انطلاق فعاليات تمرين «إيفيس» في جمهورية تركيا    المملكة ترحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدعم طلب عضوية دولة فلسطين    "ديربي عسير" ينتهي بالتعادل السلبي    «كنوز السعودية» بوزارة الإعلام تفوز بجائزتي النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية    وزير الشؤون الإسلامية يفتتح إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة فيفا    مقتل 61 شخصا بسبب موجة حر قياسية في تايلاند    رئيس جمهورية المالديف يصل إلى المدينة المنورة    النفط يرتفع والذهب يزداد بريقاً    نُزل الباحة التراثية.. عبق الماضي وبهجة الحاضر    "العقار": 19 ألف عملية رقابة إلكترونية ب4 أشهُر    رئيس هيئة الأركان العامة يستقبل قائد القيادة المركزية الأميركية    إتاحة باب الانتساب لنزلاء السجون الراغبين في إكمال دراستهم بالشرقية    جامعة الملك سعود توعي باضطرابات التخاطب والبلع    أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات في الطريق إلى إسرائيل    تطويق جنوب غزة.. انتشار عسكري إسرائيلي شرق وغرب معبر رفح    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خيرية آل عبدان في ذمة الله    ستانيشيتش: بلوغ نهائي الدوري الأوروبي أهم لليفركوزن    استمرار هطول أمطار رعدية متوسطة على معظم مناطق المملكة    مدرب الأخدود: كنا نستحق الفوز على النصر    تيك توك تضع علامة على محتويات الذكاء الاصطناعي    رسالة رونالدو بعد فوز النصر على الأخدود    الشاعرة الكواري: الذات الأنثوية المتمردة تحتاج إلى دعم وأنا وريثة الصحراء    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    629 موقعاً مزيفاً تستهدف جيوب السعوديين ب«الاحتيال»    حين يتحوّل الدواء إلى داء !    أدوية التنحيف أشد خطراً.. وقد تقود للانتحار !    مصير مجهول للمرحلة التالية من حرب روسيا وأوكرانيا    ب 10 طعنات.. مصري ينهي حياة خطيبته ويحاول الانتحار    القنصل الفرنسي: إتاحة 550 موعداً يومياً لاستقبال طلبات السعوديين لتأشيرة «شنغن» في جدة    لاعبو الأندية الإيطالية خارج القائمة.. ولاعبو «البريمير ليغ» الأكثر حضوراً    الاتفاق والنصر إلى المباراة النهائية لممتاز قدم الصالات    جمال الورد    رَحِيلُ البَدْرِ    انكسار الهوية في شعر المُهاجرين    99 % انتشار الإنترنت في المملكة    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    مفوض الإفتاء في جازان يشيد بجهود جمعية غيث الصحية    ذكاء التوقيت والضمير العاطل    المركز الوطني للمناهج    «البعوض» الفتاك    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    تعزيز الاستدامة وتحولات الطاقة في المملكة    أولمبياكوس يهزم أستون فيلا ويبلغ نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    كيف نتصرف بإيجابية وقت الأزمة؟    دلعيه عشان يدلعك !    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    تجنب قضايا المقاولات    للرأي مكانة    شركة ملاهي توقّع اتفاقية تعاون مع روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة مرات بين نظرة أهلها شعراً ونظرة الرحالة الياباني إيجيرو ناكانو
نشر في الرياض يوم 17 - 02 - 2011

مرات مدينة معروفة، وهي محافظة لها أهميتها في إقليم الوشم، الذي يقع شمال غرب الرياض بحوالي 200 كيلومتر وهي حد الإقليم الجنوبي.
هذه المدينة لها شهرتها ومكانتها التاريخية اجتماعيا واقتصاديا بالدرجة الأولى وهي محطة مهمة تقع على طريق الرياض الحجاز وفيها قصر للملك عبدالعزيز، كانت ولا تزال محطة نزول لحل ثم ترحال مستمر، وقد نزلها القائد خالد بن الوليد، وفيها حفر بئره المشهورة المسماة اليوم ب (الوليدي) التي لا تزال باقية حتى الآن مسورة غرب الجامع القديم جنوب جبل كميت.
