الميسورات اللواتي يردن السفر على الخطوط السعودية نحو وجهة الشمال (أوربا) يخترن الدرجة الأولى بطبيعة الحال . وحاشيتهن من خادمات وراعيات أطفال يركبن الدرجة السياحية ، وثمة وسيلة ربط بين الوصيفات الأفريقيات حيث يركبن درجة رجال الأعمال ، أو الأفق ، ليكنّ عند طلب العمّات أو يحملن الجواهر وأدوات الزينة ، أو العباءات وما أشبه . وكان المسافر العادي المتجه نحو الشمال لا يجد المزاحمة من قِبَل الخادمات والعمالة . أما الآن فعليه أن لا يستغرب وجود عاملات يحملن رُضّعاً ، مع ما يرافقهن من حليب وحفائظ ، و" تغييرات مفاجئة ! " خصوصا في السفرات الطويلة نحو الشمال الأوربي وأمريكا وكندا . فما يُعانيه راكب السياحية في الطائرة السعودية المتجهة إلى آسيا (كثرة الخادمات) سيُعانيه اليوم في الطائرة السعودية المتجهة شمالا، فالأسرة السعودية الراكبة في الدرجة الأولى تعهد برعاية الرضيع ونظافته إلى مربية أو خادمة - وكان الله في عون من ساقه كمبيوتر حجز المقاعد وقذفهُ إلى جوارها فى رحلة طويلة. بكتابتي هذه ليس لديّ من الحلول العملية ما ينفع ، إلا بتبني أفكار عصرية تبتعد عن الطبقية الموجودة فقط لدى ناقلنا الوطني (السعودية) . الباحثون عن أماكن في الدرجة الأولى يبحثون عن ماهم بحاجة إليه . فالبعض منا يريد أن يرى نفسه في وسط يتناسب ومقامه ، ويكون إلى جوار شخصيات أو قامات ذات مقام . ومنهم من يبحث عن الراحة وسعة مجال الكراسي والابتسامة المستمرة من جهاز الخدمة . وهم على حق ، فمن يكره ذلك؟ والبعض لا هذا ولا ذاك فقد جاءته التذكرة في الأولى ، ولا يُعقل أن يُعيدها إلى جهة الإصدار ليطلب تذكرة في الدرجة السياحية . وعندنا مصطلح اسمه ( أبغريد ) Upgrade . كأن يكون المرء يحمل تذكرة الدرجة السياحية ، ثم عند الإغلاق يجد من " يرفعه " إلى الأولى . وقد حصل الكثير من الاعتراضات ، حيث يجد شخصية بارزة إلى جانبه رجل من عامة الناس طوال الرحلة. هل تعلم أن رئيس الوزراء البريطاني ، ديفيد كاميرون ، الذي زار الإمارات الجمعة الماضية ، وصل على متن إحدى طائرات "الاتحاد"، هو والوفد المرافق له . وفيما يبدو أن هذا الخبر عادي ، ف"طيران الاتحاد"، يحقق تميزاً عاماً بعد عام ، يجعله في مصاف شركات الطيران الأولى عالمياً ، إلا أن المفارقة أن رئيس الوزراء البريطاني ، الذي يعتبر ثاني أصغر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا ، لم يقدم راكباً مقعداً في الدرجة الأولى ، بل كان هو ووفده في مقاعد الدرجة السياحية . عندها عرض الإماراتيون ، وهم أهل كرم وضيافة ، على رئيس الوزراء البريطاني ، أن يحصل على مقاعد في مقصورة الدرجة الأولى ، رفض بلطف ، مؤكداً أن بلاده التي تمر بأزمة اقتصادية ، تقتضي ربط الأحزمة ، تستدعي أن يكون هو القدوة في تخفيض النفقات ، وكيف يكون قدوة إذا كان مقعده في الدرجة الأولى!!.