من منّا لم يتعرض يوماً ما لموقف محرج من زلة لسان أو كلمة لم يقصدها أو تعني في قاموس الآخر شيئاً مغايراً يجعل منها خطيئة لا تغتفر، تقطع أواصر الصلات، وينأى بسببها البعض بعيداً، وليس القصد هنا «الكذب» أو الغيبة والنميمة»، وإنما الكلمات العفوية التي تخرج من الشخص كثيراً حتى تصبح «لزمة» لفظية لديه، أو عبارات التصقت به مثل «عرفت شلون»، و»ايش اسمه»، و»على كل حال»، و»طبعاً»، و»أمممم». يا قلبي! مسؤول في أحد المراكز الاجتماعية لم يستوعب الإغلاق المفاجئ للهاتف أثناء حديثه لزميلته في القسم النسائي بعد أن قال لها «يا قلبي» -في سياق ثنائه على أداء القسم- حتى عاود الاتصال غاضبا من تصرفها، دون إجابة من الموظفة التي أوعزت لزميلتها بالتحدث إليه وإخباره عن سبب إنهائها المكالمة، فأقسم لها بصدق أنه لم يتنبه للكلمة التي خرجت بشكل مفاجئ، وأنها دارجة على لسانه يكررها للمقربين منه أبناء وحفيدات وتمتد أحياناً لزملائه وأصدقائه وللسائق أحياناً، طالباً منها أن تقدم العذر لها!. سلطان فاهم! ذكر «سلطان الجهني» بأنه أصبح مشهوراً ب»سلطان فاهم»، دون أن يعرف من أين اكتسب هذه اللفظة التي أصبحت مثار تندر وسخرية بشخصه، مبيناً أن محاولاته المستميتة لتحاشيها زادت منها، ووصل الامر إلى تذكيره بها من قبل المحيطين به إذ تحدث دون قولها!. أما «عبدالجبار حافظ» فقد تنفس الصعداء بعد أن استطاع قبل أشهر قليلة التخلص من عبارة «من جدّ» عقب تنبيهه أحد أصدقائه له من خلال محادثة مسجلة بينهما دامت 15 دقيقة استخدم فيها العبارة عشر مرات!، عندها عزم على تركها واستبدالها بمرادفات أخرى دون العودة للفظة، بل أصبح يضحك تلقائيا عندما يسمعها من غيره ويحذرهم منها. أما «أم عبدالله الحربي» فقد عانت كثيراً من كلمة «زين» لتشعر غيرها بالاهتمام بحديثهم، إلاّ أنها ومع الوقت لازمتها الكلمة ولم تستطع الفكاك منها، وانهالت عليها النكات من أبنائها والمقربين حتى أن زوجها يتهكم بها بمجرد لقائها «زين عالم من اختياري»!. وقالت «وعد الحجيلي» إن الأمر بات محرجاً جداً لها وهي تكرر « آهااا» وأصبحت اللزمة تشكل لها عقبة نفسية واجتماعية، مبينة أنها تبحث عن وسيلة علاجية للتخلص منها خصوصاً وزميلاتها ينشدنها «آها آها آها» عند الحديث أو الاتصال بطريقة مستفزة على حد تعبيرها!. أما «شوق سعود» فقد أكدت أنها متصالحة تماما مع لزمتها «نايس» مع أن بعض صديقاتها يتندرن بها، إلاّ أنها كلمة موجودة في قاموس الجميع، مشيرة إلى أنها لن تجلد ذاتها حتى تتخلى عن تلك المفردة، بل ستبقى على طبيعتها تماما. التنبيه والتدريب وأوضح «د. حسن ثاني» -أستاذ علم النفس المشارك بجامعة طيبة- بأن اللزمة موجود لدى كثير من الناس والتخلص منها يأتي من خلال التنبيه والتدريب والتعود على عدم تكرار العبارات، وهي مؤشر ترمومتري للإصابة بحالة من الاضطراب النفسي المرتبط بالموقف منشأه اللاوعي والعقل الباطن الذي يحتفظ بمخزون لفظي مكتسب من البيئة المحيطة، أو شخصية هامة في حياته، ولهذا تخرج المفردات المتكررة بشكل عفوي، مؤكداً على أن رغبة الشخص بالإقلاع عن هذه العادة يساعد كثيراً في التخلص منها تماما خلال فترة زمنية قصيرة، راوياً أحد المواقف عندما نادي أحد الأساتذة طالبةً فقال لها «يا حبيبتي»، فتعالت أصوات الضحكات في القاعة الدراسية، مما تسبب في إحراج الأستاذ أكثر من الطالبة.