتباك والتداخل القائم بينها ووزارة التجارة والصناعة بما يحقق مصلحة المواطن والدولة. سابعاً: تقوم الدولة باستثمار مواردها المالية الهائلة المستثمرة فى الخارج وذلك بانشاء البنية التحتية والمرافق ومراكز الجذب الصناعي والسكاني فى كافة المدن الاقتصادية ثم جذب الشركات العالمية وصناديق الاستثمار الدولية للاستثمار بالمشروع. ثامناً: تحويل كل مشروع الى شركة مساهمة تملكها الدولة ثم بعد عدة سنوات تحول الى شركة مساهمة عامة كما تم مع شركة سابك.