منذ سنوات طويلة، والشارع الرياضي السعودي يعيش حالة ترقّب دائم مع كل مرحلة جديدة لاتحاد كرة القدم، على أمل أن تكون بوابة إصلاح حقيقية تعيد للمنتخب هيبته، وتمنح الكرة السعودية استقراراً إدارياً وفنياً يواكب حجم الطموح والدعم غير المسبوق، لكن الواقع، للأسف، يكشف أن اتحاد القدم ظل أسير دائرة مغلقة من القرارات المتخبطة والنتائج المخيبة، حتى باتت خيبات الأمل هي العنوان الأبرز لهذه المرحلة. المشكلة لم تكن يوماً في قلة الموارد أو ضعف الإمكانات، فالدعم المالي والتنظيمي الذي تحظى به الكرة السعودية اليوم يُعد من الأفضل قارياً، لكن الخلل يكمن في غياب الرؤية الواضحة والعمل المؤسسي طويل المدى. قرارات مصيرية تُتخذ بردة فعل، تغييرات فنية متسرعة، ولجان تُشكّل دون أن تُمنح الصلاحيات الكاملة أو تُحاسَب على نتائجها، لتتكرر الأخطاء ذاتها في كل استحقاق. على مستوى المنتخب، لم نشهد مشروعاً فنياً متكاملاً يبدأ من الفئات السنية وينتهي بالمنتخب الأول. كل مرحلة تُدار بمعزل عن الأخرى، وكأن المنتخب الأول كيان مستقل لا يمتد جذره إلى القاعدة، هذه القطيعة الفنية أنتجت منتخباً يفتقد للهوية، ويدخل البطولات الكبرى دون شخصية واضحة أو أسلوب لعب مستقر، لتكون النتائج انعكاساً طبيعياً لهذا التخبط. أما ملف المدربين، فقد تحوّل إلى أحد أبرز رموز العشوائية. تغييرات متكررة دون تقييم حقيقي، تعاقدات لا تُبنى على احتياج فني دقيق، ثم تحميل الأجهزة الفنية وحدها مسؤولية الفشل، في وقت يغيب فيه النقد الصريح للقرار الإداري نفسه. فالمدرب، مهما كان اسمه، لن ينجح في بيئة تفتقر إلى الاستقرار والدعم الواضح. الخيبة الأكبر تكمن في الفجوة المتسعة بين تصريحات الاتحاد وما يحدث على أرض الواقع. وعود متكررة بإصلاحات شاملة، وخطط استراتيجية لا يلمس الشارع الرياضي نتائجها، لتتحول الثقة إلى حالة من الشك، ويصبح الجمهور في مواجهة مباشرة مع الإحباط، لا مع الخصوم داخل الملعب. اليوم، لا يحتاج اتحاد الكرة إلى مزيد من التبرير، بقدر ما يحتاج إلى مراجعة شجاعة تعترف بالأخطاء قبل البحث عن شماعات. المرحلة المقبلة تتطلب إدارة تملك الجرأة على التغيير الحقيقي، لا التجميل المؤقت، وتؤمن بأن النجاح يبدأ من التخطيط السليم والمحاسبة الصارمة، لا من تبديل الوجوه وتكرار الوعود. كرة القدم السعودية تستحق أفضل مما قُدم لها في هذه المرحلة، والجمهور لم يعد يطلب المعجزات، بل يطالب فقط بعمل احترافي يوازي حجم الطموح. فهل يكون اتحاد القدم قادراً على كسر حلقة خيبات الأمل المتكررة، أم أن القادم سيحمل ذات السيناريو بأسماء مختلفة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة. جابر الغامدي