اوقية الذهب ترتفع إلى 4027.88 دولارا    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    قوات الاحتلال تواصل اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    الرياض تعيد اختراع الإدارة المحلية: من البلديات التقليدية إلى المدينة الذكية    تحت رعاية ولي العهد.. تدشين النسخة الافتتاحية من منتدى «TOURISE»    استثمار الإنسان وتنمية قدراته.. سماي: مليون مواطن ممكنون في الذكاء الاصطناعي    «ملتقى 2025» يختتم أعماله في الرياض.. السعودية رائد عالمي في التحول الرقمي    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    هيئة «الشورى» تحيل 16 موضوعاً لجلسات المجلس    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج 2025.. جهود ومبادرات أمنية وإنسانية لخدمة ضيوف الرحمن    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    افتتح نيابة عن خادم الحرمين مؤتمر ومعرض الحج.. نائب أمير مكة: السعودية ماضية في تطوير خدمات ضيوف الرحمن    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    هيبة الصقور    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    العُيون يتصدر دوري أندية الأحساء    الاتفاق بطلاً للمصارعة    في الشباك    غزة بين هدنة هشة وأزمة خانقة.. القيود الإسرائيلية تفاقم المعاناة الإنسانية    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    القبض على مروجين في جازان    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    حرف يدوية    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    82 مدرسة تتميز في جازان    هدنة غزة بوادر انفراج تصطدم بمخاوف انتكاس    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    وزير الحج: موسم الحج الماضي كان الأفضل خلال 50 عاما    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    أكثر من 11 ألف أسرة محتضنة في المملكة    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 2025 في جدة بمشاركة 150 دولة.. مساء اليوم    83 فيلما منتجا بالمملكة والقصيرة تتفوق    اختتام فعاليات ملتقى الترجمة الدولي 2025    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    مسؤولون وأعيان يواسون الدرويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن التواصل العربي
نشر في الرياض يوم 17 - 04 - 2011

أول الفضل في نهضة المنطقة يذهب الى أولئك المفكرين العروبيين الرواد الذين أدركوا أن كبرى الحروب وأهمها في حياة العرب هي تلك الدائرة أو التي ستدور بين دعاة الوحدة في الأمة، ودعاة التجزئة.
وإذا كانت رسالة النبي العربي محمد بن عبدالله قد هدفت، ككل رسالة سماوية الى توحيد العالم تحت رايتها إلا أن نقطة البداية فيها كانت العمل على وحدة الأمة العربية. وهذا ما حملت رايته المسيحية الشرقية دائماً بكل فروعها بدءاً بموارنة لبنان وأقباط مصر. فالوحدة داخل الأقطار والوحدة بين الأقطار كانت شغل هاتين الطائفتين قبل أن يتبناها العديد من مكونات المجتمع العربي.
كثيرون من اللبنانيين مسلمين ومسيحيين درجوا على القول منذ زمن بعيد أن لبنان الدولة والمجتمع بات في حاجة الى عملية إعادة تأسيس تستوجب وصول كفاءات ذات نوعية استثنائية الى مواقع أساسية في بناء الدولة والمجتمع. ولعل ذلك الاعتقاد تجسد في الارتياح الذي قابل به اللبنانيون انتخاب البطريرك بشارة بطرس الراعي على رأس الطائفة المارونية وكأن ذلك جاء منطلقاً لمسلسل من الخطوات النوعية التي من دونها لا يكون هناك مؤشر لوجود صحوة لبنانية بل ودولية على الأخطار المحيطة بهذا الوطن مجتمعاً ودولة إذا هو لم يتدارك الامر ليباشر عملية تجدد بل وانبعاث وتعامل جدي مع مؤسسات وطنية تاريخية كالبطريركية المارونية التي رافقت قيام لبنان وصموده وتطوره على مدى الزمن، فكانت داعمة له في استمرار وجوده وتفاعله مع المنطقة العربية التي هو منها، والتي بها ولها وفي خدمتها تجلت طليعيته.
