القادسية يفوز على الوحدة بثلاثية في الجولة ال32 من دوري المحترفين السعودي    السعادة تنطلق من السعودية إلى سوريا    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    NHC توقّع مذكرة تفاهم مع شركة كي هوفينيان الأمريكية لتطوير مشاريع سكنية وتجارية في وجهاتها العمرانية    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة التراث بالمحافظة    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    وزير الرياضة يعتمد تشكيل مجلس إدارة الإتحاد السعودي للملاكمة    بترومين راعٍ رئيسي لفريق نيسان فورمولا إي في سباق طوكيو إي - بري    موقف الفتح من ضم مدافع منتخب مصر    باخشوين ل"الرياض": 1200 خدمة رقمية تقدمها الوزارة عبر منصات متطورة    إطلاق النسخة الثالثة من معرض "إينا 3" للقطاع غير الربحي في الرياض بمشاركة خليجية ودولية واسعة    تجمع جازان الصحي يدشن عيادة البصريات في مراكز الرعاية الأولية    لاعب الاتفاق يجري عملية جراحية في الدوحة    "الداخلية": تأشيرات الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج    التحالف الإسلامي يختتم برنامجا تدريبيا في مجال محاربة تمويل الإرهاب    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت 15 ساعة ونصفًا    رابطة العالم الإسلامي تُثمِّن إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رفعَ العقوبات عن سوريا    الجامعة العربية تدين رفض الاحتلال الإسرائيلي الانصياع لقرارات مجلس الأمن    أسبوع الرياض للصناعة 2025 يؤكد الحراك السعودي لتشكيل مستقبل القطاع    الماجستير لعبير أبو ربعية    العمري ل"الرياض" : زلزال 14 مايو ناتج عن انزلاق صفيحة أفريقيا تحت بحر إيجة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "تجهيز العروس الجيزانية"    الجمعية العمومية لجمعية الإعاقة السمعية بمنطقة جازان تعقد اجتماعها العادي الأول    ميناء جدة الإسلامي يستقبل أُولَى طلائع حجاج 1446ه    2400 مشروع لتطوير 9200 غرفة فندقية في مختلف المناطق    انطلاق "هاكاثون الابتكار الصحي الرقمي الأول"    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    كفيف.. فني تصليح أجهزة كهربائية    تأمين ضد سرقة الشطائر في اسكتلندا    أسرار رونالدو!!    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في "رواية وفيلم"    برشلونة في مهمة حسم اللقب أمام الجار    وكالة الفضاء السعودية تستعد لإطلاق أول قمر صناعي    الأغذية المعالجة بوابة للإصابة بالشلل الرعاش    «الغذاء والدواء»: ضبط 1621 منشأة مخالفة خلال شهر    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج    10 مسارات إثرائية دعوية في المسجد النبوي    عظيم الشرق الذي لا ينام    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    ماركا: لابورت يعود للدوري الإنجليزي    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    لا حج إلا بتصريح    فعالية «تراثنا» تبرز الهوية الثقافية للمدينة المنورة    «هيئة الأدب» تختم مشاركتها في بوينس آيرس    «الرئاسي الليبي» يدعو للتحلي بالوعي والصبر    «فهارس المخطوطات الأصلية في مدينة حائل»    تعليق الحياة ليوم واحد    77% نموا بمطالبات التأمين    عماد التقدم    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية إنشاء المجلس الأعلى للعلوم والتقنية (2)

أنا أعيد اليوم طرح اقتراح انشاء مجلس أعلى للعلوم والتقنية على أعلى المستويات تكون له مهام تشريعية ورقابية وتنفيذية من أجل التنسيق بين جميع القطاعات المهتمة بالعلوم والتقنية والعمل على تكاملها وتحفيزها على توطين كل فعالياتها
من المعروف أن لكل دولة سياساتها وتوجهاتها الخاصة التي تخدم مصالحها ومصالح شعبها في جميع الأمور السياسية والاقتصادية والعلمية والأمنية والعسكرية ولذلك تخصص جهازا لكل فرع من تلك الفروع يدير توجهات الدولة في هذا الفرع أو ذاك. وإذا تعددت الجهات المسؤولة عن القيام بأحد تلك الأنشطة فإنه يلزم ايجاد جهاز تنسيق بين الجهات المعنية وذلك لتوحيد التوجه ورسم السياسات بالاضافة إلى المتابعة وتحقيق التكامل وضمان عدم التكرار والهدر غير المبرر ، ناهيك عن التحفيز وخلق المنافسة وسن الجوائز واقتراح الخطط على المستوى الوطني.
