عبد العزيز بن سلمان: دعمنا العالم لاقتصاد الكربون بفترة وجيزة    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    أمير منطقة تبوك يدشن فعاليات أسبوع البيئة بالمنطقة    الجاسر: أحداث البحر الأحمر لم تُعق الإمدادات.. وتدفق السلع مُرضٍ جداً    شراكة عالمية لجمع 500 مليون دولار لمبادراتٍ في مجال التعليم    اتفاقية لإنشاء "مركز مستقبل الفضاء" بالمملكة    أخبار سارة في تدريبات الهلال قبل الكلاسيكو    الاعلان عن الأفضل في دوري روشن في أبريل    وزير الخارجية ونظيره العماني يستعرضان العلاقات الثنائية    تطور جديد في ملف انضمام صلاح ل"روشن"    نصف نهائي "أغلى الكؤوس".. ظروف متباينة وطموح واحد    «سلمان العالمي» يُطلق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي لمعالجة اللغة العربية    الكلية التقنية للبنات بجدة تطلق هاكاثون تكنلوجيا الأزياء.    أمير المدينة يستقبل سفير إندونيسيا لدى المملكة    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    أمير الرياض يعتمد ترقية 238 موظفاً من منسوبي الإمارة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق تايوان    النيابة العامة: التستر وغسل الأموال يطيح بوافد و3 مواطنين لإخفائهم 200 مليون ريال    توقيع مذكرتي تفاهم لتعزيز استدامة إدارة النفايات وتشجيع المبادرات التوعوية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب بالجامعة الإسلامية    القبض على 8 أشخاص لقيامهم بالسرقة وسلب المارة تحت تهديد السلاح    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    «مطار الملك خالد»: انحراف طائرة قادمة من الدوحة عن المدرج الرئيسي أثناء هبوطها    وزيرا الإعلام والعمل الأرميني يبحثان التعاون المشترك    اللجنة الوزارية العربية تبحث تنفيذ حل الدولتين    دولة ملهمة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    منتدى الرياض يناقش الاستدامة.. السعودية تتفوق في الأمن المائي رغم الندرة    رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن بالغ قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    الفيحاء يتوّج بدوري الدرجة الأولى للشباب    الأهلي بطلاً لكأس بطولة الغطس للأندية    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    صحن طائر بسماء نيويورك    أول صورة للحطام الفضائي في العالم    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد انضمام الأقباط...هل انقلب الإخوان على شعارهم؟
نشر في الرياض يوم 24 - 05 - 2011

جاءت الثورات العربية كمرحلة لافتة نعيشها الآن في المنطقة، لتفتح الباب على مصراعيه للجماعات والحركات الإسلامية، ولتنقذها ليس من الملاحقة الأمنية والتهميش والاضطهاد والتمييز فحسب، وإنما حتى من انهيارها من الداخل بسبب جمودها وضعف مشاريعها، وخفوت توهجها وقصور نظرة بعض عناصرها للديمقراطية.
على أن الحديث عن حركات الإسلام السياسي يفرض نفسه في الوقت الراهن، لاسيما بعد تلك التحولات التي غيرت ملامح المشهد السياسي، ودفعت بها للظهور على الساحة بقوة، ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نجمع كل هذه الحركات في سلة واحدة، لتنوع رؤاها ولاختلاف تصوراتها وبرامجها، وإن كان القاسم المشترك بين اغلبها هو مرجعية الدين الإسلامي، حيث عُبر عنه في سياقات متنوعة وإن ظل هناك تفاوت وتباين بين مجتمع وآخر، فضلا عن اختلاف الغايات والأهداف، فطبيعة عمل منظمة حماس على سبيل المثال، يختلف عن ممارسة حزب النهضة في الجزائر أو الجبهة القومية الإسلامية في السودان.
