في عصر الانفتاح الذي نعيشه وتناثر المعرفة بكل اشكالها في كل مكان، وسهولة الحصول على أي معلومة ، هل يمكن التسامح مع القصور المعرفي لدى المرأة في المجتمع العربي والمجتمع الخليجي بشكل خاص؟ الحقيقة ان السؤال الذي جاء بإيحاء وضع محدودية المعرفة العلمية لدى نسبة كبيرة من النساء في مجتمعنا (ولا نقصد ذوي المؤهلات العلمية المتخصصة بالطبع) هو الذي يغمرنا بالدهشة ، ولا ندري إن كانت الظاهرة تتعلق بقصور في رسائل وسائل الاعلام الموجهة للمرأة ، وعدم اتقان اللغة الانجليزية وهي مفتاح وسائل الاطلاع بالعالم، ام ان اكثرية النساء لا تتمكن من المتابعة او لا تهوى الاطلاع المعرفي بحد ذاته؟! من بدأ هذه المكاشفة ؟ تعليقات نساء عديدة على مقال طبي تناول ظاهرة نسائية صحية معروفة وعلاجها الطبيعي المتداول منذ زمن . وقالت اكثرهن انهن لم يسمعن به في حياتهن من قبل ! علما بأنهن متزوجات – اي لسن في طور مرحلة عمرية غير ناضجة – فكيف يمكن تبرير غياب هذه المعرفة والعالم يضج بمعرفته المتنوعة يومياً ؟ علما بأن هذه الصورة تتكرر يوميا . في زمن مضى كان يُعتمد على البرامج المرئية والاذاعية في التنوير الثقافي والصحي واحيانا المنجزات العلمية كي تصل لأكبر شريحة من المتابعات . الآن لم يعد الاعتماد على تلك البرامج منفردا بعد ان زادت مساحات المعرفة وتخصص المواقع العلمية الالكترونية وكي يحصل اي انسان على ما يشاء من اجوبة او معلومات فيكفي أن ينقر على مسمى ما ويبحث فيجد اكثر مما يتوقع. ثم زادت مساحات التفاعل الاجتماعي سواء عن الطريق المباشر وهو الغالب الآن .. غرف انتظار المريضات في العيادات مثل جيد حيث تكثر الوصايا وتبادل الخبرات ، او عن طريق المواقع الالكترونية ، وعندما يأخذنا التفكير في الظاهرة نجد اننا نقلق فماذا عن رعاية الطفولة والوعي بتحديات مرحلتها إن كانت الأم لا تملك المعرفة فكيف نتوقع تنامي وعيها ومن ثم تعاملها مع متطلبات المراحل؟ مثال : كم من طفل شوهد وهو يعنَّف او يضرب من قبل احد والديه في اماكن عامة دون تفكير في العواقب النفسية لذلك التصرف ؟ أحيانا اشعر ان الوضع يشبه قيادة شيء ونحن مغمضو العينين نخاف قليلا ولكننا ندعو بأمل...ربما لن نصطدم بشيء ..دعونا نجرب. فهل يمكن التخطيط لزيادة مساحة الوعي والثقافة لنصف المجتمع ، وهل للجمعيات النسائية مساهمة تنويرية تكفي لتحفيز المعرفة كهدف جميل مثل المسابقات العلمية والثقافية؟! نعرف ان الامية الانسانية لا تنتمي لجهل القراءة والكتابة فقط وإنما المعرفة المتنوعة والثقافة العامة وتلك الخاصة بالمرأة والطفولة تحديدا فمن الذي استولى على أهميتها ؟ يجب ان نقر بالطبع بأن هناك مساحة اهتمام شاسعة اخذها الترفيه من موقع الثقافة فالترفيه يغمر الناس دون حدود، ثم الاخبار وطبيعة الحياة ومتطلباتها الاجتماعية . لماذا ليس هناك وقت كاف لكل المهمات والمسؤوليات ... أين ذهبت قائمة الاولويات ؟ لست وحدي في طرح تلك الاسئلة لاشك ولكن المثل المذكور عن عدم معرفة النساء بحالة صحية شائعة يثير الأسى وربما كان هناك الكثير مما يقع في خانة المجهول من المعرفة في حياتهن.