حجم محفظة "كفالة" 24 مليار ريال واجمالي التمويل 279 مليار ريال    موعد مباراة الهلال والطائي..والقنوات الناقلة    عرض سعودي يقرب ماكسيمان من الرحيل عن الأهلي    الشباب يتوصل لاتفاق مع لاعب بنفيكا رافا سيلفا    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    القضاء على الفقر وليس القضاء على الفقراء    الولايات المتحدة الامريكية تقدم التعازي في وفاة الرئيس الإيراني    مصر.. القبض على فنان شهير بتهمة دهس امرأتين    مركز التطوع بوزارة الصحة يكرّم صحة عسير ممثلةً في إدارة التطوع الصحي    الأمير خالد بن سطام مساء اليوم يفتتح معرض صنع في عسير    مطار الرياض يفوز بجائزة أفضل مطار بالمملكة    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    أجهزة كمبيوتر من "مايكروسوفت" مزودة بالذكاء    6.7 مليار دولار مساعدات سعودية ل 99 دولة    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    عودة الصور المحذوفة تصدم مستخدمي «آيفون» !    6.41 مليون برميل صادرات السعودية من النفط    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان النبهاني في وفاة والدته    «الموارد»: دعم أكثر من 12 ألف مواطن ومواطنة بالشرقية    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    استقبال حافل ل «علماء المستقبل».. أبطال «ISEF»    5 فوائد للمشي اليومي    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تحصل على اعتماد برنامج زمالة جراحات السمنة    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    أسرة بن مخاشن تستقبل المواسين في مريم    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان يكرم البواني لرعايتها منتدى المشاريع المستقبلية    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    واتساب يختبر ميزة تلوين فقاعات الدردشة    طموحنا عنان السماء    فراق زارعة الفرح    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    لجين تتألق شعراً    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    نائب أمير جازان يكرم متفوقي التعليم    ما الذي علينا فعله تجاه أنفسنا ؟!    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات لا تثبت علماً ولا تنفي جهلاً
نشر في الرياض يوم 19 - 05 - 2010

تذكّرت مقولة أستاذنا الدكتور علي أبو المكارم أن شهادة الدكتوراه «لا تثبت علماً ولا تنفي جهلاً» وأنا أرى هذه الهجمة الكبيرة على هذه الألقاب لدينا أكثر من أي جهة أخرى حتى أصبح هناك العديد من مزودي هذه الخدمة الذين يفوقون شركات الاتصالات وبفواتير تقل كثيراً عن فواتيرهم ما بين وسطاء ومكاتب وممثلين ثم تطورت إلى الخدمات الإلكترونية بحيث أصبحت لا تكلف أكثر من اتصال هاتفي ورسائل إلكترونية وتحويل بنكي ثم اختر ما شئت من الشهادات، وعبارة الدكتور أبو المكارم هي نفسها التي ردّدتها عندما عرض أحدهم على زميلنا أبي عبدالله أن يقوم بتدبير شهادة دكتوراه له وهو على مكتبه مقابل مبلغ مالي وتبرع شخص آخر في موقف منفصل بأن يرتب له تسجيل الدكتوراه في جامعة عربية ويقوم بكتابة رسالة الدكتوراه له، وكان رأي الزميل هو نفسه رأي الدكتور أبو المكارم.
الخطورة تكمن في الفئة الثالثة التي حصلت على دكتوراه افتراضية وهي في مواقع قيادية تربوية لأنها قامت بتزييفٍ للحقيقة والحصول على الشهادة بأيسر الطرق وهي في الوقت نفسه تشرف على مؤسسات تربوية تضبط التعليم
مشكلات شهادة الدكتوراه لم تكن تخرج في السابق في معظمها عن أمرين : أحدهما السرقات العلمية وذلك بأن يسطو أحد الباحثين في أطروحته على نصوص للآخرين تكون في أقلها فقرات من كتب أو رسائل جامعية وتمتد إلى فصول كاملة منها، وهذه مسألة يمكن ضبطها إما عن طريق لجان المناقشة أو تكتشف فيما بعد عن طريق أحد الباحثين وعلاج أمرها سهل ميسور سواء عن طريق المجالس العلمية في الجامعات أو التقاضي عبر القنوات القضائية، والأمر الآخر الحصول على شهادات من جامعات سيئة السمعة في العالم العربي أو الغربي وهي الشهادات التي سميت وقتها بدكتوراه البترو دولار حيث كانت هناك جامعات تقدم ما يشبه التسهيلات للطلاب عن طريق برامج خاصة لهؤلاء الطلاب خارج مواصفات البرامج المقدمة لطلابها الوطنيين، ولكن هذه الحالة كانت قليلة ومعروفة ويتداولها الخريجون همساً أو في مجالسهم ويتوافر فيها الحد الأدنى وهو حضور الطلاب محاضراتهم في تلك الجامعات وقضاؤهم الوقت المطلوب في الدراسة وإنهاؤهم المتطلبات الجامعية .
