من أم عشر ولا نعرف هل تقصد فيضة أم عشر أو أم عشر الهجرة وإن كانت الأخيرة هي الأقرب تتبعت الإنجليزية فيوليت ديكسون (أم سعود) طريق قدومها إلى الوراء سنة قليلا 1963م كما تقول في كتابها أربعون عاما في الكويت ولمسافة قصيرة ثم سلك سائقها الطريق الذي ينعطف على الضفة الغربية للباطن باتجاه سامودة. لقد بدأ مشوارها إلى خزانات الماء وأكواخ القرية الضئيلة طويلا وغير مسلٍ، وكان هناك كثير من الشاحنات حول الخزان المربع والمرتفع. وكان أصحاب هذه الشاحنات مشغولين بتعبئة صفائحهم وبراميلهم بالماء بواسطة خراطيم للمياه. وقد قادت سيارتها حسب قولها إلى حانوت حيث كان أحد أدلائها يريد شراء القهوة (في تلك الفترة كان فرج القحص -رحمه الله- قد افتتح دكانا وورشة ومحطة للبنزين عبارة عن براميل تباع بمقياس الصفيحة والجالون فكان واحدا من أول وأشهر تجار سامودة). أثناء ذهاب مرافقها لشراء القهوة بقيت فيوليت في السيارة ولكن مرافقها جابر عاد إليها مسرعا ليخبرها بأنه يجب أن يتقدموا فورا إلى أمير سامودة الذي أخبره جواسيسه! كما وصفتهم بوصول سيارة غريبة وتحمل امرأة أوروبية وبالفعل التقوا الأمير وقدموا له كتاب أمير حفر الباطن فسارت الأمور على مايرام ولكن أحد المتفرجين لام مرافقيها وقال ل ناصر لماذا جلبت هذه (العنقريزية) إلى قريتنا قبل أن يطلب منه مغادرة القرية فورا لأنهم لا يريدونها. وتخشى أن ناصر قد رد عليه بجواب مقنع. على أطراف البلدة التقطوا ثلاث حزم من صوف الخراف النظيف وكان من الواضح أنها سقطت من إحدى السيارات وكانت النساء يسرهن الحصول على مثل هذه النوعية من الصوف لغزله. وواصلوا بعد ذلك طريقهم إلى مضارب مستضيفيهم حيث وجدوا الغداء جاهزا عند خيمة علي بن سعيد ووجدوا هناك أحد معارف زوجها ديكسون المفوض السياسي البريطاني في الخليج كان من قبيلة بني حجر وقد جاء إليها عندما علم بوجودها ثم دعاها لمضارب قومه حتى يقدموا لها واجب الضيافة وعرض عليها أن تقبل هدية سيقدمها لها عبارة عن مئة خروف إلا أنها اعتذرت عن قبولها وشكرته كثيرا على لطفه. في العصر ركبوا السيارة إلى تلال رملية كبيرة تعرف باسم هويمل. قد تقصد (عرق الهامل) والذي كما وصفته تنمو عنده مجموعات من نباتات العبل والأرطى وتجولوا في المكان فعثروا على أزهار (البصلمو) وهي أزهار سمراء تشبه الجريس وذات فقاقيع مملوءة بالعصارة. (مترجم الكتاب سيف الشملان الذي لم يوفق كثيرا في ترجمته وتحقيق بعضا من المسميات والأماكن ذكر أن هذه العشبة تسمى المصيلمو ويستخرج جذرها وبه ثمرة تشبه البصل بها حلاوة وقد قل وجودها كثيرا) وهناك تناولوا طعام العشاء الذي أقامه جابر بن هندي والد سائقها محمد وعلمت كما تقول بوجود الشيخ محمد أبو ليلى من بني مرة وصديق لها قديم وقضوا عندهم ليلتين في طريقهم للكويت وقد أسفت الكاتبة لانها لم تلتق به. في عصر نفس اليوم قدمت سيارة جيب من معسكر (مضارب) سليم أبو حديدة المجاور وتوقفت عند خيام علي بن هندي ونزل منها رجل عراقي وسمعته يقول شيئا عن سنه وعندما ذهب تساءلت عما كان يريد فذكروا لها أنه جاء إلى (باينه) زوجة علي بن هندي التي خلعت له اثنين من أسنانه كانا يؤلمانه حيث كانت خبيرة في خلع الأسنان فذهبت الكاتبة من أجل رؤيتها ومعرفة طريقتها في خلع الأسنان وقد أخرجت باينه من صندوق الصفيح الخاص بها زوجا من الملاقط ذات مقابض طويلة ومقوسة عند الأطراف وقالت بهذه جذبت أسنانه واقتلعتها ثم وضعت قليلا من الملح لإيقاف نزيف الدم. وهنا سألتها الكاتبة عما تتقاضاه مقابل هذه الخدمة. فأخبرتها باينه أنها تعمل ذلك لوجه الله ولا تتقاضى عنه شيئا وهنا تعلق الكاتبة قائلة: كان كثيرا من رجال العشيرة كبار السن فاقدين بعضا من أسنانهم واعتقد أن باينه هي التي خلعتها لهم في وقت من الأوقات ويبدو أن هذا لا يزال العلاج الوحيد لألم الأسنان في الصحراء. عندما استأنفوا رحلة عودتهم إلى الكويت وقبل أن يتوقفوا لتناول غدائهم عند أحد غدران المطر وعلى آخر الحدود السعودية شاهدوا على جانب الطريق جثث أغنام كانت قد سقطت من الشاحنات التي كانت تنقلها من الكويت إلى المراعي الخصبة في الدهناء وكانت تحوم عندها الكثير من النسور. فيوليت وزوجها وطفليهما بالزي العربي خلع الضرس بواسطة الكلاب سعود المطيري