في مجموعته الأولى والموسومة برغبات؛ تلحظ تقنيات النص القصصي الجديد؛ من حيث تقنية الكتابة، تلك الكتابة التي تعتمد على الاختزال بأقل قدر من المفردات التي تصل بك للمعنى. ولا يدع الكاتب فيها للنص العنان بحيث يشطح به مثلا، او يدخل به في تفاصيل لا يريد أن يوردها. فالاختصار هو سيد الموقف. لكنه اختصار غير مخل. التقينا كثلاث قضايا في قسم الشرطة!. في ملل الانتظار: أتى سيد المكان مصعّراً خده صرخ في الأول: ماهي قضيتك؟ جحظت عيناه من الذعر: وسكت! نظر بفوقية الى الثاني: وأنت؟ أخرج في هدوء بطاقة المكانة؛ ليكشف عن ترتيبه في سلم الأهميات. تأمل الثالث ببراءة، وقال: عفواً، ماهي مشكلتك؟ أجاب بحسرة وألم: لا أملك بطاقة!! (نص بطاقة ص33). هناك قضية ما، في كل نص يكتبه فوزي المطرفي، انه لا يكتب عبثا، ولا يريد ان يستبق الزمن والأحداث، لذا تخرج نصوصه مترابطة بشكل جلي، وفوق هذا تتمتع بنكهة خاصة، تشي بقلم قاص واعد، فما دام الكاتب القاص شق طريقه بلغة خاصة؛ فهو لا محالة سيحفر هذه اللغة ويوقعها توقيعا في عقول القراء: مرارة سقوط الشرف الرفيع في الأذى، حطم آمالها وأحلامها، وقادها الي هاوية سحيقة بعيدة الغور. (نص صبا ص37). ان الزج بمعنى بيت المتنبي الشهير هنا في بداية القصة، لهو نوع من ابتزاز القارئ، ولكنه ابتزاز محمود، كون البيت سيجبر القارئ على إكمال النص، وحتى لو كانت الدلالات مابين البيت والقصة تتباين بشكل ما. والنصوص مليئة باستحضار كل ما يضفي على النص/ القصة دلالات مستحبة وجيدة، كالقصائد المغناة والأقوال التي جرت مجرى الأمثال بين الناس. وهناك عوالم كثيرة يأخذنا إليها القاص ابتداء من مكةالمكرمة مثل قصة شعب الخمارة، وليس انتهاء بأجواء القاهرة وربما أجواء أخرى أوحت للقاص بهذه النصوص التي تناول فيها كل شيء، ابتداء من الحياة البسيطة وليس انتهاء بالتكفير والتكفيريين بالطبع. في نص فوزي المطرفي هناك صوتيم واحد يحكي، وكأن القصة ذات شخصية واحدة هي البطل وهي الشخصية المحورية، فهو يتحدث عن كل الشخوص، وعن الأماكن ايضا، وعن نفسه بالطبع أعني الشخصية لا الكاتب، وليس هناك من داع للبقية طالما كانت الشخصية المحورية قادرة على إيصال ما يريده الكاتب وهذا شيء من جديد تقنيات النص الجديد: خطر بباله أن يوصي الشاب المنهك من واقع تجربته، بأن لا يسكب عشقه دفعة واحدة، لمن يحب، خشيت ان تكبر الثقة وتشب عن الطوق، لكنه ادرك ان الايام كفيلة بأن تخبره بذلك، انها لا تتأخر في مثل هذه المناسبات! (نص رسالة على حافة الاعتراف ص16). ربما قال كل شيء فوزي المطرفي، وربما لم يقل شيئا بعد! كل الذي تأكدت منه، هو قدوم قاص جيد. واحد وعشرون نصا جمعتها مجموعة فوزي المطرفي في ثمانين صفحة من القطع الصغير في كتاب لم يتبنّ أين طبع ولا تأريخ طباعته ولا دار نشره إن اراد الكاتب نشر هذه المجموعة الموشاة بالإبداع. سعد الثقفي