إن من أسوأ المواقف التي تواجهك أن يهاجمك الغير بضراوة في أشياء غير حقيقية ومختلقة، وفي نفس الوقت لا تجد من أوكلت له مهمة الدفاع عن حقوقك حاضراً مع انك في الحقيقة لا تحتاج إلى دفاع فمجرد قول الحقائق كاف للدفاع عنك! إن ما حدث من هجوم غير مبرر على الوطن من بعض أعضاء البرلمان الألماني تحت مظلة البوندستاغ يجعلنا نعيد التفكير في كيفية شرح وجهة سياستنا، وتوضيح صوتنا في الخارج. وهناك عدة نقاط مهمة يجب التوقف عندها في هذا الموضوع. أولا: هناك سوء فهم لموقفنا الشجاع في أزمة البحرين سواء أكان ذلك بحسن أم سوء نية من بعض السياسيين الغربيين؛ حيث كانت حججهم واهية وكان باستطاعة أي جهة تفنيدها بكل بساطة . الموضوع ككل لا يستحق كل هذه الضجة فهو بسيط فبيع 200 دبابة للسعودية لا يعتبر حدثاً كبيراً مقارنة بصفقات السعودية المعروفة ذات الحجم الكبير، وهو لن يؤثر في إستراتيجية المملكة بتاتاً فكل الموردين العالميين حول العالم يرحبون بأي طلب سعودي! ثانيا: وهو مهم للغاية إن موقف السفارة السعودية في ألمانيا كان مخيباً للغاية! أنا لا اطلب من السفارة التعليق على صفقة الاسلحة لأن كثيراً من الدول ومنهم السعودية لا تعلق إعلاميا على صفقاتها العسكرية، لكن ما يحز في النفس أن السفارة لم تصدر أي شيء بخصوص بعض الاتهامات الظالمة من بعض السياسيين الألمان فعلى سبيل المثال استغل البعض موقفنا الشجاع والقانوني من البحرين للهجوم علينا، وكان بالإمكان بسهولة الرد عليهم لأن المانيا تحديدا تملك نفس السيناريو! فتدخل قوات درع الجزيرة في البحرين حسب الاتفاقيات بين دول الخليج يشابه تماما وجود قواعد أمريكية في المانيا تحت مظلة الناتو، ولم يقل احد في المانيا إن هذا احتلال أمريكي لألمانيا ! أيضا التدخل كان من دول الخليج العربي ككل كالإمارات والكويت أي انه تدخل جماعي حسب الاتفاقيات الموقعة وليس دولة واحدة وهذا يماثل تماما حجة ألمانيا بمساعدة الناتو في ليبيا حين قالوا إنهم يساعدون الحلف بناء على الاتفاقيات الموقعة مسبقا! بالاضافة إلى أن قوات درع الجزيرة لم تتعامل مع المواطنين البحرينيين بشكل مباشر بل كانت لتأمين حماية المنشآت وليس كما ادعى بعض النواب الألمان! ويمكن التأكد من ذلك بسهولة فالبحرين بلد مفتوح وألمانيا لديها سفارة هناك تعطيها المعلومات عن الوضع إذن جميع ما قيل من حجج ضعيف ويمكن الرد عليه! الشيء الآخر اللافت للانتباه فيما يتعلق بسفارتنا أن أحد المنتقدين هو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الالماني، والمعروف دوليا أن أكثر الجهات تعاملًا مع السفارات هي وزارة الخارجية ولجنة الشؤون الخارجية في البرلمان وهذا يدل على أن سفارتنا لم تكن توضّح الصورة بشكل جلي واضح لأحد أهم الجهات التي من المفروض أن تتعامل معها بشكل دوري! حتى حجة عدم تصدير السلاح لمناطق غير مستقره كالشرق الأوسط حجة ضعيفة لأن البرلمان يعرف جيدا انه أعطى إسرائيل غواصات بمليارات الدولارات مجاناً! وعندما طلبت إسرائيل المزيد منها عمل تخفيض هائل للسعر وقامت الحكومة الالمانية بدفع نصف السعر بعد التخفيض! نحن نعلم جيدا أن وراء هذه الحملة أهدافاً أخرى كنتُ تطرقت لها سابقا لكن يحز في النفس عدم تحرك سفارتنا والتي لم نُرد منها إلا تبيان حقيقة الأمور لأنهم لو قاموا بذلك لوجدنا ذلك في التقارير الصادرة من الإعلام والتي تغطي الموضوع فللأسف قرأت اغلب التقارير والتي كانت تحمل وجهة نظر واحدة، ولو كان هناك تعليق من جهتنا لأجبر الإعلام على إظهاره حتى يحافظ على مصداقيته الصحفية بإظهار كل وجهات النظر . الحق يقال إنني على ثقة أن الموضوع في النهاية سيمر دون عوائق خصوصا أن من يتعامل مع تلك الملفات في الحكومة السعودية استطاع أن يمرر بذكاء أصعب من هذه الصفقة بمراحل! والحكومة الالمانية متحمسة له! لكن كان من الواجب أن تكون ردة فعل سفارتنا أفضل من ذلك، واذكر أنني كتبت قبل أسبوعين عن ضعف الدور الإعلامي لسفاراتنا في الخارج وها نحن نواجه مثالاً آخر على ما كنتُ ذكرته في مقالي ! للأسف سفارتنا تعاني ملاحظات عديدة في خدمة الرعايا وحتى مهامها الأخرى كالخطاب الإعلامي بما يتعلق بشرح وجهة النظر السعودية ضعيف وغير محترف! ولا يعكس سياسة السعودية التي من المعروف عنها الاتزان والمنطق. قلتها في مقال سابق والان أكررها الوضع الحالي لا يسر فإما تطوير المستوى الإعلامي للسفارات، أو انتداب صحفيي الوطن المخضرمين ليكونوا واجهة إعلامية للسفارات أما بقاء الحال على ما هي عليه فهو نقطة ضعف خطرة في خاصرة الوطن خصوصا أننا الان بوصلة الشرق الأوسط، وعمود اتزانه ومسؤولياتنا تضاعفت أمام العالم بأسره..