أكد عدة مراقبين للقطاع العقاري أن الأزمة الإسكانية مستمرة خلال العشرين سنة القادمة في ظل العديد من الظروف من اهمها صعوبة موقف صندوق التنمية العقارية أمام ما لا يقل عن 3 ملايين مواطن تقدموا بطلب صرف قروض عقارية لهم مالم يتم دعم القطاع الإسكاني بعدة قنوات تمويلية وأخرى تنظيمية ، وعلى ضوء مخرجات السوق الإسكانية في المملكة فإن 70% من مجمل سكان المملكة من فئة الشباب والذين هم في مقتبل أعمارهم ويبحثون عن تأمين المسكن الملائم لهم ولأسرهم، وتشير الإحصائيات بأن الحاجة التمويلية للمشاريع الإسكانية الإنشائية في دول مجلس التعاون تحتاج إلى 300 مليار دولار لاستكمالها. ولا زال القطاع العقاري بالمملكة يفتقد إلى نظامي الرهن والتمويل العقاري حيث ان خدماتهما محرك كبير جدا للقطاع العقاري والذي يعد من أحد الأنظمة المحركة للقطاع وحل مشكلته الأزلية ، والمتتبع لخدمات التمويل العقاري في المملكة يجد أن مقدمي هذه الخدمات بحاجة إلى التطوير وإيجاد خدمات جديدة لدفع القطاع العقاري للأمام تلبية للطلب الذي أوجدته الطفرة العقارية التي تستهدفها البلاد . وتأتي الحاجة الضرورية لمشاركة القطاع العام في تقديم الخدمات التمويلية والحوكمة في العمليات التمويلية ، وإن كانت بالفعل هي داخل العملية من خلال صندوق التنمية العقارية إلا أن قروض الصندوق غالبا ما تقتصر فقط على الأفراد والقروض الصغيرة ، كذلك لا بد من إنشاء بنك عقاري تديره الدولة وشأنه دفع حجم عمليات التمويل وضخ المزيد من السيولة داخل السوق العقاري لتحريك المشروعات الراكدة والتي بدا من الواضح تماما أنها تفتقد السيولة ، فكلما زادت عمليات التمويل زاد حجم الاستثمار والمشروعات العقارية وبالتالي يزيد حجم المعروض من الوحدات العقارية والمخططات والأراضي وبالتالي تقل الأسعار بشكل طبيعي حسب قوانين العرض والطلب. وفي السياق ذاته يقول المهندس أحمد العبدالكريم إن الدولة – أيدها الله – لا تمتلك العصا السحرية التي تقلب الموازين والواقع بين ليلة وضحاها ولكنها تولي المجال الإسكاني في المملكة اهتماما خاصا نظرا لحساسيته الماسة وذلك من خلال إنشاء وزارة خاصة مستقلة وقد تم دعمها بميزانية توازي ميزانية دول، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن مسألة الإسكان هي مسألة مستمرة وأزلية طالما ظل العنصر البشري في الوجود ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقول باننا لسنا في حاجة للإسكان ، ولكن الوصول للمثالية وتحقيق موازنة بداخل السوق الإسكانية هو المثالية وتعدي الخطوط الحمراء ، وكذلك أن تكون الطلبات السنوية على الإسكان ضمن معدل النمو الإسكاني وللوصول لذلك تواجه السوق العقاري المحلي عدة عقبات يجب التخلص منها وتجاوزها ومن أهمها ارتفاع أسعار الأراضي بشكل مهول مما نتج عنه سلبا ضعف القوة الشرائية لدى الشباب بالإضافة إلى ذلك هنالك محدودية جدا في الأراضي الحكومية وإن وجدت فمعظمها بخارج النطاق العمراني مما يعني عدم توفر بنى تحتية لهذه الأراضي . وأضاف العبدالكريم لابد من قيام الدولة ممثلة بوزارة الإسكان بإنشاء ضواحٍ جديدة حول المدن بكامل خدماتها وبناها التحتية والقيام بربط هذه الضواحي بطرق سريعة مع المدن عن طريق وزارة المواصلات والعمل مع مراكز الأبحاث بالجامعات السعودية والمكاتب الاستشارية على إيجاد أنظمة بناء سريعة وغير مكلفة وذات جودة عالية وتتحمل الظروف المناخية للمملكة ، وكذلك القيام بتكليف مقاولين لإنشاء تلك الضواحي أو المدن الصغيرة في أوقات محددة . واستطرد العبدالكريم قائلا وإيجاد مراكز وفروع للدوائر الحكومية في تلك الضواحي لخلق فرص عمل جديدة للشباب والمساهمة من جانب آخر في تخفيف الاختناق على المدن المكتظة بالكثافة البشرية العالية . وحول الدور المصرفي قال العبدالكريم يجب على مؤسسة النقد التوجه نحو المصارف المحلية وتشجيعها على المشاركة الفاعلة باسم المسئولية الاجتماعية في التنمية العقارية وذلك بتخصيص ميزانية محددة من قبل كل مصرف من هذه المصارف ضمن شروط ميسرة وهامش ربحي بسيط ، كما شدد العبدالكريم في ختام حديثه بأنه يجب خلال بحث حلول الإسكان عدم التسبب في خلق مشكلة أكبر وهي مجيء جيل جديد مثقل بالديون . على صعيد آخر قال عضو اللجنة العقارية بغرفة الشرقية خالد أحمد بارشيد إننا سنشهد استمرارية الأزمة الإسكانية خلال العشرين سنة ولكن بنسب منخفضة ، وطالب بتقليل فترة الانتظار للمتقدمين على صندوق التنمية العقارية من خلال استمرارية الدعم الحكومي بضخ المليارات من الريالات للصندوق وبحث آليات جديدة لتحصيل أقساط القروض من المواطنين المتقدمين على القرض ، وفتح قنوات مشاركة مع مؤسسات التمويل العقاري والبنوك المحلية مما يساهم تلقائيا في توسيع دائرة المستفيدين من القروض وزيادة المعروض من المساكن من جانب آخر بحيث يكون الصندوق هو المنظم والضامن للقرض مع خفض معدلات هامش الربح البنكي . وأضاف بارشيد تعزيز دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية حيث ان مواردها المالية لا تكفي ولابد من طرح برامج الدعم الإيجاري وإنشاء صندوق لدعم الإسكان الخيري مما يساهم في خلق فرص متزايدة للتوسع في دعم الفئات المحتاجة والتي لا تستطيع الانتظار الطويل للحصول على القرض العقاري .