من يقرأ التصريحات لوزير النفط العراقي حسين الشهرستاني مؤخرا سيضع أسئلة كثيرة وسيناريو متعددا لمستقبل النفط عالميا في ظل أزمة مالية لم يخرج منها العالم حتى الآن، فالوزير العراقي صرح أن خطط وزارته تتجه إلى أن تصل الطاقة الإنتاجية خلال خمس سنوات ستصل إلى 12 مليون برميل، وهي التي لا تنتج الآن أكثر من مليوني برميل يوميا، وهي لا تدخل ضمن دول الأوبك بنظام الحصص لوضعها الخاص، فلا حصص مقرره لها أو التزام بها. وحين نقرأ العقود التي وقعتها الحكومة العراقية بتفاصيل دقيقة موسعة يلحظ حجم الإنفاق الكبير والاستثمار المتوقع في القطاع النفطي العراقي، وأن تحقيق هذا الهدف من الإنتاج خلال هذه الفترة الزمنية سيضع العراق ثاني دولة منتجة بالعالم متفوقة على روسيا وبعد السعودية، وحين نطرح سؤالا واحدا فقط وهو، هل العراق سينتج هذه الطاقة الإنتاجية بكاملها ومنفردا وبدون الخضوع أو الالتزام باتفاقيات أوبك رغم أنها دولة عضو منذ 1960 ميلادية. بتقدري الشخصي والمتابع للشأن العراقي لا يوجد ما يبرر التزامها أو ارتباطها بمنظمة أوبك خاصة وأن العراق يحتاج لمئات المليارات لبناء دولة من جديد وقضت الحروب على البنية التحتية لها، العراق يملك مخزونات نفطية تختلف التقديرات كم مقدارها ولكن المؤكد أنه يملك احتياطيا يعتبر تصنيفيا من أوائل الدول التي تملك احتياطيات كما هي السعودية، ولعل هذا الدعم الذي يأتي من المخزون يضع قوة العراق "النفطية" القادمة واضحة، فهي أموال عاجلة وضخمة، ودولة مدينة لدائنين متعددين، وصراعات وحرب داخلية تحتاج إلى مصروفات كبيرة، كل ظروف العراق تضعه في حالة الزام أن ينتج بكميات كبيرة بقدر توفر هذه الطاقة الانتاجية تباعا. حين ننظر لمستقبل النفط وقوة العراق النفطية التي ستأتي وهي مسألة وقت، ومع ظروف الأزمة المالية التي قد تكون مستمرة لسنوات حتى الآن، سيضع الأسعار بين مطرقة وسندان العرض المرتفع من النفط الذي يقارب الاستهلاك العالمي 85 مليونا يوميا ونصيب دول الأوبك الثلث فقط والباقي من خارج أوبك، وكانت أوبك ولا تزال العامل المرجح للسعر أي المحافظة عليه مع كل تغير في العرض أو الطلب، وحين نرى مستقبل النفط وقدوم العراق الهائل والضخم، وحتى مع انحسار إنتاج بعض الدول خلال الخمس سنوات سيعني ذلك أن العرض سيكون كبيرا بما يؤثر على الأسعار، ان لم تكن حرب أسعار نفطية متوقعة، ويتوقع أن يكون العراق غير مهتم أو ينظر لأي اعتبارات متحفظة للإنتاج خاصة وأنه يحتاج لكل دولار وأيضا للعقود التي وقعت مع شركات النفط العالمية التي يتجاوز عددها 20 شركة تنقب عن النفط، وستحصل على ما يقارب الدولار أو نحوه مع كل برميل يستخرج، ستكون تكلفة الطاقة بمحك كبير مع دول قوة انتاج العراق، وهذا ما يضع مستقبل الدول النفطية بأزمة كبيرة باعتبار أن حجم الإنفاق السنوي يتزايد ويرتفع سنويا في ظل توقعات تراجع أسعار النفط وضعف الدولار ومتغيرات كبيرة وكثيرة، فما أعدت دول الخليج النفطية حيال هذه المتغيرات التي لن تطول حتى تطل علينا من جديد مع العراق الجديد.