إنه زمن التواصل في العقول والقلوب، هذا الزمن الذي نعيش فيه او يجب ان نعيشه هو زمن الأنا والأنت وال»هو» أيضاً، وآلية العلاقات بين البشر لا تعمل إلا إذا ترد لها حساب الأنا والأنت وال»هو» تماماً كآلية شنطة السمسونايت: لا تفتح في أي مكان إلا إذا هي كانت قابلة لأن تفتح في كل مكان.
ذلك انه من قديم، من قبل أن تسقط الدولة العثمانية كان بعض البارزين من العرب قد بدأوا يتحدثون عما كان يسمى في زمانه مسألة الاتصال والانفصال. وقد كان لأحد كبار الدولة العثمانية في زمانه اللبناني ابن دير القمر سليمان البستاني فضل السبق الى لفت نظر العالمين العربي والاسلامي إلى أطماع الصهيونية في فلسطين. واليوم إذا كان الباحثون والمثقفون يتحدثون عن عبقرية سليمان البستاني الباحث والأديب ومترجم إلياذة هوميروس الى العربية، فإن المؤرخين للصراع على فلسطين يعتبرونه أبرز وأول من دق ناقوس الخطر في العالمين العربي والاسلامي على ما تضمره الحركة الصهيونية وأنصارها الغربيون لفلسطين العربية. فمن موقعه كعضو في مجلس "المبعوثان العثماني" حذر العرب والمسلمين مما يدبره لهما حلف الصهيونية والاستعمار، وذلك بوضوح وشفافية وسعة أفق لا يجدها الكثيرون اليوم عند عرب هذا الزمن، أو أي نصير لهم في العالم.
لقد كان هناك وقت في التاريخ العربي والاسلامي توجهت فيه الأنظار الى فلسطين على أنها ساحة البراز الأكثر خطورة على العرب والمسلمين وأحرار العالم أياً كانوا وحيثما كانوا. إلا أن هذا لا يبدو الآن كحقيقة حية وفاعلة لا في واقع العرب الحاليين الداخلي، ولا في التعامل العربي مع الخارج الدولي. فليس الحكام والساسة العرب. لا يبدون منتبهين للأخطار الكامنة ضدهم في الكيان الاسرائيلي فقط إلا أنهم لا يشعرون أيضاً بدرجة كافية من الحسد إزاء مواقف بعض كبار المسلمين من أمثال، رجب طيب أردوغان، الذين أخذوا على عاتقهم مواجهة الغرب وتوجيه سهامهم ضده بل فضحه في سياسته الشريرة بنصرة العدوان الصهيوني على العرب وأحرار العالم.
إنه لمن المعيب حقاً أن يكون الحاكمون في تركيا منذ زمن قد جاؤوا الى السلطة وبايعتهم شعوبهم بسبب صدقهم الاسلامي ازاء العدوان الصهيوني على فلسطين، بينما المقياس نفسه غير مطبق الى الدرجة نفسها في موقف الشعوب العربية إزاء سياسات في القضية الفلسطينية.
إن انقلابات في نظم الحكم العربية حصلت باسم فلسطين والقضية الفلسطينية، والكثيرون من الذين حكموا ويحكمون اليوم وصلوا الى الحكم بفضل التشوق الشعبي الى حرارة في المواقف الرسمية ازاء القضية الفلسطينية.
لا أحد يدعو الى مواقف وسياسات عربية عدوانية ازاء هذا أو ذاك من الأنظمة العربية، ولكن لابد من أن يتذكر الحكام هنا وهناك في هذا الوطن العربي أو ذاك أن الموقف من القضية الفلسطينية أو تحديداً من اسرائيل كان ولا يزال معياراً في تصنيف جدية أي حاكم أو طامح الى الحكم في أي بلد عربي.
