من أكبر المشاكل التي يعاني منها قطاع الأعمال العام والخاص مشكلة التحفيز التي لا تجد أي اهتمام أو تقدير وأعني التحفيز المادي الذي يوازي حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الموظف. إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، وفي علم الإدارة لو طلبت من موظف أو مسؤول أن ينفذ مهمة فلا بد أن تمنحه الصلاحيات وتؤمن له ما يحتاج من موارد مادية وبشرية كي يقدم لك أداء مميزا ويحقق الأهداف المرجوة. من واقع الحال والتجربة العملية فان بيئة العمل وثقافة الإدارة التي تعاني من المركزية والبيروقراطية تكون سببًا رئيسا في دفع الموظفين إلى ممارسات خاطئة تصل في بعض الأحيان إلى فساد كامل يضر بمصلحة القطاع والانتفاع من العمل في تحقيق مصالح شخصية. من الوظائف المحفوفة بالمخاطر وظائف المهندسين في القطاعات الحكومية وهم يشرفون أو يعتمدون مشاريع بمئات الملايين وبعضها يتجاوز المليار. مديرو المشتريات مسؤولون عن توريد مستلزمات ومعدات بالملايين، مندوبو الأمانات أو الوزارات مثل التجارة أو ممثلو الصحة أو الصناعة وغيرها، تجدهم يخضعون لسلم نظام الخدمة المدنية وبمراتب ورواتب متدنية ويتعاملون مع عقود بالملايين ونريد منهم أن يعملوا بمهنية ونزاهة والإغراءات أمامهم. في يومنا هذا ومع مشاريع البنية التحتية العملاقة التي تنفذها الدولة هناك الإداريون والمهندسون والفنيون الذين يمثلون القطاعات الحكومية ويشرفون ويتابعون ويصرحون لمشاريع بالمليارات وهم يستلمون رواتب يستلم ضعفها منسق إداري أو مهندس أجنبي في شركة مقاولات! أتذكر في مراحل عملية في بعض القطاعات وعندما كنا نتعاقد مع شركات محلية أو عالمية لتنفيذ برنامج أو مشروع معين يكون من ضمن شروط العقد تدريب الموظفين السعوديين محليا وداخليا ضمن نطاق العقد، بالإضافة إلى عقود أخرى تم فرض بند يقوم على تعيين سعوديين من نفس القطاع بنظام الإعارة ولكن بمميزات تصل إلى ضعف راتبه وبنفس وظيفته ومكتبه اللهم أن راتبه تتحمله الشركة المتعاقدة طوال فترة العقد. الفساد موجود والنفس البشرية تضعف أمام المغريات ولا شك أن الوازع الديني يلعب دورا كبيرا في مجتمعنا وهناك رجال كثر من أبناء هذا الوطن تربوا على الفضيلة وصمدوا أمام الإغراءات التي يواجهونها في أعمالهم وتصدر عن أجانب ومواطنين يهدفون إلى الفساد وتحقيق مصالح شخصية على حساب الوطن، ولكن إلى متى؟ المرونة مطلوبة ووجود الكادر أو السلم الوظيفي الذي يحفز الموظفين ويميز بين وظيفة وأخرى حسب حجم المسؤوليات ويعطي الموظف حقه ويحميه من المغريات مطلب رئيس بعيدا عن البيروقراطية والهياكل التنظيمية المتآكلة التي نعمل بها منذ أكثر من نصف قرن، وأولها كادر المهندسين الذي نسمع به ولم نراه