المُتتبع للنشرات الإخبارية تلفازا وراديو ومقروءا ، يجد غربة اللغة العربية في وطنها .لقد اختفى الالتزام بالقواعد النحوية وظهر التلاعب وعدم الاهتمام بذوق السامع في التقارير والنشرات والحوارات في دكاكين الفضاء. محطة فضائية واحدة ، في ذهني ، للتلفاز والراديو ، تتتبع الأخطاء اللغوية لمذيعيها وتحاسبهم على اللحن ، وتدربهم وتمتحن قدراتهم وكفاءاتهم قبل أن تسمح لهم بالانتساب إلى برامجها . ولكونها تبث من عاصمة غربية فلديها الخيارات فى انتقاء الأحسن لأن معظم كفاءات اللغة والأداء الصوتي والترجمة تحتضنهم عواصم أوربا ، ولأسباب كثيرة نعرفها جميعها . أسباب كثيرة ، أزعم أن أهمها سهولة التعاقد دون واسطة ، وعدالة المردود ، والتقدير الاجتماعي وسهولة التقاضي ، وندرة أو ، بالأحرى ، انعدام الفصل التعسفي ، ووجود نقابة مهنة ذات أسنان حادة ، تقف مع المبدع دون أن تسأل عن جنسيته. هذا فيما له صلة بالمهنيّة والاحتراف . أما المزايا الأخرى البيئية والصحية والتعليمية فلا يتسع المجال لذكرها لكثرتها . ومن مصاعب فنون الإلقاء والحوار وقراءة النشرات والترجمة أن لا غنى لمن أراد أن يحترف أحدها أن يكون ضليعا في لغتين معا ، وهذا أمر ليس سهلا . وقيل إن اللغة – اي لغة – لا تقبل ضرّة ولا بد أن تطغى إحداهما على الأخرى . فإذا فكّر المرء - عند معرفته للغتين – تزحم ألفاظ اللغة الأقوى على تفكير القارى أو المحاور أو المترجم . وقد فطن المغتربون العرب في عواصم العالم وأخص منطقة المتوسط ، قبرص واليونان . وكذا البعيدون قليلا ، لندن وباريس أن الترجمة أعسر من الإنشاء ، لأنها أيضا تتطلّب معرفة جغرافية وأمكنة . وأتفق معهم في أن الإخلال بأسماء الأمكنة لا يجعل النطق هزيلا فقط بل مثيرا للضحك . نأخذ مثلا : لم أسمع فضائية واحدة تنطق مكانا في دولة قطر اسمهُ " العْديد " والجميع ينطقها " العيديد " جاهلين أن مفردة " العديد "- بسكون العين وإمالة الياء هي تصغير لمفردة " عِدّ " وتعني الماء أو البئر . والكلمة معروفة فى الأدب الشعبي في الجزيرة والخليج . ولم أعثر على أصل فصيح أو اشتقاق . وأهل السودان في ترجماتهم وتحررياتهم ، وهم ناشطون في ميدان اللغة والترجمة يُكثرون من إهمال المبني للمجهول ونائب الفاعل ويضعون مفردات " تمّ " أو " يتم " مثلا : وستتم الصلاة عليه ، بدلا من " وسوف يُصلّى عليه ".