أدركت وزارة التعليم العالي خطورة هذه المشكلة لسببين أولهما سبب معرفي يتعلق بمصداقية الشهادات العلمية، والأمر الآخر أن من يحمل مثل هذه الشهادات المضروبة قد يتسنم مواقع قيادية وعندها فإن ضرره لا يقتصر عليه فقامت بوضع قوائم للجامعات المعتمدة والمعترف بها بناء على خبرات كثير من المبتعثين والخريجين إلى مختلف الدول وتقارير الملحقيات الثقافية التابعة لها، ثم ذهبت إلى خطوة أبعد وهي اشتراط أن يثبت من حصل على الدكتوراه من بلد معين قضاءه مدة فيها تمثل الحد الأدنى من الحضور اللازم لحصوله على الشهادة، لكن تلك الجامعات الباحثة عن البترو دولار تغلبت على ذلك بمرونة قضاء المدة فأصبح طالبها يذهب في الإجازات والعطلات حيث لا دراسة في تلك الجامعات أصلاً ولكنها تثبت على الأقل في جواز السفر أن الطالب قضى المدة في تلك البلاد، وبعد أن اتسع الأمر اشترطت الوزارة موافقتها المسبقة على الدراسة ولكن طلاب الألقاب يعودون بالشهادة دون الرجوع إليها، واتخذت الوزارة نتيجة لذلك قراراً بأن مثل هذا النوع من الشهادات له قيمة علمية، ولكن لا قيمة وظيفية له ومن ثم لا يترتب على هذه الشهادات أي التزامات أو تعيينات إدارية أو مالية .
الغاية من الحصول على شهادة الدكتوراه هي في الأصل معرفية بنيل درجة علمية تثبت أن حاملها متخصص وباحث في الفرع الذي تخصص فيه ويترتب عليها نتيجة هي بمنزلة الفرع من الأصل، وهي حصوله على وظيفة أهلته لها شهادته العلمية، وعندما اختل بعض الشروط انفكت العلاقة بين الشهادة والوظيفة وظهرت المقولة الإدارية في أن الشهادة لها قيمة علمية ولكن ليست لها قيمة وظيفية وبعد ذلك انفكت العلاقة المعرفية والوظيفية عنها لدى بعض القادرين على الدفع وغير المحتاجين إلى القيمة المعرفية أو الوظيفية وإنما كانت الغاية من ذلك الوجاهة العلمية بعد أن أصبحت الوجاهة الاجتماعية كلأً مستباحاً وأمراً مشاعاً عقب طفرتين مرت بهما البلاد وأصبحت الوجاهة الدينية محصورة بعد وضع المحاذير على استخدام لقب الشيخ، فصار لقب الدكتور تطوراً أكثر وجاهة للمسبحة الكهرمان والولاعة الذهبية .
من السرقات العلمية في الرسائل الجامعية إلى الدراسة الفعلية في جامعات متساهلة وغير معترف بها إلى دراسة صورية وحضور فعلي في جامعات تجارية موجودة، تطور الأمر إلى جامعات قائمة فعليا لكنها لا تتطلب دراسة أو حضوراً فعلياً والمتطلبات الأكاديمية المطلوبة فواتير مالية مكتملة السداد، وامتد الأمر بعد ذلك إلى جامعات افتراضية على الإنترنت ليست لها مواقع فعلية على أرض الواقع سوى مكتب إداري أو غرفة في فندق للمندوب وموقع إلكتروني وحسابات بنكية حقيقية .
جهود وزارة التعليم العالي رافقتها جهود من وزارة التربية والتعليم التي استخدمت المبدأ الإداري نفسه وهو الفصل بين القيمة العلمية والقيمة الوظيفية منذ أن بدأت هذه المسألة في الظهور لكنها بعد أن استشرت بدرجة كبيرة في مؤسساتنا التعليمية أصدر الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم تعميماً يؤكد فيه على الإجراء المتخذ وهو عدم اعتماد الشهادات العلمية دون ابتعاث أو الاستفادة من الألقاب الأكاديمية ما لم تكن الجامعة معترفاً بها من وزارتيْ التعليم العالي والخدمة المدنية كما أطلق عبارة شديدة اللهجة عندما ذكر أن عدم الالتزام سيكون سببا للنظر في موقع المسؤول عن تلك الجهة.
غير أن الأمر يحتاج إلى تفصيل، فهناك فرق بين من حصل على درجة علمية من جامعة معترف بها نتيجة لطموحه وحرصه ورغبته المعرفية ولكنه لم يتمكن من الحصول على الموافقة في ظل بيروقراطية إدارية تعيق طموحه فهو لم يستوف الشرط الإداري ولكنه استوفى الشرط الأكاديمي، وبين آخر حصل على الشهادة بعد أن درس في جامعة غير معترف بها ولكنها قائمة، وثالث حصل على شهادته من جامعة افتراضية ليست موجودة على أرض الواقع أو موجودة ولكنه لم يستوف الشرط الأكاديمي فيها .
قد لا تملك الوزارات محاسبة من هم في القطاع الخاص لكن الخطورة تكمن في الفئة الثالثة التي حصلت على دكتوراه افتراضية وهي في مواقع قيادية تربوية لأنها قامت بتزييفٍ للحقيقة والحصول على الشهادة بأيسر الطرق وهي في الوقت نفسه تشرف على مؤسسات تربوية تضبط التعليم وتحرص على أن ينال الطلاب والطالبات شهاداتهم بشكل دقيق ومنضبط وتكافح الغش ومع ذلك تجاهر بوضع حرف الدال المضروب أمام اسمها فالقضية ليست «النظر في موقع المسؤول عن الجهة» وإنما في المبدأ الأخلاقي الذي يجعل حامل الشهادة المزيفة مشرفاً على تعليم الطلاب مبادئ التعليم وأخلاقيات التربية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.