من الأخطاء الشائعة في الصحافة الاعتقاد بأن المنتجين الرئيسيين للبترول يقفون ضد تطوير مصادر بديلة للطاقة، لأن ذلك سيخلق منافسة للبترول تؤدي إلى انخفاض أسعاره. والعكس هو الصحيح لأن لتلك الدول مصلحة في توفر بدائل للبترول لأنه سيخفف الضغط عليها لزيادة إنتاج البترول، مما يؤدي إلى إطالة عمر الاحتياطي وإبقائه للأجيال القادمة. وقد ظهر في الصحافة الأمريكية المتخصصة مؤخراً أن وزارة الدفاع الأمريكية أعدّت منذ فترة دراسة عن إمكانيات المملكة العربية السعودية في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، وحسب هذه التقارير - لأن الدراسة ما زالت غير منشورة - فإن الدراسة أوضحت أن المملكة يمكن أن تكون "أكثر المناطق إنتاجية في العالم للطاقة الشمسية". وبطبيعة الحال يمكن إنتاج الطاقة الشمسية في أي مكان في العالم، ولكن العامل المهم هو التكلفة التي ما زالت مرتفعة نسبياً سواء للإنتاج أو النقل والتخزين. ولهذا فإن المناطق الواقعة على ما يسمّى ب "حزام الشمس" وهي أعلى المناطق حرارة في العالم وأقلها مطراً هي القادرة على الإنتاج بتكلفة منخفضة. ونظراً إلى أن محطات الطاقة الشمسية ستتطلب في البداية تزويدها بالطاقة من مصادر أخرى مساندة مثل البترول والغاز الطبيعي، فإن الدول التي تحتفظ باحتياطيات كبيرة منهما مؤهلة أكثر من غيرها لتطوير إمكانياتها. وتقع المملكة العربية السعودية في قلب "حزام الشمس"، ولديها احتياطيات كبيرة من البترول والغاز، مما يجعلها مكانا مثالياً لإنتاج الطاقة الشمسية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار البترول الذي يمكن أن يجعل إنتاج الطاقة الشمسية اقتصادياً بالمقارنة. وكانت هناك عدة مؤشرات خلال هذا الصيف عن الاهتمام الذي يبديه المسؤولون في العالم كله بتطوير تلك الإمكانيات، سواء فيما يتعلق بإنتاج الطاقة الشمسية بكميات تجارية أو نقلها وتصديرها. ففي شهر يوليو أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني جوردن براون حماستهما لتطوير التعاون في هذا المجال، وأعقب ذلك سيل من المقالات والدراسات عن إمكانيات ومزايا الطاقة الشمسية. وفي الوقت نفسه أبرزت نشرة بتروستراتيجيز Petrostrategies المعروفة تصريحاً لوزير البترول السعودي بأن المملكة تدرس بعناية إمكانيات تطوير الطاقة الشمسية بما يمكن أن يجعلها خلال العقود القادمة منتجاً مهماً للطاقة الشمسية. ويبدو أن مستقبل الطاقة الشمسية قد بدأ فعلاً. ففي الجزائر بدأت أعمال الإنشاء في إنشاء محطة للطاقة في منطقة )حاسي الرمل( تعمل بالغاز الطبيعي والطاقة الشمسية. ويُتوقع أن تنتج 150ميغاوات من الكهرباء بحلول عام 2010م وأن تبدأ بتصدير الطاقة الشمسية إلى أوروبا بحلول عام 2020م، بكميات قليلة نسبياً في البداية يمكن زيادتها تدريجياً، وإذا استمرت أسعار البترول في الصعود فإن ذلك سيكون مؤكداً. فهل ستحذو بقية الدول المنتجة للنفط والغاز حذو الجزائر؟