ولعل هذا الأمر يصبح أوضح ما يمكن في مجال العلوم والتقنية ؛ حيث إن هذين الموضوعين تتعدد الجهات المسؤولة عنهما فوزارة التعليم العالي تشرف على أكثر من أربع وعشرين جامعة على امتداد الوطن بالاضافة إلى فروع تلك الجامعات وكذلك الكليات المساندة ، والجامعات بدورها تحتضن كثيرا من التخصصات العلمية والتقنية وتحتضن البحث العلمي بشقيه الأساسي والتطبيقي ويدخل في ذلك العلوم الأساسية والهندسية والطبية والزراعية ويساندها في ذلك مراكز ومعاهد متخصصة في أبحاث البترول والنانو وعلم المواد والتقنية الحيوية ودراسات التصحر وأبحاث المياه ومصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الذرية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والأرضية بالاضافة إلى الأبحاث الإنسانية كأبحاث الإعاقة والتوحد وصعوبات التعلم والمتغيرات الاجتماعية ناهيك عن وجود كراسي متخصصة في مجال الأمن الفكري والحسبة ومكافحة المخدرات وغيرها من المجالات التي لا يمكن حصرها في عجالة أو مقال.
وإلى جانب الجامعات تولد هذه الأيام مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وهذه سوف تكون رأس حربة علمية تنموية ندخل من خلالها ونستعد للمستقبل بخطى واثقة آخذين بعين الاعتبار أن ما نملكه اليوم من قدرات مالية يمكننا زراعته في مؤسسات علمية وتقنية ذات مردود مثمر ولها بعد أمني مهم في المجال الاقتصادي والتنموي والصناعي والاجتماعي وغيرها من الفعاليات المهمة التي تعتمد جميعها وتحتاج إلى كل من الطاقة الكهربائية والامدادات المائية بصورة متزايدة تعكسهما الزيادة المطردة في عدد السكان ويفرضهما احتدام الصراع على مصادر الطاقة ومراكز الوفرة المائية.
كما أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لها اهتمامات علمية وتطبيقية عديدة وهي تدعم البحث العلمي على مستوى المملكة.
أما المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني فهي مسؤولة عن تخريج كوادر وطنية مؤهلة ومدربة في مجالات التشغيل والصيانة والمفترض قبل ذلك وبعده في مجال التقنية المتقدمة خصوصاً أن أكثر من (80٪) من حاجة السوق السعودي من العمالة الماهرة يشغلها متعاقدون تشكَّل بسبب وجودهم ما نعاني منه من بطالة ، على أن المؤسسة تبذل جهوداً جيدة من خلال عقد شراكات مع عدد من الدول وذلك لتسهيل عملية انسياب التجربة والخبرة والاستفادة منها.
وبالطبع الأمر لا يقتصر على ما ذكر فوزارة التجارة والصناعة والغرف التجارية والصناعية لها اهتماماتها في المجالات التجارية والصناعية وما يخدمهما من علوم وتقنيات.
وإذا توجهنا إلى الصناعة نجد أن هناك مدينتين صناعيتين هما الجبيل وينبع تعتبران قلعتيْ الصناعة الوطنية بالاضافة إلى المدن الصناعية في أغلب مدن المملكة وهذه القلاع تضم آلاف المصانع التي تتراوح ما بين الصغيرة والكبيرة والتي تديرها شركات صناعية ضخمة مثل شركة سابك وغيرها من الشركات البتروكيماوية ، ناهيك عن مصانع الأدوية والأسمنت والحديد والجبس والزجاج وصناعة استخراج وتكرير البترول التي تهيمن عليها شركة أرامكو العملاقة وغيرها من الصناعات الخفيفة والثقيلة والتقنية المتقدمة. ومن يمعن النظر يجد أن بعضاً من تلك الصناعات تستورد كل أو بعض المواد المستخدمة في الصناعة من الخارج وكان من الأجدى لو أن الصناعة تقوم على مبدأ من المنجم إلى المستهلك. ومما لاشك فيه ان مثل هذا الأمر يحتاج إلى جهات تفرضه وتوحد توجهه وتدرس منطقية أسبابه. فكل صناعة تقوم على شيء مستورد تصبح رهينة لتقلبات الأسعار والاحتكارات الخارجية ناهيك عن أن صنع المواد الأولية ومن ثم تحويلها إلى مواد استهلاكية أو تصديرها أكثر نفعاً من أسلوب التجميع الذي تقوم به بعض المصانع.
أما وزارة المياه والكهرباء فلها أساس مباشر بالعلوم والتقنية ؛ حيث إن جميع فعالياتها سواء كانت في مجال تحلية مياه البحر أو إعادة تدوير مياه الصرف الصحي أو في مجال توليد الكهرباء يحتاج إلى توطين تلك التقنيات وتطويرها من خلال مختبرات ومراكز أبحاث وطنية تعتمد البحث والابتكار ركيزة أساسية لمشروعاتها. وفي سبيل تحقيق ذلك يمكن جلب وإعداد العلماء والمختصين وبذل كل الجهود من أجل الاستغناء ولو جزئياً عن الاعتماد على المستورد.