الجماعة توصلت إلى حل وسط اعتقاداً منها بأنه يحسم الإشكاليات بطبيعة الجماعة، وحيرتها ما بين الدور السياسي والعمل الدعوي ، لتخلص إلى أن يقوم الحزب بالدور السياسي ، في حين تتمسك الجماعة بمبادئ التنظيم ومنها الدعوة. وفي تقديري أنها معالجة ميكافيلية من أجل الوصول للسلطة بدليل وجود تناقض ما بين المرجعية والممارسة
غير أن دخول هذه الحركات معترك العمل العام وتحديدا السياسي منه، جعلها تتحول لعنصر مؤثر في مكوّن النظام العربي السياسي في مرحلة من المراحل، إلا أن المقال هنا يركز على وضعية الإخوان المسلمين الراهنة، ومحاولة قراءة استجابة الجماعة للتحول السياسي.
وعلى الرغم من تواجدها في الساحة منذ أكثر من ثمانين سنة، وتحديدا منذ أن تشكلت النواة للتنظيم بلقاء حسن البنا بثلة من العمال في الإسماعيلية المصرية داعيا إياهم إلى مواجهة الإنكليز، ومشددا على "الدعوة إلى الله ونصرة الدين"، إلا أنها عاشت في صراعات ومواجهات مع السلطة إلى حين حلها ومصادرة أموالها واعتقال أعضائها عام 1948.
ومع ذلك بقيت في الساحة، وامتد حضورها الفكري ونفوذها ليتجاوز حدود الجغرافيا، ويصل إلى دول عربية وإسلامية، غير أن الانتقاد الموجه دائما لهذه الحركات على تنوعها هو افتقادها قدرة التعاطي مع الواقع الجديد رغم ما يحمله من دلالات وملامح وصعوبة التأقلم واستيعاب ضرورات المجتمع ومعطيات العصر.
على أنه من البديهي، عندما تقبل أية حركة سياسية الاشتراك في العمل السياسي، فإنها بذلك تنتقل من مرحلة الفكر والتنظير إلى مرحلة الممارسة والتطبيق، ما يعني أنها قبلت بقواعد ومنطق اللعبة الديمقراطية، ولكن هل تنطبق هذه الرؤية على جماعة الإخوان المسلمين؟.
عندما تقرا لائحة التنظيم، يذكر الباب الثاني أن "الإخوان المسلمون هيئة إسلامية جامعة تعمل لإقامة دين الله ... وبالسعي إلى تجميع المسلمين جميعا، وقيام الدولة الإسلامية التي تنفذ أحكام الإسلام وتعاليمه عمليا". هذا النص يحدد مرجعية الجماعة وأهدافها، فهل يتيح لها لعب دور سياسي، أو على سبيل المثال إنشاء حزب يضم مصريين غير مسلمين؟
الإجابة: قطعا لا، ولكنها تحظى بتأييد شعبي طاغ، إلا أن الإشكالية في تقديري تكمن في تناقض خطابها وممارستها العملية، فالمشروع والبرنامج السياسي شيء، وممارسة الفعل السياسي شيء آخر. وهو ما يدعم مقولة أن الحركات الإسلامية تعاني من ضآلة المنتج الفكري والخبرة السياسية، ما يؤكد حساسية الممارسة السياسية، حيث يقتضي الظرف والزمان أحيانا اتخاذ مواقف قد لا تتفق مع المرجعية الفكرية.
ورغم بروز التنظيم منذ عقود إلا أن هناك من يرى بأن تراجعه في مصر في الثمانينيات والتسعينيات ربما يعود لأسباب داخلية تتعلق بمواجهة السلطة من جهة ، ومن جهة أخرى ظهور تنظيمات اخوانية أخرى في عدد من الدول تميزت بقدرتها على توفير الدعم والتمويل فضلا عن بروز أسماء قيادية لها حضور فكري وشرعي كالغنوشي والترابي وغيرهما.
غير أن اللافت والجديد يكمن في توجه جماعة الإخوان لانشاء حزب مستقل ودعوة مجموعة من الأقباط للانخراط فيه، بعد أن ظلت هذه الفكرة بعيدة عن أجندتهم طوال العقود الماضية، وإعلانهم عن تخليهم عن شعار «الإسلام هو الحل» الذي رفعوه منذ 24 عاماً.
