مدير تعليم الطائف يشهد معرض تحدي الطباعة    الجوازات توضح أن تجديد جواز السفر إلكترونيًا لمدد الصلاحية من ستة أشهر    غوارديولا: يجب أن نفوز على توتنهام    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    الغيلاني وطاشكندي يحوزان جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية    القبض على 3 أشخاص لنشرهم إعلانات حملات حج وهمية    النيابة: إيقاف مواطن احتال على ضحاياه بالاستيلاء على مجوهراتهم    التجارة تتخذ 3 إجراءات بشأن مخالفات انتخابات غرفة الرياض    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    أمير القصيم يقلد العسعوس رتبته الجديدة "لواء"    النفط والذهب يتراجعان    حماية أجور العمالة المنزلية بدءاً من يوليو    أمير المدينة يتفقد مركز الترحيب واستقبال الحجاج    الجامعة العربية: استكمال السوق العربية المشتركة للكهرباء خلال 13 عاما    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان .. الأربعاء    ساوثجيت يرد على شائعات انتقاله لقيادة مانشستر يونايتد    محافظ الأحساء يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    غيابات الهلال أمام النصر في ديربي الرياض    سيفول رحمات: مبادرة طريق مكة سهلت رحلة الحاج    بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية    جامعة طيبة تحتفل بتخريج الدفعة العشرون من طلابها    تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    وصول أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    جامعة «مالايا» تمنح العيسى الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    لزيادة حجم القطاع 10 أضعاف.. السعودية تطلق خارطة طريق الطيران    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    هيئة الصحفيين السعوديين يقيم ندوة "المواقع الإخبارية التحديات والآمال"    حظر «الرموش الصناعية» على العاملات في تحضير الأغذية    الخليج يطرح تذاكر مواجهة الاتحاد .. في الجولة 32 من دوري روشن    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    البصمة السينمائية القادمة    نحو سينما سعودية مبهرة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    نسيا جثمان ابنهما في المطار    إبادة بيئية    تحسينات جديدة في WhatsApp    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    أمير تبوك يطلع على تقرير عن إنجازات واعمال فرع وزارة التجارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرجع الواقعي، في انشغالات الرواية العربية
نشر في الرياض يوم 28 - 01 - 2010

لو استطاع المتابع أن يحصي الروايات اللافتة في العالم العربي اليوم،أي تلك التي تحظى بالجوائز أو بقراءات الناقدين، لوجدها تدور حول القضايا الراهنة، وتلك القضايا في أحسن حالها لا تتعدى بضع مواضيع : حرية الجسد، الحرية السياسية والاجتماعية عموما.وأغلب تلك الروايات إن لم تكن كلها تعتمد سرد الواقع أو محاكاته. ويفضّل الروائيون والروائيات في الغالب صيغة الإعراب عن الذات الحقيقية والمتخيلة، او يضعون موتيفات توحي بعلاقة معلومة بين رواياتهم وتجاربهم الشخصية في تفاعل بين حاضر يمتد إلى الماضي وبيئة في مكان محدد.
ويكون على هذا الاعتبار، أحد اسباب رواج النص الروائي فضول القارئ في تتبع أسرار شخصية او تفصيلات في قضايا يتستر عليها المجتمع.
هذا الحال يؤدي بنا إلى تصور يرجّح إضعاف ممكنات تطوير أفق الرواية العربية وتعديها صيغة المحاكاة او الايحاء بها.
هذا الحال يؤدي بنا إلى فرضية تقول ان ليس أمام الرواية العربية سوى طريق واحد هو الواقعية، وموضوع واحد ذلك الذي يدور حول الراهن الذي تعيشه منطقة معينة. وحتى الرواية " التاريخية" او تلك التي تستمد من التاريخ موضوعها، عليها ان تجد منطقة تتلاقي مع استنطاق "هموم" الحاضر الذي يشغل الناس على نحو ملموس وإلاّ أخرجت من لعبة الانتشار.
كيف حدث هذا وهل تبقى الرواية العربية أسيرة " واقعيتها " أو اسيرة "واقعها" وفرق بين الاثنين مصطلحاً، ولكنهما يؤديان في النهاية إلى دائرة ضيقة تدور فيها الرواية العربية حول نفسها.
للخروج من هذا المأزق، اخترع الغرب رواية الخيال العلمي والفانتازيا وتيار الوعي والرواية الفلسفية والصوفية والرواية الرياضية، وسواها من أصناف الرواية الهاربة من محاكاة الواقع.كما تغيرت مفاهيم الواقعية وتشعبت فدخلت الواقعية النقدية والواقعية السحرية وما بعد الواقع وغيرها من المصطلحات التي قرأت الرواية المعاصرة.