وإذا ألقينا نظرة على وزارة الزراعة نجد اننا بحاجة إلى أبحاث الحد من التصحر وإعادة الغطاء النباتي والبحث عن الوسائل التي تحد من استهلاك المياه في الزراعة وتعميم استزراع النباتات التي لا تحتاج إلى كثير من الماء ناهيك عن الأبحاث التي تتعلق بالثروة الحيوانية. إن مبدأ الأمن الغذائي في حده الأدنى يجب أن يكون من الانتاج المحلي ويجب أن تكون وزارة الزراعة مسؤولة عن تحقيقه.
أما وزارة الصحة بمستشفياتها ومختبراتها ومراكزها الصحية والبحثية والعلاجية فإنها تستخدم كثيرا من المواد والأجهزة والمعدات المستوردة وتشبهها في ذلك وزارات ودوائر حكومية وخاصة كثيرة.
التعليم الأهلي بدأ يشق طريقه على شكل جامعات وكليات ومعاهد متخصصة أو عامة وإذا أعدنا النظر نجد أن هناك عددا من المؤسسات العلمية والتقنية حديثة المنشأ وذلك مثل هيئة الدواء والغذاء تحتاج إلى جهود جبارة للوفاء بالتزاماتها التي تعتمد كلياً على العلوم والتقنية وهي وغيرها سوف تجد نفسها معتمدة على الأجهزة والمواد والأدوات المستوردة.
لذلك وبإمعان النظر نجد أن المملكة تخوض غمار حراك علمي وتقني في مجالات تعليمية وبحثية وصناعية وخدمية وأمنية وعسكرية وعلاجية وتشخيصية ولكن القاسم المشترك فيما بينها أن جميع المعدات والأدوات والأجهزة وكثيرا من العاملين عليها سواء في مجال التشغيل أو الصيانة مستوردة وعمرها الافتراضي قصير جداً حيث تتقادم بمجرد ظهور جيل جديد منها وغياب قطع غيارها والأهم غياب من يستطيع تأليف قطع الغيار وإصلاحها لذلك نجد بسبب ذلك اننا نهدر بلايين الدولارات في الاستيراد وبلايين أخرى حوالات العمالة المستوردة أيضاً.
من ذلك كله يصبح وجود مجلس أعلى للعلوم والتقنية في المملكة أمراً مهماً وذلك لتحديد سياسات الدولة العلمية والتقنية والتي يجب أن تتواكب مع استراتيجيات خطط التنمية وأن تضع القواعد والنظم التي تضمن توطين التقنية خلال فترة زمنية محدودة ، وضمان قيام مراكز جودة وبحث وابتكار وتطوير محلية ناهيك عن وضع خطط زمنية للاكتفاء الذاتي في مجال العاملين المهرة في مجال التشغيل والصيانة وكذلك في مجال البحث والتطوير ليس هذا فحسب بل إن ذلك المجلس يجب أن يكون مسؤولا عن ايجاد قاعدة معلومات عن الكوادر العلمية المحلية والمجلوبة لأن ذلك يسهل على كلّ من صاحب القرار وكذلك الجهات الرقابية والتنفيذية متابعة تلك المتغيرات والحرص على الحد من سلبياتها وتعزيز ايجابياتها.
نعم أنا أعيد اليوم طرح اقتراح انشاء مجلس أعلى للعلوم والتقنية على أعلى المستويات تكون له مهام تشريعية ورقابية وتنفيذية من أجل التنسيق بين جميع القطاعات المهتمة بالعلوم والتقنية والعمل على تكاملها وتحفيزها على توطين كل فعالياتها وان يكون الاستيراد من الخارج سواء في مجال المواد أو المعدات أو الأجهزة أو العاملين عليها في أضيق الحدود ، وما تفرضه الضرورات القصوى لأن ذلك هو السبيل لخلق توجه موحد وسياسات ومنهجيات وطنية لها مردود كبير في مجال الاكتفاء الذاتي وفتح فرص العمل أمام الشباب الطموح وتقليل الهدر المالي الذي يذهب في استيراد المواد والأجهزة والمعدات أو حوالات العاملين عليها وغيرهم والتي تقدر بمئات البلايين من الريالات.
هذا وقد اشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى بعض المهام والاستراتيجيات التي يمكن ان يقوم بها أو عليها المجلس الأعلى للعلوم والتقنية والذي نطمح أن يرى النور قريباً أسوة بما سبق واقترحته وتحقق على أرض الواقع مثل هيئة الدواء والغذاء والاستفادة من الطاقة الذرية والمتجددة والخزن الاستراتيجي الذي هو الآن قيد الدراسة والاعداد وغيرها من الاقتراحات التي تجد طريقها إلى التنفيذ.
سدد الله خطى حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - وأخذ بأيديهم إلى كل ما فيه صلاح للبلاد والعباد..
والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.