هذا التوجه يأتي بعد مطالب قوى سياسية من أحزاب ليبرالية واشتراكية وناصرية بعد ثورة 25 يناير باستبدال الشعار. وقد برر احد القياديين ذلك القرار على اعتبار أن الرؤى الحزبية بشرية، وليست لها قداسة. وأضاف قيادي آخر، بأنهم لم يعودوا في حاجة لمثل هذا الشعار لان الحرية الآن متاحة للجميع.
على أن هناك 93 قبطيا من مؤسسي الحزب، واختير المفكر القبطي رفيق حبيب نائباً لرئيس الحزب، وهو ما يتناغم مع ما يرددونه بأن حزب الحرية والعدالة "ليس حزبا دينيا، وإنما هو حزب مدني".
ويبدو أن خطوة ضم أقباط للحزب وإلغاء الشعار، يمثلان انقلابا على مبادئ الجماعة نفسها بغض النظر عن التبريرات التي يسوقونها، فضلا عن إرسالها تطمينات للرأي العام، لاسيما بعد التساؤلات حول حقيقة ما قاله بعض قيادات الإخوان حول عزم الجماعة تطبيق الحدود في حال وصولهم للسلطة. وهو ما يثير حفيظة البعض حول مغزى هذه الخطوة التي تأتي بمثابة جسر يقودها للاستيلاء على السلطة ومن ثم تنفيذ برامجها، ما يجعلها تقوم بتكتيك مدروس لتحقيق أجندتها السياسية ولو جاء تحت غطاء دعوي.
معظم الكتابات التي ناقشت هذه الجزئية تشير إلى أن الهدف الأساسي للجماعة كان العمل الدعوي وفق رؤية البنا، الذي لم يكن متحمسا لإقحام الإخوان في العمل السياسي لما يعلمه من محاذيره ومخاطره، وهو الذي مارس العمل السياسي وخاض الانتخابات البرلمانية مرتين.
غير أن الجماعة مضت منذ ذلك الحين في الانخراط في العمل السياسي، فكانت النتيجة الاصطدام مع السلطة. ومع ذلك هناك من يقول بأن الجماعة تعاني من خلافات داخلية عميقة وانقسام أجنحة في الداخل، ولكنها لا تظهرها للعلن عملا بأدبياتها التي تنزع لإخفاء الصراع.
وفي هذا السياق جاء رصد للباحث القيادي السابق ثروت الخرباوي كاشفاً للازمات التي تتحكم في مستقبل الجماعة وهي: " مشكلة التنظيم من حيث شكله ومن حيث مقره، والانفصال بين الجيل القديم والجيل الجديد، والاهتمام بالعمل السياسي على حساب العمل الدعوي، وعدم قدرة الجماعة على قراءة الواقع السياسي".
ويبدو أن الجماعة توصلت إلى حل وسط اعتقادا منها بأنه يحسم الإشكاليات بطبيعة الجماعة، وحيرتها ما بين الدور السياسي ،والعمل الدعوي ، لتخلص إلى أن يقوم الحزب بالدور السياسي ، في حين تتمسك الجماعة بمبادئ التنظيم ومنها الدعوة.
وفي تقديري أنها معالجة ميكافيلية من اجل الوصول للسلطة بدليل وجود تناقض ما بين المرجعية والممارسة.
على أي حال، الجماعة معنية اليوم بمراجعة خططها، وإن كان بإمكانها أن تلعب دورا مفصليا في المشهد المصري متى ما توفرت لديها الرغبة في أن تتخلص من إرثها القديم ، وتقود نقلة نوعية على الصعيدين الفكري والتنظيمي ، وتفتح صفحة جديدة مع كافة القوى السياسية وأن تتصالح مع الجميع بدءا بالدستور وأن تتعامل مع الجميع استنادا لمبادئ الثورة وتنسلخ من أساليب النرجسية والوصاية مغلبة مصلحة مصر على مصالحها الضيقة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.