قال عنها أهلها شعراً ونثرا، فقد ذكرها الشعراء من أهلها حيث يقول الشاعر ضويحي بن حمود الضويحي:
ديرة بن القيس والبير بير الوليد
من جنوب (كميت) تبرا لها شعبانها
وقال عنها ابنها البار، الشاعر حمد الدعيج (نديم كميت)
تذكرت الليالي الماضية في ديرتي و(كميت)
وعصرت القلب وابكيته وناح القلب وابكاني
ولا باقي من الذكرى سوى سوق الغضي والبيت
الى مريت مع سوقه يجض القلب حزناني
ويقول عنها الشاعر عبدالله الزيد:
(ياكميت) ياليتني براسك تعليت
أشرف على الديره وأطالع بناها
ديره (مرات) اللي بحبه تربيت
ياطيب منزلها ويا حلو ماها
وكلنا اليوم ننظر إلى هذه المدينة نظرة الواقع الذي نعاصره اليوم في شوق لها ومحبة بلا شك، فهي بلادنا.
ولكن لا ننس رؤية الأمس من قلم مر بها صاحبه، وهو ياباني لم يكتب عنها لأنها جزء من ذكرياته كما نحن ولم يعشقها لأنها أرضه وفيها مولده أو موطنه، ولكن لأنه حب من أول نظرة وشوق من أول لقاء.
كتب عنها مؤلف ياباني مذكراته ضمن رحلة مر بها، منذ ما يزيد على سبعين سنة، وهي بين رؤيتينا تتكامل بلا شك لتعطي صورة عن هذه المدينة.
لعلي هنا أقتطع جزءاً مما تضمنته الرحلة اليابانية إلى الجزيرة العربية، التي تمت في عام 1358ه 1939م.
تلك الرحلة التي قام بها وكتبها: إيجيرو ناكانو، أحد أعضاء البعثة اليابانية الرسمية التي زارت الرياض.
وقد قامت دارة الملك عبدالعزيز مشكورة بطباعة الترجمة العربية للرحلة في كتاب، وقد ترجمته إلى العربية : سارة تاكاهاشي.
وموضوع الرحلة يطول ولكنني هنا أقتطع من سير الرحلة بعض مسافتها وبضعا من كيلومتراتها لأقف عند هذه المدينة لأكمل مع الكاتب في محطة أخرى بإذن الله.
سأقفز بالقارئ مسافة 800 كيلومتر تقريباً من هذه الرحلة التي بدأت من جدة باتجاه الشرق ناحية الرياض، لأتوقف عند مدينة مرات وهي اليوم محافظة من محافظات إقليم الوشم حيث يقول عنها المؤلف إيجيرو ناكانو:
في الساعة الرابعة حين بردت السيارة بدأنا التحرك تجاه واحدة (مرات) كانت السيارة تنطلق على طريق تحف به أشجار التين القصيرة أقول لا أشك في أنه يعرف تماما أشجار التين، لكنه لم يذكر أنه توقف عندها ليرى هل هي فعلا أشجار تين بري بهذه كثرة التي يصفها كان عدد هذه الأشجار كبيرا جداً، وشاهدنا قطيعا من البقر يتكون من حوالي عشرين بقرة، وكان القطيع يمشي في الاتجاه نفسه الذي نمضي فيه.
وهذا يعني أننا كنا قريبين من الواحدة، ومن مسافة بعيدة شاهدنا قرية (مرات) تحيط بها أشجار النخيل، حتى الآن لا أزال أتذكر ذلك المنظر الرائع، منظر الواحة، رمال صفراء وشمس تسطع أشعتها بقوة، وأشجار التين القصيرة ثم الآلاف من أشجار النخيل، يا له من منظر ويا لها من روعة!!