هل أصبح الحاكم العربي مطمئناً بلا حدود إلى أنه يستطيع أن يفعل ما يشاء وكيفما يشاء وأينما يشاء وفي أي مكان أو متى يشاء ولا خوف ولا خائف ولا مخيف؟
لا أحد يترحم على جدلية الخائف والمخيف في هذا البلد العربي أو ذاك أو في معظم البلدان، كما كان الأمر في وقت من الأوقات. ولكن لا أحد أيضاً يدعو الى إحياء زمن تلك الأغنية المكتسحة للآذان والقلوب في زمانها والقائلة: "كونوا كما شئتم فأنا ذلك الخل".
إنه زمن التواصل في العقول والقلوب، هذا الزمن الذي نعيش فيه او يجب ان نعيشه هو زمن الأنا والأنت وال"هو" أيضاً، وآلية العلاقات بين البشر لا تعمل إلا إذا ترد لها حساب الأنا والأنت وال"هو" تماماً كآلية شنطة السمسونايت: لا تفتح في أي مكان إلا إذا هي كانت قابلة لأن تفتح في كل مكان.
فبخلاف الشائع ليس الزمن زمن الفردية بالمعنى الضيق والمتعسف للكلمة، بل هو زمن للفردية بالمعنى الراقي والعصري الذي اتخذ به كأساس بل وكهدف للديمقراطية التي لا تكون جيدة بل لا تقوم أصلاً إلا باحترام الحرية الفردية، كما ان الحرية بالمقابل لا تتأمن إلا في اطار الديمقراطية التي لا تكون بدورها قد قامت إلا اذا شكّلت نطاق ضمان وتفعيل للحريات.
لا ديمقراطية من دون حريات، ولا حريات من دون ديمقراطية.
قد يكون اليونانيون القدماء هم بين الأمم الأقدم والأبرز في الدعوة الى الديمقراطية ولكن الأديان السماوية وخاتمها الاسلام كانت تقدم نفسها باستمرار على أنها ضامنة للديمقراطية والحريات معاً.
وفي آخر الحروب العالمية قدم الحلفاء أنفسهم على أنهم حماة الديمقراطية والحريات وتكلموا كثيراً عن أنفسهم كمرادف للاثنتين. ولكن دعمهم لاسرائيل عرّاهم في عيون شعوب العالم الثالث.
فكيف يمكن الجمع بين مساندة الصهيونية في فلسطين في وجه أهلها العرب من مسلمين ومسيحيي،ن واستمرار الادعاء بالصدق الاميركي والاوروبي في مساندة الديمقراطية وإرادات الشعوب؟!
إن شرفاء العالم من شتى الأديان لم يصدقوا الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بادعائهم الحرص على الديمقراطية في وجه النازي وهم يشاهدونهم خلال الحرب يسلمون فلسطين وطن السيد المسيح لأعدائه الصهاينة. ولعل أبشع مثل أعطاه الحلفاء الغربيون عن أنفسهم بعد الحرب هو إهداؤهم فلسطين العربية المسلمة - المسيحية للصهيونية، وكأن ذلك جاء تكذيباً لصدقهم في ما كانوا يدعون من أنهم خاضوا الحرب في سبيل غلبة الحق ونصرة الشعوب المظلومة.
كان العالم الثالث على استعداد لتصديقهم في ما ادعوه في حربهم ضد النازي والفاشيست الطليان لو أن فلسطين لم تسلّم الى الصهاينة بعيد الحرب العالمية الثانية مباشرة. إذ ماذا كان يمكن أن يفعل النازي أبشع مما فعله "الديمقراطيون" في أعقاب الحرب العالمية بتسليمهم فلسطين للصهيونية، عدوة الاسلام والمسيحية؟! وماذا كان يستطيع هتلر أن يفعل لو انتصر أبشع مما فعله الحلفاء بإهدائهم فلسطين لإسرائيل، متخذين من التوراة من دون الانجيل مقياس الحق والباطل وكأن المسيحية ليست بالتعريف هي ثورة على اليهودية في نشأتها ومضمونها وقيمها؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.