تعيش الكرة السعودية على مستوى المنافسات المحلية موسما رائعا أعاد شيئا من الوسامة لوجهها الذي اعتراه الشحوب، والدماء لشرايينها التي أصيبت بالتجلط، بيد أن ذلك لم يمنع وجود بعض المنغصات تسبب فيها بعض المتنفذين داخل المؤسسة الرياضية الرسمية عبر هذه اللجنة أو تلك، إرضاء لمن لا يؤمنون بأهمية المنافسة المشروعة ممن تغلغلوا في رياضتنا عبر "بروباغندا" تهدف إلى استغلال المجال الخصب للرياضة لتسويق مصالحهم الشخصية. تلك المنغصات دفع ضريبتها منتخبنا الوطني حيث أسهم شحن الجو الرياضي بسموم التعصب وتلويث فضائه ببكتيريا الكراهية بانحسار المشجع الرياضي عن دعم "الأخضر" وفتور العلاقة معه إلى حد أن البعض صار لا يخجل من أن يجاهر بأن تأجيل مباريات فريقه لمصلحة استحقاقات المنتخب في تصفيات كأس العالم فيه إضرار بناديه بدلا عن النظر للأمر من زاوية المنتخب أولا ثم النادي. ولست مبالغا إن قلت أن حقن الجماهير بمورفين التعصب للأندية، وغسل أدمغة اللاعبين بأفكار تنحو باتجاه إعطاء النادي الأولوية في الولاء للنادي في قبالة المنتخب، هي السبب في التراجع الذي يشهده مؤشر "الأخضر" في منافساته الدولية والتي تجلت مؤخرا في حضوره في تصفيات المونديال و"خليجي 19"، دون أن أغفل الأخطاء الأخرى التي أعادت الكرة السعودية خطوات للوراء، لاسيما ونحن نشاهد كيف يكون تفاعل اللاعبين والمشجعين على السواء مع أنديتهم بالمقارنة بتفاعلهم مع المنتخب الوطني وهي حقيقة لا مناص من الاعتراف بها. يخطئ من يظن أنني أريد أنني أدعو لترك تشجيع الأندية والتفاعل معها أو حتى الذوبان فيها، بحيث لا يعود الهلالي هلاليا، ولا النصراوي نصراويا، أو الاتحادي اتحاديا، لأن مجرد التفكير في مثل هذه الدعوة ضرب من السذاجة، لكن ما أدعو له هو حتمية أن تكون هناك عملية ترتيب للأولويات في التشجيع والانتماء، وهي التي تبعثرت بسبب تفشي بعض الأفكار المسرطنة في جسد الرياضة السعودية، والتي ساهم في انتشارها بعض الدخلاء من أصحاب النفوذ المالي، واحتضنها آخرون من باعة الضمير من حملة الأقلام والميكروفونات الرخيصة. واليوم حيث يتحضر منتخبنا الوطني لواحدة من أهم مبارياته في تصفيات كأس العالم حيث سيواجه منتخب إيران، وهي المباراة التي تعد مفترق طريق بينه وبين جنوب أفريقيا، أدعو العقلاء من حملة الفكر الوطني ببذل مساعيهم الحثيثة لنشر أوكسجين الوعي في أدمغة مكونات الحراك الرياضي السعودي، والعمل على طرد ثاني أكسيد التخلف الرياضي الذي تسبب فيه أصحاب الرغبات الشخصية والمصالح الضيقة. إن منتخبنا الوطني هو بحاجة ماسة لوقفة صادقة لإنقاذه من الواقع الصعب الذي يتهدده بالتخلي عن واحد من أهم مكتسباته التي حققها في العقدين الماضيين وهو الوصول للمونديال، لأن حدوث ذلك يعني أن كرتنا قد دخلت مناطق ملغومة قد يصعب عليها الخروج منها إلا بأضرار قد ندفع ضريبتها جميعا، فهل نعي ذلك؟!.