شعرت كأنني وحدي وسط هذه الصحراء، وأن هذا المنظر الرائع كان يستقبلني، يرحب بي يمد إلي ذراعيه، يحتضنني أنا القادم من أقصى الشرق، وبالنسبة إلي كانت أشجار النخيل هذه مثل قطرة العين التي تبعث إلى النفس الراحة والهدوء، لم أر مثل هذه الخضرة منذ غادرت جدة، ومنذ أن دخلت منطقة نجد.
كتبت مذكراتي وأرتبها الآن، وأعيد ترتيب عباراتي، ووجدتني كنت قد كتبت:
«منذ غادرت الحجاز أرى واحة أول مرة.. ليس عندي كلمات تصلح لوصف هذا المشهد».
ووضعت خطا تحت هذه العبارة، في الحقيقة كان أعظم شعور بالسعادة قد غمرني وأنا أطالع هذه الطبيعة من أمامي، تلك التي زخرفتها ونقشتها أشجار النخيل، خضرة غمرت ناظري وملأت عيني، وكان المهندس ميستوتشي يشعر بما أشعر به أيضا.
توقفنا على بعد 400 متر من سور القرية، كان هناك كثير من العرب الذين يزودون عرباتهم بالوقود، ويحملون ما يحتاجون إليه من ماء، وشاهدنا ثلاث نساء بدويات وقد ارتدين ملابس تغطيهن من قمة رؤوسهن إلى أخمص أقدامهن، كن يحملن في أيديهن آنية من نحاس بارتفاع 30 سنتيمترا، ويصل قطرها حوالي 30 سنتيمترا أيضا.... وهناك وجدت هضبة عالية (أقول هو جبل كميت) ربما كان ارتفاعها 60 متراً، ومن فوقها يمكن مشاهدة القرية كاملة، ورأينا مجموعات من قطعان البقر يرافقها أطفال من البدو، (أقول أيضا ليسو بدوا فالبدو هنا لا يربون البقر مطلقاً لكنهم حضر من أهل المكان بلا شك) وبينما كان الوقت يقترب من الغروب، كنا على ارتفاع 660 مترا من سطح البحر، وطبقا لما ذكره عبدالسلام: (أقول عبدالسلام هو الذي يقوم بالترجمة) فإن عدد سكان القرية أربعة آلاف نسمة، وفي هذا المكان ولد امرؤ القيس شاعر الجاهلية في عصر ما قبل الإسلام، لم أكن أعرف هذه الحقيقة، ولد سنة 130 قبل الإسلام ومات سنة 80 قبل الإسلام، هكذا كتب المؤرخون العرب، وقد جذبتني أيضا طريقة حياة نبلاء العرب وشيوخ القبائل.
الرابعة وعشر دقائق.
تحركنا جهة الشرق، وبدا كأننا نرى القرية التي بنيت من الطين، وتحول سطح الجبل إلى نوع آخر من الصخور، تختلف عن الصخور التي شاهدناها من قبل، ورحنا نتجه شرقاً فشرقاً، وفوق قمة الجبل كان لون الصخور أبيض كما لو كانت الثلوج تغطيه، لكنها الصخور البيضاء، كانت الشمس تميل على الغروب، وشاهدنا كتل الصخور التي غسلتها المياه، كما شاهدنا أيضا أشجار الطلح والسلم، وبينما كنا ننحدر إلى اسفل الجبل، طلب منا الوزير الياباني أن نرى المنظر الخلفي من زجاج السيارة، كانت الشمس تغرب وتختفي في حضن الجبال، وتحول الأفق بأكمله إلى حمرة قانية، قانية جدا كدم غزال أصيل - (أقول لعله يربط الأصالة في الغزال بالدم من باب التعبير عن شعوره بالمنظر الذي أعجبه لا أكثر) - لم يحدث أن رأينا مثل هذا المنظر من قبل، شعرنا بجمال الشمس والاحترام الشديد لهذه الطبيعة، ثم اختفت الشمس تماماً وحل الظلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.