ولمسايرة هذه الموجة، كانت ستينات وسبعينات القرن المنصرم وما بعدها حافلة عربيا بتقليد روايات تيار الوعي والواقعية السحرية والفانتازيا الشعرية. وبدأت هذه الرواية في مطلع التسعينات تتجه إلى تقليد الليالي العربية من حيث هي بنية لتوالد الحكايات، في اقتفاء أثر ماركيز وسواه من روائي اميركا اللاتينية، وظهرت الاصوات التي تطلق على نفسها او يطلق النقاد على رواتها لقب " شهرزاد" السارد او الساردة. ولكن لماذا انتظم الحال الآن في صيغة الرواية التسجيلية التي يدخل فيها الحدث السياسي الفوري، والشخصيات والأزمنة والأمكنة الراهنة، وكأنها الوسيلة الروائية الوحيدة للوصول إلى القارئ؟
علينا ان نضع جملة من الافتراضات، ومن بينها شعبية الرواية في العالم العربي، بعد أن كان الشعر سيد الأجناس الأدبية، فهي اليوم هي الأكثر مبيعا، وهي التي تُرصد لها الجوائز ويقتفي أثرها الأدباء الشباب والقراء والنقاد.أي انها لم تعد فن نخبوي في زمن التواصل الجديد، فالقراء العاديون يحرصون على أن يكتشفوا من خلالها مجريات عالمهم وعواطفهم الخبيئة، وتلوح الرواية في محاولتها مقاربة مواضيع مثل الجنس او السياسة التعويض عن نسق يخالفها. فالمجتمعات العربية تبدو في ظاهرها، وكأنها تتجه إلى التاريخ في رحلة معاكسة، فحركات الإسلام السياسي التي تهيمن على الشارع العربي، تؤسس خطابا شديد المحافظة، وتكاد تصوراتها وأفكارها تهيمن على الكثرة الكاثرة من الجماهير، إذن من اين يستمد الروائي القدرة على السير عكس التيار؟ يبدو الحال وكأن قراء الرواية يشكلون ما يرشح عن تلك المجتمعات من فجوات، ولكن الناظم الأساسي لتلك الروايات يبقى يتحرك على السطح المرئي للعلاقة بين حدي السلطة المحافظ والمنفتح. فالسرد الروائي للواقع عبر تصويره القمع السياسي والاجتماعي، يخلق فضولا عند القارئ ولكنه لا يخلق تقليدا روائيا يتجه عمقا نحو ما يمكن أن نسميه استبطان العلاقات المركبة في قضايا الحرية ، حرية المرأة وحرية العقيدة على سبيل المثال، فعندما تغرق مكتباتنا الروائية بموضوع الجنس يغدو التفصيل فيه مملا أيا كان جنس قائله، ولكننا نبقى نحسبه فعل مقاومة للقمع تقوم شعبية الرواية على أساسه. كذلك تملك الرواية الجرأة على تحدي الاستبداد في بلدانها وتصوير القمع السياسي، وتلك مواضيع إنسانية شديدة الأهمية، ولكنها تعفي نفسها من مقاربات اخرى للمجتمع ذاته من حيث هو بنية متحركة تنتج آلية سلطاتها الخفية والمنظورة، وهي لا تحصر بمواضيع ظاهرة مثل الجنس والسياسة. الروائي العربي اليوم يبحث عن إشكالية ما ضمن منظورات تبدو واضحة وأقرب الى الثوابت، انه مطالب بالدوران حول تلك الثوابت أو ما يعتقد بانها تابوات، ولا يسعى إلى الخروج من مأزقها إلى ما يُشكل على المجتمع من قضايا، وما يُشكل على الكاتب من طرق سردية. فكل ما قيل روائيا يعفي الذات الروائية من مشكلاتها الحقيقية، لأنها تقف أمام مهمة " نضالية" على المستوى السياسي والاجتماعي، وهي بالضرورة كمنتجة لعمل فني تجد نفسها في غير حاجة الى تجاوز صيغها السردية الراهنة، مادامت تهرع إلى مواضيع بعينها لتحصد عبرها الجوائز وتحوز على البست سلر. فالكثير من الروايات التي اعتبرت ناجحة، تحفل بثرثرات تفتقد الى فطنة الابتكار حكائيا، فهي أقرب إلى خاطرات ساذجة وتمرينات لغوية، ولكنها تلامس قضية معينة ساخنة من تلك التي يمنع الخوض فيها او ما يسميه الكتاب "المسكوت عنه" .و بعض الروايات التي حظت باهتمام القارئ والناقد تعاني من عطوب بنائية في طريقة تمثلها للتاريخ كحكاية من الماضي وكصيغة مروية في زمن يمتد في الحاضر، ولكن مجرد استعادة تلك التواريخ تثير حنيا وتستدعي مشاعر جمهور معين بمن فيهم من يكتب النقد ومراجعات الكتب.
لعل الكثير من المشكلات التي تعاني منها الرواية العربية تتعلق بوسائل الاتصال الحديثة، وطرق توظيفها الثقافة وعرضها على الجمهور، والآخر يتعلق بما يعانيه الفكر العربي من فجوات معرفية، وما يفتقده النقد الصحافي من شجاعة تخرجه من صيغة تبادل المنافع الى وظيفة المشاركة في تطوير الرواية باعتبارها الجنس الادبي الأكثر رواجا في العالم العربي.والتعويل على النقد الصحافي لا الأكاديمي، يستتبع حاجة راهنة عالمية وليست عربية فقط، والحديث يطول في هذا الشأن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.