أتى قرار الأممالمتحدة بأغلبية ساحقة بمطالبة إيران بالتعاون في التحقيق بالمؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، كإنذار مفتوح لأي دولة تحترف مبدأ الإرهاب أياً كان نوعه ومصدره.. فالعدد الكبير من دول العالم، رغم تباين أديانها وسياساتها وتوجهاتها المختلفة، إلا أنها أجمعت على رفض الإرهاب لقناعة الجميع أن مثل هذه الأعمال تخالف نواميس وقوانين العالم وتهدد أمنه، والإدانة لم تأت لمجاملة دولة على أخرى، وإنما هي استشعار للمسؤولية التاريخية، وإلا بماذا نفسر روادع القوانين والعقوبات التي تتخذها المنظمات العالمية لأي تنظيم أو حزب، أو دولة خارجين عن القانون؟! المملكة تعرضت لحالات عديدة من الإرهاب ومن قوى مختلفة، ومع ذلك فهي من تبنى مركز الملك عبدالله العالمي للحوار، وتحمّل تكاليف بناء مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب في نيويورك، وهذا الإسهام وتبني عمل دولي يأتي من فهم المسؤولية المشتركة لأن الجميع معرض لمثل هذه الجرائم.. لقد واجه العالم أثناء الحرب الباردة عصابات احترفت الخطف والقتل والتدمير بحماية دول كبرى، وكانت جزءاً من صدام مبرمج بين الغرب والشرق، ومنطقتنا العربية كانت إحدى بؤر حضانة وإطلاق تلك العصابات التي اتخذت واجهات سياسية، ثم تكرر الأمر مع قوى دينية لا تقتصر على الإسلام عندما انفجرت القاعدة وتداعيات أعمالها، والاضطرار إلى إعلان التعبئة العالمية ضدها، وأصابع إيران بدأت ترى باتجاهها لنسج وتنفيذ عمليات استهدفت المملكة والكويت والبحرين وغيرها، لكن انكشاف دورها وضعها في حالة اختناق وعزلة دولية، لأن العبث بالأمن سواء أكان إقليمياً أم للمواقع الخارجية، هو ما جرّ عليها عرض قضية السفير السعودي في الأممالمتحدة، رغم حشدها كل قوتها من أجل عدم التصويت، أو الوقوف على الحياد، لكن الإرادة الدولية واعية ومنصفة، إذ لايمكن أن تتمتع دولة عضو في المجاميع العالمية وهي تتخذ الإرهاب موقفاً وفعلاً من أن لا تتعرض للوم والمساءلة، والمطالبة بالتعاون لكشف المستور الذي حاولت إخفاءه.. لقد نبذ العالم الحروب العسكرية، لأن الخسائر الفادحة التي تحملتها البشرية كانت كبيرة، فجاءت القوانين والروادع الأخلاقية، وفهم قيمة الحياة المكفولة لكل إنسان أعلى من نزوات الشر، ومع الإرهاب تكاتفت الجهود كي تعزل وتصادر مقومات من احترفوا تلك الاتجاهات، طالما الوصول إلى عالم آمن ليس هدفاً لدولة كبرى أو صغرى أمام عالم متكاتف ضد أي ممارسات تخرج عن خط الحياة الطبيعية بل كحق مكفول.. فالأممالمتحدة كوعاءٍ يحوي كل الدول المستقلة، مطالبة بقرارات رادعة لمن يخرج عن المسؤولية الأدبية والأمنية، وإيران واجهت موقفاً لم تكن تعتقده، والسبب أن رعونة القرارات والخطط التي تستهدف مسؤولين تحت الحماية الدولية، جرّدها من أي احتجاج، أو أنها مستهدفة من قبل دول تعاديها، وهو ما لا ينقض قوة الواقعة، ووثائقها الصادقة..