نستكمل ما بدأناه في لقائنا السابق حول فكر البرمجيات الحرة ذات المصدر المفتوح، وكنا قد تحدثنا عن عملية التطوير والبناء، وأنها عملية تراكمية تعاونية، وكيف أنها تحدد البدايات من النهايات، بمعنى أن من يريد أن يطور ينطلق من حيث انتهى غيره، بحيث لا يلجأ إلى إعادة صناعة العجلة، فتكون بدايته قوية ومتطورة جداً مقارنة بها لو كانت من الصفر، وهناك أمم استطاعت أن تضع لها موضع قدم في هذا المضمار وتلتحق بركب التطور والتقدم التقني، فيما مجتمعاتنا العربية لا تزال تغط في نوم عميق، ليس هذا فحسب، بل ومنها من يحارب كل من يحاول إيقاظها من هذا السبات، وأمثلهم طريقة من يقف موقف المتفرج، هناك دول نامية تحررت واستقلت تقنياً ومن أبرزها فنزويلا وكوبا والبرازيل، لإدراكها أهمية هذا الجانب. إن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية جهودها مباركة وتمشي في الاتجاه الصحيح، لكنها تسير ببطء، لأن أولى الأولويات التي يجب الاهتمام بها هي تطوير نظام تشغيل يتضمن جميع البرمجيات والتطبيقات الحرة التي يحتاجها المستخدم سواء أكان هذا المستخدم فرداً أم جهات اعتبارية، فلقد رأينا دور الدعم الحكومي في تطوير أنظمة لينكس من محاضرة أحد مطوري باردوس التركية الذي أوضح حجم الوفر الاقتصادي الذي حققته هذه التوزيعة على مستوى الدولة، وإن كان هناك أولويات يجب أن تضعها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في جدول أعمالها فأهمها مراجعة العقود الحكومية التقنية والتعرف على مدى أهمية إبرام هذه العقود في ظل وجود البدائل الحرة المجانية ومنها عقود برامج النشر المكتبي (مايكروسوفت أوفيس) الذي يوجد له العديد من البدائل المجانية مثل أوبن أوفيس وليبرأوفيس لاسيما وأنها تتوفر مع دعم كامل للغة العربية. وبالتالي فلا حجة لنا، ويجب إعادة النظر في مدى جدوى تجديد هذه العقود مستقبلاً، إضافة إلى أهمية وضع الضوابط اللازمة لتنفيذ أي عقود جديدة وتعيين مستشارين تقنيين على قدر كبير من المعرفة والوعي المعلوماتي لمراجعة جدوى أي تعاقدات جديدة، فليست المسألة مسألة تخصص تقني، وإنما مسألة وعي بالعوامل المحيطة، خصوصاً وأن كثيرا من مسئولي التقنية في الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة منغلقون على أنفسهم ولا ينظرون إلا من خلال عيون بعض الشركات المعروفة للبرامج، ولا يجيدون سوى برامجها وتطبيقها، وبرأيي الشخصي إن المدير التقني الذي يوافق على تنفيذ عقود مكلفة فقط ليسهل على نفسه عملية التنفيذ مقابل تكبيد المؤسسة التي يعمل بها تكاليف باهظة كان من الأولى توجيهها لمشاريع تنموية أخرى؛ فإنه ليس جديراً بهذه المكانة، فنحن في عصر انفتاح أصبح العالم فيه كالقرية الصغيرة، يعرف أهل الشرق كل ما يحدث بالغرب لحظة بلحظة والعكس. وبالتالي فهناك مواقع إلكترونية كثيرة توفر المعرفة لمن يبحث عنها؛ يفترض علمه بها بحكم تخصصه، إضافة إلى أن هناك مواقع أخرى تعطي البدائل المناسبة لأي برامج يحتاجها المستخدم أياً كان، ومن هذه المواقع موقع بديل الذي يرعاه مركز التميز لأمن المعلومات بجامعة الملك سعود: badeel.coeia.edu.sa و يضم قائمة عريضة بأهم البرامج المغلقة والبدائل لها من البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر. كذلك هناك محرك بحث متطور جداً يبحث عن البدائل الحرة لأي برنامج تجاري: http://www.osalt.com أيضاً لدينا بوابة البرمجيات الحرة العامة في البرازيل: www.softwarepublico.gov.br نعود الآن إلى باقتنا لهذا الأسبوع من البرمجيات الحرة / مفتوحة المصدر: SeaMonkey : أحد أبرز مشاريع موزيلا مفتوحة المصدر، وهو عبارة عن حزمة برامج للإنترنت تتكون من متصفح إنترنت مبني على شيفرة موزيلا الشهير الذي يعد من أقوى متصفحات الإنترنت وأكثرها ثباتاً وأمناً، والذي يدعم تعدد النوافذ (ألسنة التبويب) في إطار واحد، كما أنه يتضمن وظيفة إيقاف الإعلانات المنبثقة ، والتحكم بعرض الصور، كما تتكون من برنامج لإدارة البريد الشخصي متعدد الحسابات مضافاً إليه أداة تحكم لمنع الرسائل الدعائية المزعجة المعروفة باسم Spam ، كما يمكن للمستخدم كتابة الرسائل البريدية والمذكرات الشخصية من خلال محرر نصوص متطور ملحق بالمتصفح لإضفاء الجمال على الرسائل المرسلة والمخرجات تحفظ على هيئة صفحات HTML . كذلك برنامج إدارة المجموعات البريدية، وبرنامج المحادثة الجماعية الشهير IRC وسجل عناوين، يخضع البرنامج لبنود رخصة موزيلا العمومية MPL . ويمكن الحصول على نسخة من البرنامج من موقع المشروع على الإنترنت: www.seamonkey-project.org Blender : أعتقد أن الجميع مرت به مشاهد تعتمد على خدع سينمائية، مثل تصوير الديناصورات والكائنات الفضائية وغيرها من المشاهد، كما رأينا الكثير من اللقطات ثلاثية الأبعاد، ولا بد وأننا تساءلنا عن كيفية تصوير وبناء هذه اللقطات، في الحقيقة توجد عدة برامج تستطيع إنتاج مثل هذه الرسوميات، ومن أبرزها برنامجنا هذا الذي يمتاز بإمكانات هائلة جعلته منافساً لأقوى البرامج التجارية، ومن أبرز مزاياه أنه يوفر أدوات احترافية مساعدة سريعة ومنها أدوات النمذجة والتي يمكن من خلالها بناء الشخصيات والسيارات، إضافة إلى خاصية التحريك. البرنامج حر ومفتوح المصدر، ويمكن الحصول على نسخة منه من موقع المشروع على الإنترنت: http://www.blender.org للاستفسار أو التواصل المراسلة على بريد الصفحة : [email protected]